«السوشيال ميديا واستهلاك الأدب»: كيف يؤثر التطور الرقمي على النصوص الأدبية؟

تحت عنوان «التواصل بين الأمس والغد» أقيمت على هامش مهرجان كتابة وسرد البحر المتوسط، الذي اختتم أعماله أول أمس بالمركز الثقافي الفرنسي بالإسكندرية، حلقة نقاشية، حول الأشكال الحديثة للسرد بمنطقة البحر المتوسط. طُرحت المناقشات التي أدارها داليا شمس بين الكاتب والفيلسوف إيريك سادين، والخبير الإعلامي أحمد عصمت، والكاتب والناقد محمد عبدالرحمن.

 العصر الرقمي والكتابة

طرحت داليا تساؤلا على المشاركين في الحلقة النقاشية حول مدى تأثير التطور الرقمي على النصوص الأدبية في المستقبل؟ أجاب إريك سادين: أن هذا السؤال تم طرحه من عشرين سنة أو يزيد عندما بدأت التجارب الأولى للكتاب الرقمي. وأخبرنا أنه يعرف أن ما سأقوله لا يجيب عن السؤال بشكل مباشر لكنه توقف أمام عدة عناصر لها علاقة بهذا السؤال من قبل. منها مثلا علاقتنا بمواقع التواصل الاجتماعي. التي عززت الفردية وخلقت شكل جديد للخيال الذاتي. ذلك أنه كل شخص منا أصبح الراوي الوحيد لحياته لكن بشكل فيه تجميل وتأطير للحظات معينة ليحوز على القبول. بشكل ما هذا أثر على الكتابة، لأنه يجعله الفرد مستبدا، منشغل بذاته وغير راض عما يقدمه حتى بعد كل محاولات التجميل أثناء سرده لقصة ما.

بينما عاد بنا أحمد عصمت لفترة أبعد مما أخذنا فيها إريدك فقال: “شكل الكتابة تغير مع ظهور المدونات. مثلا تويتر الذي يحجمنا في عدد كلمات محددة ويكثف مشاعرنا وأفكارنا. مما جعلنا نتجاهل العديد من جماليات اللغة وليس في اللغة العربية فقط، إنما في العديد من اللغات، من أجل أن تتناسب مع السياق الذي يفرضه علينا تويتر”.

واستطرد عصمت: في رأيي تويتر انعكس على السرد، الآن نجد مع الرواية والقصة القصيرة والشعر، القصة القصيرة جدا.

جانب من النقاشات 

بينما يرى محمد عبدالرحمن بحكم عمله في الصحافة، أن هناك جزء جديد ظهر على السطح وهو استهلاك البيانات والمعلومات بشكل مبتور. ذلك أن نسبة كبيرة من الأفراد أصبحوا زبائن يريدون حكايات أخبارا مختصرة. كأننا نعود للخلف بالإيموجي والميمز للعصر الفرعوني، نكتب بالرموز لنعبر عما في نفوسنا، ولا نستطيع أن نستفيض في التعبير عما يجول بخاطرنا أو قراءة ما يجول في خاطر الآخرين.

النشر الرقمي

أما حول تساؤل عن كيفية النشر والتسويق الرقمي للأعمال الأدبية في المستقبل وهل لها أي إيجابيات؟ جاء رد عبدالرحمن: ” السوشيال ميديا محت المسافة بين الكاتب وبين الجمهور وبين الكاتب وبين احتياجه للناقد. ذلك أنه ظهرت اعتبارات جديدة على السطح. حيث بالنسبة لبعض الكتاب ترشيح كتابه من قبل “بوك تيوبر” أهم من أن يرشحه ناقد”.

وأضاف أنه بداية من 2015 أصبح كل من لديه عدد كبير من المتابعين قادر على النشر بسهولة.

أما أحمد عصمت فعلق على ما سبق أنه في القريب العاجل ستحدث صدامات بسبب بزوغ فكرة النشر الذاتي الرقمي، وبيعه على أسواق رقمية مثل “أمازون”. وأكد أن هذا هو ما يحدث في أوروبا وأمريكا الآن. وأنه فيما بعد ربما لا يكون هناك معرضا للكتاب إنما بورصة.

وأضاف أننا بحاجة لدراسة أنثروبولوجية لكل التحركات التي طرأت على الواقع بسبب دخول وسيط جديد يتحكم في عملنا وحياتنا.

بينما كان لإريك سادين رأي آخر في هذه المسألة فيقول: “إن مسألة النشر الذاتي الرقمي ليست منتشرة في أوروبا كما نعتقد، ومن عشر سنوات كان هناك بالفعل مخاوف مثل التي ذكرها عصمت لكنها لم تحدث حتى الآن”.

وأشار إلى أن العلاقة مع الكتاب وعملية النشر والتحرير واللمس ورائحة الصفحات والتنقل بالكتاب لا يمكن أن تنهار بسهولة حتى مع الأجيال الجديدة ودخول سوق الكتب الرقمية أو المسموعة. أيضا المسافة والتقارب الجسدي مع الكتاب سواء كنت كاتبا وقارئا، له خصوصيته حتى مع دخول فكرة اللمس في الشاشات والألواح الرقمية.

اقرأ أيضا

حوار| الفنان التشكيلي محمد جوهر: المشي في الإسكندرية كأنها المرة الأولى

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر