الشاعر مصطفى جوهر: أنا ابن مدرسة البحث عن التفرد

عبر سبعة دواوين، حفر مصطفى جوهر (1975) لنفسه مكانا متميزا وسط شعراء العامية في مصر. رغم أنه اقترب من مجالات إبداعية عديدة، الرواية والقصة وشعر الفصحى.. والنقد السينمائي، وأخيرا النقد الشعري، وقد حاز مؤخرا جائزة إقليم جنوب الصعيد فى النقد الأدبي. يقترب تكوين جوهر الذى درس الأدب الإنجليزي من فكرة الفنان الشامل، هو رسام ، كثيرا من ينشر بورتريهاته على صفحته الشخصية على الفيس بوك، وكاتب أغاني أحيانا، وناقد موسيقي أحيانا أخري.. يجمع كل هذه التجارب الفنية المنحنى الإنساني الذي يركز عليه فى كل ما يفعل. رغم إقامة صاحب “القطرة الأولى من الصبح” فى قنا، إقامة دائمة إلا أنه لا يشعر بالبعد عن العاصمة، حيث لا تنطفيء مصابيح الإبداع، فالانترنت لم يجعل هناك أى إحساس بالبعد، كما كان فى الماضي. بمناسبة حصوله على جائزة إقليم جنوب الصعيد عن دراسته النقدية “مستويات التماهي والتناص قراءة في ديواني: لست على هيئة الطير للشاعر حسين صالح خلف الله، وصورة عائلية للبحر للشاعر أحمد محمد على” حاوره “باب مصر”:

 متى بدأت الكتابة الشعر؟ ولماذا هذا التنوع؟

بدأتُ الكتابة في مرحلة المراهقة، بداية المرحلة الثانوية، ومع بداية الكتابة أهملت الرسم ومتابعة مباريات كرة القدم، وقد كنت قبلها مهووسا بهما، وبالطبع كانت البداية بلا ملامح ملموسة؛ فلا يمكن تصنيف ما كان آنذاك بالشعر أو القصة، مجرد خواطر.

وجربت كتابة الشعر بأنواعه فصحى (تفعيلة ونثر)، والعامي (تفعيلة ونثر وأغنية)، والقصة القصيرة والرواية، ومارست النقد، غير أن النقد مرهون باستفزاز العمل لي، فالعمل هو الذي يحثني ويدفعني لتحليله وإبراز جودتها.

جائزة في الدراسات النقدية.. ليست الأولى في مشوارك الأدبي.. ماذا كان شعورك كونها أول جائزة في النقد لا الإبداع؟  

تستمد الجائزة أهميتها بالنسبة لي كونها الخبر الجيد المفرح في عام حزن، أما عن الجوائز، فقد حصلت على كثير من قبل المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة ثلاث مرات، أعوام 2000، و2003، و2007.

أي قصائدك أقرب لقلبك.. ولماذا؟

أحب القصائد إلى قلبي تعبر عنها مقولة “كلهم أولادي”، فهي مقولة صادقة تماما؛ فإذا كان الطفل يرث من والديه صفات وسمات؛ فالقصيدة كذلك، لابد وأن يترك الشاعر جزءا منه في ثناياها.

إلى أي مدرسة شعرية تنتمي؟

لا أميل إلى تصنيف المدارس والأجيال، وأعتقد أن لكل شاعر سماتٍ يبلغ بها التحقق والتميز، إن كان البحث عن التفرد مدرسة فأنا أنتمي إليها.

ذكرت في دراستك النقدية أن المبدع مغامر وعلي الدارس لنصه أن يحمل عبء المغامرة أيضا.. لماذا في رأيك المبدع مغامر والناقد أيضا؟

الإبداع لغةً الانطلاق من لا شيء، لهذا يقول النص القرآني: الله بديع السموات والأرض، وأن يصنع الإنسان شيئا غير مسبوق؛ هو عين المغامرة، أما عن مغامرة الناقد فقصدت بها أنه يتعاطى مع النص دون أفكار ونظريات مسبقة.

كشاعر.. أيهما تفضل التناص الصريح أو المقارب أو المبني على تأصيل ما؟

لكلٍّ من أنواع التناص دور، وإذا تم استثماره في مكانه الصحيح وتوقيته الصحيح؛ آتَى أُكُلَه، إلا أن التناص المبني على تأصيل – كونه غير مباشر – هو الأقرب للصورة الفنية والإبداعية التي أفضلها.

أثير كلام كثير عن أزمة النقد.. وبعض القراء لا يفضلون قراءة النقد.. لماذا تلك الفجوة بين النص الإبداعي والمتلقي؟

للدراسات النقدية وعروض الكتب، أهمية كبيرة؛ التجربة الإبداعية منتَج يحتاج إلى الإعلان عنه، ومجرد النشر لا يعني أن المنتج قد وصل لعدد لا بأس به من المتلقين، كما أن التناول النقدي للتجارب الإبداعية يعمل على الفرز والتأكيد على الجودة، كثير من الناس لا يميلون إلى الدراسة النقدية، وذلك بسبب النظريات والمصطلحات التي يحول عدم إدراكها دون التواصل معها، كما أن بعض الدراسات تأتي محملة بلغة مقعرة يصعب على الجميع فهمها.

في دراستك ربطت بين الإحالات التي يفرضها التضمين واستلهام التراث الإنساني هل من توضيح لهذه العلاقة؟

التناص هو استلهام تجربة ما، سواء مررتُ بها، أو سمعت عنها، أو قرأتها، ومن ثم أقوم ببناء النص، الذي قد يذهب في اتجاه بعيد، لكنه يظل على ارتباطه بجذره، ويذهب بعض المغالين إلى أن المنتج الإنساني ما هو إلا مراحل من التناص، نظرا للبنية التراكمية لهذا المنتج وهذا التراث.

أنت في الأصل شاعر وأديب ويقولون الشاعر ابن تجربته الذاتية التي يصبها دون عمد ولو بقدر في أعماله، ترى ما أكثر أعمالك تأثرا بتجربتك الذاتية؟

كل تجربة أيضا بنت المؤثر الفكري الذي يسيطر على المبدع أثناء الكتابة، وفي مراحل جدلها؛ فعندما سيطرت فكرة الموت بكل معالجتها الفلسفية والفنية؛ كتبت “كإنه شايف نهايته”، وعندما شعرت بأهمية السينما؛ كتبت “قعدة مونتاج”، كما أن”عادي جدا” ديوان كُتب في مديح العادي والهامشي واليومي، ذلك الذي ما زال يملك القدرة على الإدهاش، ومن ثم أجد تأثير تجربتي الذاتية منثورا في طيات كل نص كتبته.

أخيرا ما جديدك القادم؟

لدي فى الأدراج خمسة كتب.. منهم ديوانان فى شعر عامية” فيونكة حمرا”، و”سورة الريح”، وديوانان فصحي:  “أناشيد العزلة”، مقاعد شاغرة تحكى”، فضلا عن دراسات فى النقد السينمائى بعنوان ” أجنحة فى الملكوت”.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر