في «اليوم العالمي للمسنين».. المصري القديم أول من نادى باحترامهم

وصف الحكيم بتاح حوتب علامات الشيخوخة في تعاليمه التي تحمل اسمه فيقول: “قد حلت الشيخوخة، وبدأ خرفها، وامتلأت الأعضاء آلاما وظهر الكبر كأنه شيء جديد، وأضحت القوة أما اهزال، وأصبح الفم صامتا لا يتكلم واضحى القلب كثير النسيان، والعظام تتألم من تقدم السن، والأنف كتم فلا يتنفس، وأصبح القيام والقعود كلاهما مؤلما”.. حسبما أورد الدكتور سليم حسن، في كتابه “الأدب المصري القديم”.
ويوضح حسن أن بتاح حتب كان يتكلم إلى الملك ويطالبه بعد أن يتقدم  به السن بأن يسمح له أن يتخذ من ولده عكازا يستند عليه في خريف عمره، لافتا إلى أن كبار السن في مصر القديمة قد عوملوا باحترام وتقدير كبيرين من قبل الملوك، حتى إنهم اعتادوا إذا ما بلغ العامل عندهم سن الشيخوخة أن يسندوا إليه الأعمال الخفيفة التي لا تحتاج إلى مجهود بدني، كما نادت معظم التعاليم والوصايا بحسن معاملتهم والإحسان إليهم وعدم الاستهزاء بهم أو تحقيرهم.
وفي تعاليم أمونمبي ورد تحذير على لسان قائلها جاء فيه:
” احذر أن تكون شجاعا أمام رجل مهيض الجناح، ولا تمدن يدك لتمس رجلا مسنا بسوء، ولا تسخرن من رجل هرم”.
وبحسب حسن فإن التحذير هنا يجرم استخدام القوة مع الرجل المسن أو حتى الاستهزاء به، وهو كما عرفته الجملة الأولى (رجل مهيض الجناح)، فلقد ذهبت قوته بفعل الشيخوخة.
ويورد حسن: وفي موضع آخر من تعاليم امونمبي هذه الفقرة: “مد يد المساعدة لرجل مسن إذا كان قد ثمل بالجعة، واحترمه كما يحترمه الابن”، مشيرا إلى أن احترام المسنين في مصر القديمة لم يقتصر على الظروف العادية، بل تعداه إلى الظروف الاستثنائية، مثل أن يثمل الرجل المسن ويتوجب على الشاب أن يحترمه حتى وهو في مثل هذه الحالة وأن يعامله كما يعامل والده.
ويضيف حسن أن الحكيم المصري امونمبي أوضح في تعاليمه خطورة أن يتعرض شاب بالسب إلى رجل مسن واعتبر ذلك من الأشياء التي تغضب الإله رع، كما شرح أمونمبي طريقة معاملة الرجل المسن الغاضب وضرورة أن يتحلى الشاب معه بالحلم الشديد وألا يرد إليه الإساءة لأنه شاهد الإله رع قبله، فيورد ناصحا:
“لا تلعنن أكبر منك سنا لأنه شاهد رع قبلك، ولا تجعله يتهمك أمام قرص الشمس عند شروقه، قائلا: شاب آخر قد سب مسنا، فإنه مؤلم جدا أمام رع، أن يسب شابا رجلا مسنا، دعه يضربك بيده في صدرك، دعه يسبك، أنت ملازم السكون”.

هوامش

– الأدب المصري القديم – د.سليم حسن – الهيئة العامة للكتاب (مهرجان القراءة للجميع 2000)- صفحات : 176،177،237،238،258،259.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر