حكاية شريف حميدة: الفن والتأريخ من جذوع النخل

الحنين إلى الموهبة، كان الدافع الأساسي لعودة شريف حربي وشهرته «شريف حميدة»، موظف بوزارة الإسكان بمحافظة الوادي الجديد، إلى ممارسة موهبته التي نشأ عليها منذ طفولته وتركها بفعل الزمن وهي النحت على جذوع النخيل وأشجار الدوم. إذ انتهى من صناعة نحو 450 قطعة نحتية من شجر الدوم ويستهدف توثيق تراث قريته القصر.. «باب مصر» يلتقي به.

جذوع النخيل

يقول حميدة لـ«باب مصر»: استأنفت أعمال النحت على الخشب من جذوع النخيل وأشجار الدوم منذ العام الماضي، فكانت هذه هوايتي منذ صغري التي أعود إليها من حين لآخر كلما اشتقت إليها، ولكني تفرغت لهذه الموهبة بالكامل بداية من العام الماضي بعد عودتي للقرية.

وتابع: بدأت في تجسيد وصناعة تاريخ وتراث القرية من خلال فن النحت، واخترت جذوع النخيل لسهولة النحت عليها، ولكن ليس كل أنواع النخيل قابلة للنحت عليها، فأنا استخدم نخيل التمر اليابس القديم وهذا متوفر بالقرية ووزنه خفيف جدا حتى يستطيع المقتني حمله بسهولة، وهذا النوع من النخيل من أجود أنواع النخيل التي يمكن النحت عليها وإخراج أشكال فنية جميلة ومختلفة.

ويشير حميدة إلى اهتمامه منذ طفولته بصناعة التحف والتماثيل والعصافير والطيور الصغيرة من الحجارة والأحجار الرملية والطين، فكلما كان يذهب إلى الزرع يصنع هذه الأشكال طوال فترة طفولته. وبعد مرور سنوات انتقل للعمل في القاهرة بمناطق مختلفة لمدة 17 عاما منها السيدة زينب، فأثرت كثيرا هذه الفترة على عمله في النحت، لأنه كان يحب زيارات المساجد التاريخية والأماكن الحضارية.

زيارة المساجد

ويحكي حميدة: كنت أقطن في مدينة 15 مايو بالقاهرة، وأذهب يوم الجمعة إلى مسجد الرفاعي لأداء صلاة الجمعة حتى العصر، وانتظر طوال هذه الفترة بالمسجد للتأمل في البناء المعماري له وهكذا في كل المساجد التي أذهب إليها في القاهرة الفاطمية.

أثرت كل هذه الزيارات والتأملات على الفنان بعد عودته إلى محافظة الوادي الجديد، وبدأ في نحت مجسمات لهذه المساجد من جزوع النخيل وبعض منها بأشجار الدوم.

ويقول: مثلما تأثرت بالحياة في العصور الإسلامية تأثرت أيضًا بالحياة القديمة في القرية عندما كانت المنازل بحائط واحد مشترك ونافذة واحدة مشتركة يتبادل الناس منها الطعام، كانت البيوت مترابطة إنسانيًا ووجدانيًا قبل الترابط في البناء المعماري لها. وظهر ذلك التأثر جليًا في الأشكال التي صنعتها من جزوع النخيل التي جسدت تاريخ وتراث القرية، وكان أول الأشكال التي قمت بنحتها مركب كبير تحمل الرسومات الفرعونية والرومانية والكتابات الهيروغليفية منحوتة بجزع النخل.

450 قطعة نحتية

ويذكر حميدة أنه منذ العام الماضي حتى الآن صنع 450 قطعة نحتية وشملت أشكالًا مختلفة، واستخدم شجر الدوم لما له من أهمية كبيرة عند الفراعنة. كما نحت ساقية كبيرة تدور بالفعل في أحد الأماكن العامة زارها قيادات الوحدة المحلية، وعندما رآها محافظ الوادي الجديد كلفه بصناعة أخريات في قرية أخرى، لما لها من منظر جمالي وتراثي يعبر عن القرية.

كما صنع طاحونة تراثية كبيرة قديمة تعمل بالتروس، وأعلاها قبة تدور في فلكها، وتعلو تلك القبة براويز كبيرة تحمل صور لأعلام وقيادات قريته منذ العصور القديمة حتى الآن، ويهدف من خلال صناعتها حكاية تاريخ القرية وأعلامها للزائرين من الخارج.

مشاركته في المعارض

يقول حميدة عن مشاركته في المعارض: “في العام الماضي كانت جمعية تنمية المجتمع تشتري مني المنتجات التي أنحتها وتشارك بها في معارض بالقاهرة والإسكندرية، وبعدها توقفت عن البيع لها وبدأت في إقامة معارض خاصة بي، وفي هذا العام أنشأت معرض في أحد المنازل التراثية بالقرية الذي يأتي إليها عدد من السياح المصريين والأجانب ليشاهدوا عظمة تاريخ القرية وكذلك منتجاته”، مشيرا إلى أنه بسبب جائحة كورونا توقفت مشاركته في المعارض الخارجية، ولكنه سيشارك الفترة القادمة في محافظتي القاهرة والإسكندرية.

ويوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدته كثيرًا على الانتشار بسرعة وبسهولة وشجعته كثيرًا على الاستمرار حتى الآن والإبداع في العمل، فأصبح الآن له جمهور في أماكن مختلفة من الجمهورية.

ويختتم حميدة حديثه بأنه يقوم بنحت أشكالا مختلفة متعلقة بتراث القرية وتراث مصر في العصور الإسلامية، وأسعار منتجاته تتراوح ما بين 200 جنيه حتى ألف جنيه على حسب نوع القطعة.

اقرأ أيضا

الفنانة «دعاء الصاوي»: ورثت الفن من أبي الأزهري

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر