عرض كتاب: المرأة والصراع النفسي لنوال السعداوي

كتب – مارك أمجد

محور الكتاب:

في كتابها “المرأة والصراع النفسي” تتحدث الدكتورة نوال السعداوي عن الوضع النفسي للنساء في مجتمعاتنا العربية، وكيف أن هذه الأوضاع ما هي إلا انعكاس لما تجتازه المرأة من صعاب، بداية من طفولتها التي تتلقى فيها تعاليم صارمة حول عفتها وشرفها وطريقة جلوسها ومشيها، مرورا بعلاقتها الزوجية والتي غالبا لا يكون لها حق اختيار زوجها فيها، انتهاءً بتحولها من امرأة إلى كائن كادح يبذل كل مجهود في الحقل أو المصنع أو الشارع من أجل استقرار البيت، دون تقدير لهذا التفاني واعتباره واجبا مقدسا، والتقليل من أي إنجاز شخصي قد تحرزه في مسيرتها الشخصية.
تتطرق الدكتورة نورال السعداوي لعدة مشاكل نفسية تتعرض لها المرأة، لكنها تخصص هذا الكتاب لمرض العصاب بالذات، والعصاب كما تعرفه السعداوي وفقا لمعاجم أطباء النفس في العالم هو عدم القدرة على التكيف مع البيئة المحيطة ومحاولة التملص منها سواء بالغضب أو الجنس أو العادة السرية وأحيانا الانتحار.
وفي هذا الصدد تعرض السعداوي نماذج متباينة من نساء مجتمعنا وُضعت محل دراسة لفترات طويلة منهن المتعلمات والأميات والعاملات وربات المنزل، من القاهرة والأرياف، متحررات أو خاضعات للسلطة الأبوية. وتم جدولة كل هذه النماذج وفقا للشرائح العمرية والجغرافية والاجتماعية في جداول مقسمة تقسيما واضحا بالكتاب، وبعد كل جدول تعرض المؤلفة موجزا للنتيجة التي تقنعنا بها أرقام البحث والاستقصاء.

أساليب بحث الكاتبة:

اعتمدت السعداوي في الإعداد لمادة هذا الكتاب على أكثر من مصدر:
1- عملها لفترة طويلة بالطب النفسي في مصر وتعرضها لنماذج نسائية عديدة، كل واحدة منهن لديها قصة تصلح أن تصير فيلما أو رواية، وقد طرحت المؤلفة بعضا من هذه النماذج في الكتاب على هيئة فصول، وكل فصل بالاسم الحقيقي لصاحبته، مما يزيد من مصداقية وحميمية البحث عند القارئ.
2- أبحاث الأطباء الزملاء لدكتورة نوال السعداوي، وإن كانت اشتكت بصراحة أنه لم يكن هناك تعاون كبير من جانبهم، نظرا لحساسية القضية في مجتمع محافظ كمجتمعنا، وهي تذكر واقعة تعرضت فيها ذات مرة للنقد من أجل عنوان أحد أبحاثها بسبب احتوائه على كلمتي: “المرأة” و”الجنس” فاضطرت لتحويل الأخيرة إلى “الأمراض النفسية”. وكم تضايقت من أجل هذا التشويه المقحم على مادتها الأكاديمية، لكنه لم يكن ليرى النور دون تلك المناورة.
3- نظريات علم النفس التي أقرها علماء أجانب منذ قديم الزمن. وللحق فهي لا تناصرهم جميعهم إذ تعتبر مثلا سيجموند فرويد مبالغا في آراءه، بسبب تحويله لكل المشكلات النفسية التي يجتازها الإنسان لأساس مشكلة أخرى جنسية. وهي تعتبر فرويد وغيره ممن تبعوه ذكوريين في نظرتهم للمرأة، لأنهم يرجعون كل مشكلاتها لطبيعة جسمها وتشريح أعضاءها، والسعداوي تراها نظرة ضيقة الأفق جدا وفي غاية الظلم والسخافة.

مقطع من الكتاب:

وبمثل ما تتجاهل المرأة الأعراض التي تشعر بها، بمثل ما يتجاهلها من حولها من أفراد الأسرة، وبالذات إذا كانت الأسرة من الطبقة الكادحة أو المتوسطة أو تحت المتوسطة، وهذه الطبقات في مجتمعنا تشكل الأغلبية الساحقة من الرجال والنساء والأطفال. وتتميز بأن مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية تغلب على مشاكلها الأخرى، وليس هناك من وقت أو جهد للاهتمام بالأغراض الجسدية غير الملحة أو غير المتعارضة مع سير الحياة، أو غير القاتلة أو المعجزة لرب الأسرة الكادح. أما الأعراض النفسية فلا أحد يهتم بها أو يلحظها، إلا إذا تحولت لمرض عقلي شديد، أو الجنون الكامل الذي يحول دون ذهاب الرجل إلى عمله أو يجعله خطرا على الأسرة أو المجتمع.

عن الكتاب:

المرأة والصراع النفسي صادر عن دار ومطابع المستقبل بالفجالة والإسكندرية ومؤسسة المعارف في بيروت طبعة أولى عام 1993 في 270 صفحة من القطع المتوسط.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر