«زمان»: معرض رقمي لأفيشات الأفلام من العصر الذهبي للإسكندرية

تحت عنوان «زمان» افتتح الفنان الفرنسي جايتان تروفاتو معرضه الرقمي قبل أيام في المعهد الفرنسي بالإسكندرية خلال احتفالية الفرنكوفونية 2022. المعرض يضم العديد من أفيشات الأفلام المصرية الممهورة التي أنتجتها ووزعتها وكالة بهنا في الثلاثينات والستينات.. «باب مصر» يلقى الضوء على المعرض.

أنشودة الأفيشات

تتوزع الأفيشات على جدران المعرض. سجد من ناحية اليمين للداخل أفيش وبعض الصور المتآكلة لفيلم أنشودة الفؤاد، وهو أول فيلم غنائي مصري وثاني فيلم ناطق في السينما المصرية بطولة جورج أبيض أنتجته وكالة بهنا سنة 1932. ثم قررت بهنا من بعده أن تعمل في التوزيع.

ومن سنة 1938 بدأت ” منتخبات بهنا فيلم” في توزيع العديد من الأعمال السينمائية منها أعمال محمد فوزي وتوجو مزراحي ومديحة يسري، لذلك سنجد أفيش بالفرنسية وملون لفيلم “العز بهدلة” وبعض الصور بالأبيض والأسود من الفيلم بطولة توجو مزراحي في أخر المعرض ناحية اليسار.

جانب من افتتاح المعرض
جانب من افتتاح المعرض

وأيضا سيقابلنا أفيش فيلم ليلى بنت الريف من إخراج توجو مزراحي. وأفيش فيلم “القاهرة بغداد” بطولة مديحة يسري، وصور من مشاهد فيلم “من أين لك هذا” لمحمد فوزي، وأفيش فيلم “نحو المجد”، بطولة وإخراج حسين صدقي، وأفيشين ملونين تظهر فيهم آسيا أحدهم فيلم “هذا جناه أبي” من إخراج بركات، والآخر “العريس الخامس” من إخراج أحمد جلال.

بينما تظهر هند رستم وشكري سرحان وفيروز في أفيش ملون لفيلم “بفكر في اللي ناسيني” بجانب صورتين بالأبيض والأسود لمشهدين مختلفين من الفيلم. وأفيش فيلم “تحيا الرجالة” إخراج كامل حفناوي وبطولة كارم محمود، وأفيش فيلم “الغائبة” بطولة مريم فخر الدين.

القصر الملعون

يقول جايتان تروفاتو: “أفيش فيلم “القصر الملعون” بطولة مريم فخر الدين أكثر أفيش لفت انتباهي وبحثت في الفيلم عن نفس المشهد الذي يظهر على الأفيش لكنني وجدته مختلفا تماما داخل سياق الفيلم”.

يضم المعرض أيضا فيديو Abyss عدل فيه تروفاتو عدد من الأفيشات القديمة  لتظهر وكأن الماء يتدفق فوقها، سنجد عيون الأبطال فيه تتحرك في عدة اتجاهات كأنها تحدق بنا وتحدثنا عن مصيرها الذي نسيناه.

أخبرني بما رأيت

يعرض أيضا فيلم قصير بعنوان “حبيبات الفضة” على هيئة جزأين. الجزء الأول  يظهر فيه “بازيل بهنا” يحكي فيه بفرنسية رصينة عن الميراث الفني لوالده وعمه. يفتح بازيل الصور القديمة لأفيشات الأفلام ويسرد كيف شجعته أخته “ماري كلود” للشروع في الإجراءات القانونية اللازمة لاسترجاع هذا الإرث الفني في أوائل الألفينات الذي كان تحت الحراسة القضائية منذ عام 1968. وكيف كان سيتم التخلص من الوثائق والصور والسيناريوهات وملصقات الأفلام لولا كسب الدعوى التي رفعها بازيل وشقيقته، وبذلك استطاعوا أن يستعيدوا ويجمعوا الوثائق، ليضعها بازيل في وكالة بهنا بالمكاتب القديمة للشركة الواقعة بميدان المنشية.

يحكي لنا بازيل في الفيلم عن تغريبة عائلة بهنا من الموصل، للبنان وصولا إلى الإسكندرية بمصر. ثم عملهم بتجارة التبغ وشغفهم بالسينما وكيف قرروا دخول هذا المجال وصولا لعرض ثاني عرض سينمائي في العالم سنة 1896 في وكالة بهنا بعد أول عرض سينمائي بفرنسا.

شغوفا بالسينما

يتذكر “بازيل” كيف كان أبوه شغوفا بالسينما للحد الذي كان يجعله “يبقشش” بتذاكر السينما بدلا من المال. بينما تتجول الكاميرا بين مقتنيات بازل الشخصية من لوحات وكتب وصور للعائلة. يخبرنا بازيل أنه يكره مفهوم “العصر الذهبي للإسكندرية” لأنه يأتي من منطق يؤكد على أن هذا العصر كان ذهبيا لأنه بصبغة أجنبية لكن على العكس من ذلك يرى بازيل أنه كان عصرا ذهبيا لأنه كان مصريا بامتياز، حتى أن الفنانين ذوي الأصول غير مصرية مثل توجو مزراحي كانوا يتحدثون بلكنة مصرية ويلقوا نكاتا مصرية.

أسفل شاشة العرض نجد عدد من طوابع الدعاية التي استخدمتها بهنا لإنتاج برامج مميزة لتقديم الأفلام في دور السينما المصرية، حيث تعود هذه الألواح المعدنية المحفورة غير المستخدمة على يد جايتان إلى الحياة في فيديو يوجد بالمعرض بعنوان أخبرني بما رأيت.

أرواح شاردة

أما الجزء الآخر من الفيلم يظهر فيه المتطوعون الذين قاموا بتنظيف ورقمنة الوثائق والصور التي جمعها بازيل بعد أن كسب الدعوى القضائية أو من أشخاص اقتنوا هذا الأرشيف أو حتى من سوق الجمعة. هذا الجزء من الفيلم يشيد بعمل المتطوعين وحجم المسؤولية والخوف الذي شعروا به. يعبر جاتيان في هذا الجزء من الفيلم عن أن عملهم كان بمثابة إخراج صور مغمورة بقاع المحيط.

يخبرنا جايتان أن شخصيته الفنية انتعشت عندما قابل بازيل بهنا وعندما اكتشف  وكالة بهنا في 2016 أثناء إقامته الفنية بالمركز الفرنسي. وأنه انبهر بالمكان والمكاتب التي تنتمي إلى عصر بعيد وأنه لحظتها عرف أن هذا هو بالضبط المكان الذي يحب أن يعمل على مشروع فني فيه.

وعليه قد أخرج فيلم بعنوان قبل أن أنسىوهو نزهة عبر المكاتب حيث نرى وجوه من الأفلام القديمة التي أنتجتها و وزعتها وكالة بهنا تتحرك كأرواح شاردة في المكان.

ألعاب الذاكرة

عندما عاد جايتان مجددا بدعوة من المعهد الفرنسي إلى الإسكندرية لاكتشاف بهنا بشكل أعمق من خلال إقامة فنية استمرت خمس أسابيع حيث أرادت الإدارة في وكالة بهنا بعد العمل لمدة عام كامل على رقمنة وتنظيم أرشيفها أن يعرض هذا الأرشيف ليمكن المصريين من رؤية تاريخ السينما الذي نسوه مرة أخرى لكن بشكل أكثر حداثة.

يخبرنا  تروفاتو أن هذه التجربة كانت متناغمة مع رؤيته الفنية في العموم. ذلك أنه يحب التحدث عن الذاكرة في أعماله الفنية، ويحب مراقبة وتسجيل التغيرات التي تطرأ عليها مع الزمن. ويلفت انتباهه كيف نتذكر الأشياء وننتقي مشاهد معينة لنحتفظ بها بينما نتجاهل أو ننكر الباقي.

اقرأ أيضا

عمال وفنانون وقتلة في «سوق الساعة» بكرموز

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر