أفراح البطاطس في «البرجاية».. موسم الحصاد وفرحة الفلاحين

تنبض حقول البطاطس بقرية «البرجاية» شمال المنيا في مثل هذا الوقت من العام بفرحة وضحكات وغناء الفلاحين، الذين يتوافدون إلى الحقول منذ طلوع الفجر وحتى المساء لجني البطاطس، محتفلين بموسم الحصاد الذي يطلقون عليه «أفراح البطاطس». في مشهد يجسد لوحة فنية تفوح برائحة الأرض الأصيلة ويعكس تاريخ الفلاح المصري، حيث تتوزع المهام بين من يقتلع الثمار ومن يجمعها ومن يقوم بنقلها إلى المخازن والأسواق.

البطاطس والارتباط بالمناسبات الاجتماعية

يقول محمد عبدالقادر، مزارع من قرية البرجاية: “ارتبط موسم جني البطاطس ارتبط بالمناسبات الاجتماعية في القرية مثل الزواج وتجهيز الأفراح، الذي يبدأ مع موسم الشتاء. حيث تبدأ ربات البيوت في تجهيز العرائس وشراء المستلزمات اللازمة. تتوالي الأفراح وتعلو الزغاريد في المنازل، وتنشر أجواء الفرح والسعادة في جميع أرجاء القرية. إذ يعتبر الموسم موسم الخير والرزق للفلاحين، خاصة بعد استنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية وأكثر تحملا للظروف البيئية”.

مراحل جني المحصول

يقول إبراهيم جمال، مزارع آخر: “نشعر بفرحة كبيرة في موسم الحصاد لأنه موسم الخير الذي ننتظره كل عام. حيث تمتلئ الحقول باللون الأصفر الذهبي. نأتي للحقول قبل طلوع الشمس لجني المحصول، ونقيم “أفراح البطاطس” التي تعتبر معشوقة قلوب الجميع بفضل قيمتها الغذائية وقدرتها على الصمود في الأرض”.

ويضيف: “تبدأ مراحل جني محصول البطاطس بتجمع العمال بعد صلاة الفجر مباشرة. حيث تُظهر المحاريث المحصول على سطح الأرض. ويقوم العمال بتقليع البطاطس وجمعها وتعبئتها في صناديق أو أجولة. ثم تحميلها على سيارات النقل لتسويقها في الأسواق. وسط فرحة غامرة على وجوههم لجني المحصول”.

تنوع المحاصيل وأنواع البطاطس

يقول صقر خالد محمد، مزارع بالقرية: “المحصول عال العال وربنا كرمنا. فترة زراعة البطاطس تتجاوز 140 يوما حتى النضج والمنافسة. موسم الحصاد هو عيد الفلاح ونتاج تعبه طوال العام. خاصة أن البطاطس الشتوية الحالية تنقسم إلى نوعين: بطاطس القلي وبطاطس الطبخ. كماتنتج قرية البرجاية أصنافا متنوعة مثل صفية وأريزونا وكارا، مما يجعلها من أشهر مناطق زراعة البطاطس”.

ويشير إلى أن إنتاجية الفدان تختلف حسب رعاية المزارع للمحصول. ويصل متوسط الإنتاج إلى 9 أطنان أو أكثر. ويحتاج الفدان إلى 2 طن تقاوي للزراعة، إضافة إلى التسميد والري والحفاظ على نظافة الأرض. لافتا إلى أن طرق الري الحديثة ساهمت في زيادة الإنتاجية.

وأضاف عبدالله حسين، من المزارعين: “يأتي العشرات من الأهل والجيران للمساعدة في الحصاد. حيث تزدهر الحقول ببسمات وضحكات وأفراح الفلاحين”.

دور البطاطس في الاقتصاد المحلي

يتم تحميل البطاطس بعد الحصاد على سيارات النقل، لتنتقل إلى المحطات والثلاجات، حيث تبدأ عملية التخزين والفرز، تمهيدا لتسويقها أو إرسالها للمصانع، خصوصا أن بعض الأصناف مخصصة لصناعة الشيبسي وأغراض الطبخ. ويساهم المحصول في توفير المئات من فرص العمل في القرية، ما جعلها خالية من البطالة، إذ تتنوع الأشغال بين تحميل وتفريغ وحصاد وفرز، مع مشاركة السيدات والأطفال لكسب الرزق في موسم الخير.

البطاطس والاحتفالات الاجتماعية 

على جانب الحقول، يجتمع الفلاحون وأبناء القرية للاحتفال بصديقهم مصطفى حامد، المقبل على الزواج، بعد أن انتظر موسم البطاطس لتجهيز فرحه. ويقول مصطفى: “كنت انتظر هذا اليوم لاستكمال متطلبات الفرح وتجهيز شقة الزوجية”.

المنيا والمحاصيل الاستراتيجية 

أكد الدكتور إبراهيم حسيني درويش، خبير زراعي: “محافظة المنيا من أكبر محافظات الجمهورية في زراعة البطاطس، خاصة العروة الشتوية، التي تمثل 60% من حجم الإنتاج خاصة في قرية البرجاية. يمتد الحصاد من أواخر نوفمبر وحتى أواخر ديسمبر. وتزرع المحافظة حوالي 35 ألف فدان من البطاطس بمراكز المنيا وسمالوط ومطاي.

وتعتبر البرجاية الأشهر في زراعة هذا المحصول. كما أن المنيا أيضا متميزة بزراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة الشامية والبصل والثوم، ويُصدر جزء كبير منها للأسواق المحلية والخارجية”.

واختتم درويش حديثه بقوله: “البطاطس من المحاصيل الحساسة، ويجب مراعاتها طوال فترة الزراعة لتجنب التعفن، ويفضل زراعتها بطريقة المصاطب. فالعروة الشتوية هي الأهم في الإنتاج”.

اقرأ أيضا:

«الليلة الكبيرة».. مسرح العرائس يحيي التراث المصري في قرى المنيا

مكوجي الرجل في «الفكرية»: قصة «مجدي عياد» مع مهنة لا تنطفئ

من بين الأزرار والكُلف.. حكاية «ويصا» أقدم بائع خردوات في شارع الأفراح بالمنيا