“العبابدة” و”البشارية”.. حماة صحراء مصر الشرقية

العبابدة والبشارية، قبيلتان تنتشران في الحدود الجنوبية الشرقية لمصر، يمتلكان تاريخ طويل من البطولات في حماية الحدود، في صمت.

“ولاد البلد” بدأت سلسلة الحكايات تلك، عن حماة الحدود الجنوبية الشرقية.

القبيلتان تنتشران جنوب شرقي مصر، وجنوبي السودان الشقيق، تربطهما صلات نسب ومصاهرة، ويعيشان في تجمعات بسيطة حول مصادر المياه

العبابدة.. عن الأصل دوّر

عوض هدل، رئيس جمعية العبابدة والبشارية في أسوان، يقول إن أصول قبيلة العبابدة تمتد إلى الصحابي الجليل الزبير بن العوام، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أما نسب البشارية فيرجع إلى قبيلة “البيجا” وهي قبيلة كبيرة من المقاتلين المحاربين في الجيوش، ويعيشون عيشة شاقة، لذلك يطلق عليهم “محاربي الصحراء”.

يتابع أن أبناء قبيلتي العبادبة والبشارية، مختلطون ببعضهم بعضًا، بسبب كثرة التزاوج والنسب بين القبيلتين، حتى يصعب التفريق بين أبناء القبيلتين.

العبابدة بين مصر والسودان

العبادبة والبشارية هما حلقة الوصل بين دولتي مصر والسودان، لأنهما يقيمان علي الحدود بين البلدين، وتربطهما نفس العادات والتقاليد والنسب، وقد يعيش أحد الأشقاء في مصر، وشقيقه الآخر في السودان، ومن الطبيعي تبدل الزيارات بينهما على فترات متقاربة، دون مشكلة.

العبابدة حماة البوابة الشرقية

يضيف هدل أن أبناء العبابدة والبشارية أكثرهم يعملون في الري وجمع الأعشاب الطبية، والتجارة الحدودية بين مصر والسودان، كما يعمل بعضهم حاليا في مجال كشف المعادن.

وينتشر أبناء القبيلتين في مناطق شاسعة من الصحراء، لذا يستعين بهم “الجيلوجيين” في أحيان كثيرة في الاستكشاف والتنقيب عن المعادن.

كما تستعين بهم القوات المسلحة للعمل كأدلة أو قصاصي أثر، إلى جانب ذلك فهم يعيشون علي الحدود ويمنعون أي تسلل إلى مصر عبر الحدود، لذا أطلق عليهم “حماة البوابة الشرقية”.

ينتشر أبناء القبيلتين أيضًا بكثافة قرب سواحل البحر الأحمر، في مناطق رأس غارب والقصير وحماطة وحلايب وشلاتين داخل مصر، بينما يعيش جزء منهم في مناطق بورسودان وكسلا والولاية الشمالية في السودان الشقيق، ويحملون نفس العادات والتقاليد.

لحم السلات

أكثر أكلات القبيلتين هي أطعمة طبيعية، وهو ما يعلل به أبناء العبابدة والبشارية سبب تمتعهم بصحة جيدة.

وحول الاكلات المميزة التي يتناولها أبناء العبابدة والبشارية، يقول الشيخ عوض هدل إن العصيدة هي الأكلة الأشهر، عند أبناء القبيلة.. وتتكون من الدقيق واللبن وسمن الماعز أو الإبل، ويستخدم اللبن كبديل للماء في جميع الأكلات، لتوافره بكثرة.

إلى جانب “العصيدة” تأتي “السلات” في قائمة الأكلات المفضلة.. وهي عبارة عن لحوم ماعز أو ضأن تطهى على الحطب والزلط النظيف، ويتبادل أفراد القبيلة تهادي الطعام واللحوم.

تجمعات أبناء العبابدة والبشارية تكون دائما حول مصادر المياه، سواء كان آبار أو عيون مياه.. ويعيشون في خيام داخل الصحراء يطلق عليها اسم البورش.. وتسمى أيضًا “بيت الشعر” لأنه يوجد فوقها غطاء خارجي عليه “بردة” من صوف الماعز أو الخرفان لمنع البرد.. والعجيب أن الزواحف لا تقترب منها رغم أنهم يعيشون في وسط الصحراء المليئة بالمخاطر .

الخلاوي

رئيس جمعية العبابدة والبشارية في أسوان يتابع أن الكثير من أبناء العبابدة والبشارية في الصحراء لم تتح لهم فرصة التعلم.. لكن في السنوات الماضية أنشئت مدرسة للتعليم الابتدائي في قرية العلاقي.. بالإضافة إلى افتتاح مدارس أخري في الشلاتين.. وبدأ أبناء العبابدة والبشارية الالتحاق بالتعليم تدريجيا في الآونة الأخيرة.

أما في السودان فيوجد تعليم يسمي  “الخلاوي”.. وهو يشبه الكتاتيب في مصر، وأطلق عليه الاسم نسبة إلى “الخلوة”، التي يختلي فيها الشيخ للعبادة.

الصديري والسواكني

وحول الزي الزي يرتديه أبناء العبابدة والبشارية، يقول الشيخ عوض هدل، إن أبناء القبيلة يرتدون السروال الفضفاض.. مثل العرب والبوجا والعراقي. وهي عبارة عن جلباب خفيف يصل إلى أسفل الركبة وفوقه الصديري الذي يسمي “السواكني”.. نسبة إلى بلدة سودانية اسمها سواكن، أما السيدات فيرتدين الثوب السوداني الذي يلف فوق الجلباب .

التنقيب عن الذهب

يشير هدل إلى أن المهن الأساسية للعبابدة والبشارية هي الصيد والري، لكن في عام 2011 اتجه الكثير من أبناء القبيلة إلى التنقيب عن الذهب في الصحراء الشرقية، عقب اكتشاف معادن.

وقد أنشأت شركة وطنية للتعدين، تسمح لأبناء العبابدة والبشارية بالتنقيب العشوائي عن الذهب، وفقا لتصاريح رسمية، وتحصل الشركة علي نسبة من الذهب المستخرج، وهو ما أدى إلى انتعاش الحالة الاقتصادية للكثيرين من أبناء العبابدة والبشارية في الفترة الأخيرة.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر