حكاية الشيخ عبدالعاطي.. خازن أسرار رؤساء جامعة الملك فؤاد

رجل بسيط يعد أول فراش في جامعة الملك فؤاد «جامعة القاهرة حاليا»، كان مسؤولا عن مكتب مدير الجامعة لمدة تزيد عن أربعة عقود متتالية، منذ أول مدير وهو الأمير فؤاد وحتى خامس مدير للجامعة الأهلية حتى لُقب بـ«شيخ فراشي الجامعة»، فى عام 1938 سألته إحدى المجلات عن مدى سعادته بالعمل قال: «ده سؤال ولا مؤاخذة مش ولا بد! أنا مبسوط إني اشتغلت مع أعظم الناس في مصر».

أول فراش 

الشيخ عبدالعاطي سليمان، أقدم فراشي جامعة الملك فؤاد، التحق للعمل بالجامعة في العاشر من ديسمبر عام 1908، وكانت مهمته هي خدمة الأمير فؤاد آنذاك (الملك فؤاد) الذي شغل منصب أول مدير للجامعة.

الزي الرسمي كان من أساسيات عمل عبدالعاطي، يقف أمام المرآة يوميا قبل الذهاب إلى العمل يشذب شاربه، يصفف شعره، ويضبط ربطة العنق والطربوش على رأسه، كل يوم خلال عمله في الجامعة كان يشبه أول أيام عمله، ينتظره بنفس الشغف.

 افتتاح الجامعة الأهلية

حضر عبدالعاطي سليمان حفل افتتاح الجامعة، وكان قد أقيم في مبنى الجمعية التشريعية بحضور الخديو، أعضاء الجمعية التشريعية، بطرس غالي باشا، وأعضاء مجلس إدارة الجامعة، ويبدو أن حضوره لم يقتصر على تلبية طلبات الحضور من شراب وطعام فقط، فقد كان شديد الانتباه لكل كلمة تُقال.

وسمع عبدالعاطي خلال الحفل، سعد باشا زغلول وهو يقول: «افتتاح الجامعة أول دعامة من دعامات الاستقلال قد وضعت في أرض مصر»، فقد كانت أول خطوة لتعليم المصريين الجامعي بإدارة وإشراف مصري.

عبدالعاطي سليمان
عبدالعاطي سليمان
الأمير فؤاد 

روتين يومي خاص اتبعه الأمير فؤاد خلال توليه منصب مدير أول جامعة مصرية، كان يحضر إلى مكتبه في الصباح الباكر، يقوم بأول مهمة وهي قراءة البريد ثم استقبال الضيوف، ويظل في مكتبه حتى انتهاء اليوم الدراسي، ولا ينصرف إلا بعد انتهاء كل الدروس والمحاضرات.

وبحسب ما قاله عبدالعاطي في حوار نشر عام 1945، فإن الأمير فؤاد لم يطلب منه شرب قهوة أو ماء إلا في الأيام التي ينعقد فيها مجلس الإدارة برئاسته، وكان طلبه فنجا قهوة واحد مثل باقي الأعضاء، نظرا لأنه كان شديد الانشغال بالمهام المسؤول عنها.

باشوات مصر

أما عن مجلس الإدارة الأول لجامعة الملك فؤاد (جامعة القاهرة حاليا)، تشكل من مجموعة من الباشوات، وهم  سعد زغلول، رشدي باشا، ثروت باشا، صدقي باشا، إبراهيم نجيب، مرقص حنا، ومسيو مسبرو.

وكان هذا المجلس على حد وصف عبدالعاطي سليمان، أنشط مجلس رآه منذ بداية عمله بالجامعة، وكانوا يجتمعون 4 مرات في الشهر على الأقل، وأحيانا ما كان يحضر السلطان حسين كامل (سلطان مصر منذ عام 1914 حتى عام 1917) هذه الاجتماعات.

دفعة العظماء

«جميع عظماء البلد كانوا تلاميذي» كان هذا رد عبدالعاطي سليمان عند سؤاله عن طلبة الجامعة في أولى الدفعات، وهم منصور باشا فهمي، طه حسين بك، العناني بك، حسن بك إبراهيم، عزام بك.

اعتبر عبدالعاطي سليمان نفسه محظوظا بالعمل كأول فراش في جامعة مصرية، وكان يحاول الاستفادة من كل من حوله سواء طلبة أو أساتذة، «كل ما أتعامل معاهم أطلع كسبان حكمة أو فكرة».

أول مكتب بجامعة الملك فؤاد بالقاهرة
أول مكتب بجامعة الملك فؤاد بالقاهرة
مدير جديد

أما عن تعامله مع مدير الجامعة لطفي السيد باشا، الذي عين مديرا للجامعة بعد نفي سعد زغلول باشا ومرقص حنا، قال عبدالعاطي: كانت القهوة مشروبه المفضل، كما أنه لم يبخل عليه بأى من معلوماته أو خبراته، وحين كان يتحدث معه في قضية صعبة على إدراكه كان يلجأ سليمان إلى الطلبة وبدورهم قدموا له المعلومة بشكل أكثر بساطة.

تميز لطفي السيد باشا بهدوء شديد في التعامل مع كل القضايا بالجامعة وكان أبرزها مشاغبات الطلبة والمظاهرات، خاصة عام 1932، ومظاهرات 1935، على حد وصف سليمان.

واستمر عمل عبدالعاطي سليمان أول عامل في الجامعة لعدة عقود، حتى لقب بـ«شيخ الفراشين» وظل هو المسؤول عن مكتب مدير الجامعة، وشهد تولي مدير جديد للجامعة وهو علي باشا إبراهيم، الذي اتبع نظاما يوميا، فقد كان ينجز المهام في أسرع وقت ومنها الأوراق التي تتطلب منه رؤيتها، ولاحظ سليمان أنه على المستوى الشخصي حنون وكريم.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر