فرقة سنورس المسرحية.. “سهراية” مستمرة منذ نصف قرن

هل كان مسرح السبعينات “تجارى” حقا؟، هكذا نعيد طرح سؤال فى ظل الصورة الأكبر والأعمق للمسرح ودوره فى أقاليم مصر ومدنها.

لعل فترة السبعينات وانفتاحها الاقتصادي أثر على الثقافة، ولكن التعميم مغلوط لأنه فى نفس ذات الوقت وفي قلب الثقافة المحلية كانت هناك فرق مسرحية في أقاليم مصر ومدنها المختلفة تقدم فنا مسرحيا راقيا، ومن ضمن هذه الفرق فرقة سنورس المسرحية التي بدأت في عام 1971 مع افتتاح بيت ثقافة مركز سنورس، وإلى الآن وطوال ما يقرب من نصف قرن مازالت تلك الفرقة تقدم عروضا مسرحية تجمع ما بين المتعة الوجدانية والذهنية.

بداية الانطلاق

بحكم طبيعة المسرح كمنبر لتعبير الجماهير عن مشكلاتها، وقضاياها، وطموحاتها، وتطلعاتها أيضا، ومع ظهور أجيال جديدة من كتاب المسرح المصري في فترة السبعينيات، كون مجموعة من شباب مركز سنورس، يؤمنون بدور الفن وأهميته، فرقة مسرحية تسعى إلى استنهاض الهمم واستعادة الثقة بعد هزيمة 1967، وكانت بداية فرقة سنورس المسرحية في عام 1971 مع افتتاح بيت ثقافة مركز سنورس، حيث عرضت الفرقة أولى عروضها المسرحية “سهراية في سنورس” للمخرج سيد طليب.

وحضر العرض المؤلف المسرحي الكبير سعد الدين وهبة، وشارك فى التمثيل الفنانين رفعت شاكر وسيد عبدالكريم، وأحمد الأبلج، وأحمد حنظل، وتم عرض المسرحية ضمن تصفيات مسابقة فرق البيوت المسرحية على مسرح السامر، وتوالت العروض منذ هذا التاريخ بلا انقطاع إلا في بعض السنوات القليلة، وقد نال الفنان الكبير محمود حسان استحسان الأديب يوسف السباعي وزير الثقافة أنذاك حيث طلب منه التقدم لمعهد التمثيل وبسرعة، كما وصفه بأنه ثروة قومية، وحصلت الفرقة على المركز الثاني.

الفنان عهدي شاكر في مسرحية لفرقة سنورس - الصورة من أرشيف الفنان عهدي شاكر
الفنان عهدي شاكر في مسرحية لفرقة سنورس – الصورة من أرشيف الفنان عهدي شاكر

يقول عهدي شاكر، الفنان الملحن والمطرب وأحد أفراد الرعيل الأول لفرقة سنورس المسرحية، إن فرقة سنورس المسرحية من أعرق الفرق، وبدأت قبل هيكلة الثقافة الجماهيرية، وتأسست على أكتاف مبدعين جمعتهم الموهبة الفطرية وعشق خشبة المسرح، وما يلفت الانتباه أن الفيوم في تلك الفترة شهدت حركة مسرحية كبيرة فقد كان يوجد أكثر من فرقة مسرحية تعرض في مسارح مختلفة فقد كانت هناك فرقة تعرض في الساحة الشعبية، وأخرى كانت تعرض على مسرح جمعية النهضة القبطية، وثالثة تجوب الميادين وتعرض على خشبة مسرح متنقل.

الفنان عهدي شاكر - الصورة من أرشيف الفنان
الفنان عهدي شاكر – الصورة من أرشيف الفنان

يشير الفنان عهدي شاكر، إلى أن كل تلك الفرق كانت تمول نفسها ذاتيا، إضافة إلى تبرعات من محبي المسرح من القيادات الشعبية وبعض الأعيان، وذاع صيت هذه الفرق في قري مركز سنورس والمراكز الأخرى، وخرج من رحم هذه الفرق مبدعين في الإخراج، والتمثيل، والديكور، والمكياج، والموسيقى، وهو ما دفع كبار ورموز المسرح في مدينة الفيوم آنذاك إلى الانضمام لفرقة سنورس، وتم بعدها إنشاء فرقه سنورس المسرحية بشكل رسمي بعد إنشاء بيت الثقافة الجماهيرية بسنورس.

تذكرة دعوة لعرض مسرحي لفرقة سنورس عام 1976 - من أرشيف الفرقة
تذكرة دعوة لعرض مسرحي لفرقة سنورس عام 1976 – من أرشيف الفرقة

1974 وانتصار أكتوبر

شكل نصر أكتوبر العظيم أبرز أحداث فترة السبعينات، وفي موسم عام 1974 وعقب انتصارات أكتوبر قدم أعضاء الفرقة العرض المسرحي”الناس الطيبين” الذي كتبه عضو الفرقة أحمدي قاسم، وألحان عهدي شاكر، وإخراج ممدوح حنظل، وكان من بطولة محمود حويحي، صلاح حامد، ماجدة سعد، وسيد رحمة، وتم عرض المسرحية على مسرح الكنيسة القبطية في مركز سنورس، وازدحمت أسطح المنازل المجاورة للكنيسة بالأهالي الذين لم يجدوا مكانا بالمسرح كي يشاهدوا العرض.

وقدمت الفرقة في نفس العام مسرحية “الناس اللى تاهو” تأليف الكاتب أحمد الأبلج، وإخراج حمدي صابر، وأشعار ممدوح عزوز، وألحان عهدي شاكر، وبطولة سيد عبدالكريم وعبدالرحمن علي، وقد تناول كلا النصين حالة المجتمع بعد انتصار أكتوبر.

دعوة حضور مسرحية بيت جحا لفرقة سنورس المسرحية عام 1979 - من أرشيف الفرقة
دعوة حضور مسرحية بيت جحا لفرقة سنورس المسرحية عام 1979 – من أرشيف الفرقة

مسرح مدرسة الصنايع

شهد مسرح مدرسة الصنايع عام 1975 الكثير من عروض فرقة سنورس المسرحية، كان أهمها عرض “الراجل اللى لسه مافقش” من تأليف وإخراج أحمد الأبلج، ومن بطولة محمود حويحي ورفعت شاكر وعهدى شاكر.

وفى موسم 1976 تم عرض نصين من نصوص الفصل الواحد هما “الفخ” تأليف الفريد فرج، والتي تناقش أخلاقيات المجتمع المصري بعد التحول السياسي لما بعد اشتراكية عبدالناصر، ونص “الجواب” تأليف ناجى جورج، والعرضين تمثيل وبطولة محمود حويحى، عبد الرحمن علي، رفعت شاكر، الروبى علام، وغناء وتمثيل الفنان عهدي شاكر.

وفي عام 1979، عرضت الفرقة مسرحية “بيت جحا” من تأليف فتحي فضل أشهر كتاب مسرح الثقافة الجماهيرية فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، ومن إخراج يسرى ناصر، وتمثيل محمود حويحي، صلاح حامد، ممدوح حنظل، عزة على، وألحان وغناء عهدي شاكر.

وفي عام 1980، عرضت الفرقة مسرحية “سهرة مع الحكومة” وهي مسرحية غلب عليها الإسقاط السياسي، وهي من تأليف سعد الدين وهبه وإخراج يسرى ناصر، وألحان وغناء عهدى شاكر، وتمثيل رفعت شاكر، عبد الرحمن على، ممدوح الضانى، محمود حسان، ومحمود حويحي، وفي عام 1981 مسرحية “موقع الشرارة” عن مسرحية “أغنية على الممر” لعلى سالم، وهي مسرحية تتناول فكرة تحدي الهزيمة والصمود حتي أخر نفس.

مشهد من إحدى مسرحيات فرقة سنورس - من أرشيف الفرقة
مشهد من إحدى مسرحيات فرقة سنورس – من أرشيف الفرقة

فرقة سنورس المسرحية وفترة التسعينات

توقف نشاط الفرقة قرابة تسع سنوات، ثم عاد من جديد عام 1990 مع مسرحية “صياد اللولي” تأليف الكاتب خيري شلبي، ومن إخراج ناصر كامل، وقد حضر العرض الكاتب خيري شلبي، وكانت بطولة الفنانين ” محمد على، محمد تمام، سحر صالح، رفعت شاكر، وغيرهم من نجوم الفرقة.

وعرضت الفرقة مسرحية “أيوب على قيد الحياة” عام 1993، من إخراج الفنان عزت زين، وحصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية، وفي عام 97 عرضت مسرحية “عريس لبنت السلطان” من تأليف الكاتب محفوظ عبدالرحمن، ومسرحية “الوحوش تغني” من تأليف الكاتب والشاعر ممدوح عدوان، وإخراج الدكتور سيد خطاب، ومسرحية “يا سلام سلم الحيطة بتتكلم” من تأليف سعد الدين وهبة، وقام بإعدادها وإخراجها صلاح حامد.

الفنان محمد تمام في مشهد مسرحية الفرقة - الصورة من أرشيف الممثل محمد تمام
الفنان محمد تمام في مشهد مسرحية الفرقة – الصورة من أرشيف الممثل محمد تمام

الانطلاقة القوية الثانية

شهدت الفرقة انطلاقة مسرحية قوية ثانية، حيث عرضت عام 2002 مسرحية “ملحمة السراب” تأليف سعد الله ونوس، وإخراج صلاح حامد، وعرضت “مآذن المحروسة ” من تأليف أبو العلا السلاموني، عام 2007، وفي عام 2010 عرضت مسرحية “غنائم الملاعين” تأليف أحمد الأبلج وإخراج محمد زكريا، ثم مسرحية “الكلاب الايرلندي” تأليف حسام الغمري واخراج محمد ربيع، وفي 2015 عرضت مسرحية “جنة الحشاشين” وفي عام 2016 عرضت مسرحية “سكة الصابرين”.

وفي عام 2017، عرضت مسرحية “انسو هيروستراد” إخراج حسام أبو العظيم وبطولة عصام يوسف، محمد فكري، توبه الشاعر، وحصل العرض على ثلاث جوائز ضمن فعاليات المهرجان الختامي لفرق البيوت في دورته الثانية والأربعين.

وشهدت المواسم التالية عروض “أبناء الحبلي” عام 2017 بطولة محمد تمام، توبه الشاعر، وإخراج أحمد عجيبه، وفي 2018 “باب المدينة” تأليف محسن مصيلحي، وإخراج منصور غريب، وبطولة محمد تمام وأحمد هنداوي، وكانت آخر أعمال الفرقة في 2019 مسرحية “ابن الريح” تأليف منصور مكاوي وإخراج أحمد السلاموني وبطولة محمد تمام، أحمد هنداوي، أحمد حليم، يوسف تمام.

فرقة سنورس بلا خشبة مسرح

يطالب الفنان محمد تمام، عضو فرقة سنورس المسرحية، وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم، بتوفير مكان لعمل البروفات واجتماعات أعضاء الفرقة الذين يبلغ عددهم 35 ممثلا وممثلة من مختلف الأعمار، حتى يمكن للفرقة استكمال مشوارها الفني العريق والمشرف.

ويقول تمام، إنه بعد صدور قرار إزالة بيت ثقافة سنورس القديم، بني مكانه مكتبة الطفل والشباب، ولا توجد بهذا المبنى قاعة للبروفات ولا مسرح للعروض، ونضطر لعمل البروفات في مكتبة الطفل ذات المساحة الضيقة نظرا لما تضم من أرفف للكتب ومكتب لأمين المكتبة وترابيزات للقراءة وكراسى.

ويردف تمام، عندما يحين موعد عرض مسرحي للفرقة، لا نجد خشبة مسرح نعرض عليها إلا مسرح المدرسة الثانوية الصناعية، وهو مسرح قديم ضمن إنشاءات المدرسة منذ سنة 69، وندخل في صراعات مع إدارة المدرسة من أجل الموافقة على العرض على المسرح الذي يفتقر إلى وحدات الإضاءة والصوت، وليس به سوى بضعة مقاعد.

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر