حكاية “كفافيس”.. المصري اليوناني الذي لا يعرفه الكثيرون

يعد قسطنطين كفافيس، واحدا من أعظم شعراء اليونان فى العصر الحديث، وهو مصري يوناني، ويعبر فى شعره عن التلاقى المشترك لعالمين: اليونان الكلاسيكية.
يقع  متحف كفافيس فى شارع صغير، متفرع من شارع إسطنبول خلف مسرح سيد درويش، ربما لا يعرفه الكثيرون من أهالى  الإسكندرية.
عند وصولك لمنزل “كفافيس”، وبعد صعودك للدور الثالث تجد لوحة، وقد كتب عليها منزل الشاعر “كفافيس”، لتجد هناك أمين المتحف، وهو محمد السيد، والذى تولى مهامه فى المتحف منذ عام 1992، حيث يحكى تاريخ الشاعر المصرى اليونانى “كفافيس”.


مولده ونشأته
ولد  قسطنطين  كفافيس بشارع شريف وسط الإسكندرية في التاسع  والعشرين لشهر أبريل عام 1863 لأبوين يونانيين من أصول تركية، هاجروا إلى الإسكندرية عام 1850 وأنجبوا 8 أولاد وبنت، وكان “كفافيس” أصغرهم.
كان والد كفافيس يملك مصنعا لحلج الأقطان في الإسكندرية، وسلسلة محال فروع لبيع المحاصيل الزراعية، وكان صديقا مقربا للخديوي إسماعيل.
لكن كفافيس لم يكن قد بلغ السابعة من عمره، حتى توفي والده، وفى سن التاسعة اضطرت والدته للهجرة به وإخوته إلى إنجلترا، وعادوا إلى الإسكندرية بعد مرور سبع سنوات، واستقروا في محطة الرمل.
ثم احتل الإنجليز مصر عام 1882، فاضطرت والدته الرحيل مرة أخرى إلى تركيا حيث موطن والدها “فوتى ينس” الثرى صاحب ورش صناعة الألماس، وظلوا في تركيا حتى عام 1885، ثم عادوا إلى الإسكندرية من جديد بعد استقرار وهدوء الأوضاع، لكنهم وجدوا شقتهم تهدمت عن طريق الأسطول الإنجليزي في نفس عام الاحتلال ليذهبوا بعدها لشارع بولي فار “سعد زغلول حاليا”.
إجادة  الترجمة
بعد العودة كانت حصيلة هذه الرحلات هى إجادة قسطنطين لخمس لغات إلى جانب اللغة العربية، وبعد خمس سنوات من عودته عمل كمترجم حر فى وزارة تفتيش الرى،  ثم عمل كسمسار في بورصة المنشية للقطن، حيث كانت الإسكندرية مركزا عالميا لتجارة القطن، وبعد انتهاء من عمله كان يعود للمنزل ويبدأ في ممارسة هوايته بكتابة الشعر، حيث كان يكتب ما يقرب من 70 قصيدة شعرية فى السنة.
 سرطان  الحنجرة
اكتشف “كفافيس” مرضه بسرطان فى الحنجرة، فتوجه إلى اليونان لإجراء جراحة، حيث فقد صوته بعدها نتيجة انقطاع أحباله الصوتية، ما جعله يصاب بصدمة عصبية، لأنه لم يتمكن من التواصل مع من حوله.
حينها دخل كفافيس مستشفى “كونسيكا اليونانى”، والتى كانت مواجهة لبيته، لكنها أصبحت جراجا للسيارات حاليا، وظل بها حوالى شهرين حتى توفى في 29 أبريل 1933 عن عمر ناهز 70 عاما، ليدفن بمقابر الجالية اليونانية فى الإسكندرية.
وصية كفافيس
فى يوليو عام 1923 كتب قسطنطين  كفافيس وصيته، التى أوصى فيها بأن تعود متعلقاته لصديقه ومدير أعماله اليونانى “سوجوبلو”، إلا أن سوجوبلو نقل كل الأثاث والمتعلقات إلى اليونان، ولم يترك منها إلا القليل.
كما نقلت الجمعية اليونانية ما تبقى من أثاث إلى مقرها، وأقامت متحفًا خاصًا بكفافيس، وتحول منزله إلى بنسيون، وسمي بنسيون “أمير” حتى عام 1991، وهو العام الذى أسس فيه جمعية محبى كفافيس، التى أسسها المستشار الثقافي اليوناني “مسكوف”.
كان أحد أعضاء هذه الجمعية رجلا ثريا يدعى “ستراتى جاكس”، الذي تبرع بمبلغ من المال في سبيل تخليد ذكرى كفافيس.
ظل مسكوف يبحث عن منزل كفافيس حتى وجده، فتفاوض مع صاحب “البنسيون” وأقنعه بترك المنزل، ثم قام بعمل صيانة له، ونقل مقتنيات كفافيس إليه، وافتتح فى 12 أكتوبر 1992، كمعرض للكتب وبعض المقتنيات الأخرى.
 

مقتنيات  المتحف
يوضح محمد السيد، أن مقتنيات المتحف الحالية تتضمن تمثال رخامى نصفى له، بالإضافة إلى مجموعة من كتبه، وأول طبعة من ديوانه الشعرى وبه بعض الكتابات بخط يده، وأيضا مجموعة من الكتب العالمية التى ألفت عنه، وهي اكثر من 70 عملًا نقديًا وأدبيًا عن الشاعر بلغات مختلفة، من ضمنها العربية.
كما يتضمن المتحف صوان صغير في غرفة النوم، ومكتب كان يستخدمه للكتابة اليومية، وضع في مدخل المنزل، وعليه دفتر ضخم، حتى يسجل الزائرون انطباعاتهم عن المكان.
كما ضمت مقتنيات المنزل الكثير من أشعار كفافيس بخط يده، وبعض اللوحات الفنية من وحي قصائده، للفنان الكرواتي “ستانيسلاف” ماريغانوفيك وآخرين.
ومن ضمن المقتنيات أيضًا مجموعة من الصور الشخصية المتنوعة لكفافيس، تضمنت الصور المعلقة على الجدران لقطات متعددة لكفافيس في مراحل عمرية مختلفة، هو وأصدقاؤه وعائلته الأرستقراطية وقتها، فيما برزت لوحة زيتية بحجم كبير للخديوي إسماعيل الذي عاصره والده، وكان مقربًا منه.
المتحف يضم بين جنباته أيضًا أشياء مهداة من الكنيسة اليونانية إلى المتحف وبعض أثاثه ومتعلقاته الشخصية ومرآة له، ومجموعة من الأيقونات والأشياء الأثرية وطوابع بريدية صدرت عنه، وشهادات التقدير التى حصل عليها، كما تضم مجموعة من أشرطة الفيديو للأفلام التى أنتجت عنه.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر