من الأدب الفرعوني| كيف أنقذ الطوفان بني البشر من الهلاك؟

الصورة المستخدمة بالمقالة تحمل رخصة المشاع الإبداعي

قصة هلاك البشرية، هي قصة ذات طابع ديني، نسجت في إطار أسطوري، حول غضب الإله رع على بني البشر ومعاقبتهم بالفناء، بحسب الدكتور سليم حسن في كتابه “الأدب المصري القديم”، مشيرًا إلى وجه التشابه بين القصة وقصة الطوفان المسجلة في التوراة، ملمحًا إلى أن الخيال المصري في هذه القصة حول الطوفان الذي أرسل لهلاك البشرية إلى طوق نجاة لإنقاذهم من الهلاك، مؤكدا على عدم نشر أي من المصادر التاريخية تعرض مصر إلى الطوفان.
وبحسب محمد أبورحمة، في كتاب “حواديت فرعونية”، فالقصة منقوشة على جدران مقبرة سيتي الأول (1290- 1302ق.م)، ومقبرة رمسيس الثالث (1183-1152ق.م)، كما وجدت على ناووس الملك توت عنخ آمون (1334-1325ق .م)، وهي عبارة عن نص ديني يعود إلى عصر الدولة الوسطى  (2055-1655 ق.م) وترمز إلى غضب الآلهة على البشر.

مؤامرة

يورد أبورحمة أن الإله رع اكتشف أن بني البشر يحيكون مؤامرة ضده لأنه صار عجوزا، فيستدعي الإله عينه المقدسة ويستدعي أبوه الإله نون كما يستدعي ابنائه الأربعة: “شو، إله الهواء، وتفنوت إله الرطوبة، ونوت إله السماء، وجب إله الأرض، ويبث فيهم حزنه وغضبه الشديد ورغبته في معاقبة بني البشر، وبعد مشاورات يستقر رأي الآلهة عل إرسال عين الإله المقدسة “حاتحور” لمعاقبة البشر، تخرج حاتحور وقد اتخذت شكل اللبوءة ، لتهاجم وتقتل كل من تراه من البشر.

رحمة

تواصل حاتحور مهمتها وقد استلذت نكهة دماء البشر.. ولكن يشعر الإله رع بالرحمة على البشر.. ويحاول إيقاف حاتحور ولكن دون جدوى.. فقد استقرت في الصحاري وراحت تقتل المئات يوميا.. فأمر رع باحضار كميات كبيرة من الطفل الأحمر من الفنتين.. وأمر بطحنه  وخلطه بالنبيذ ليصبح شبيها بالدم.. لتملئ منه المئات من القوارير، وتحمل قوارير الجعة إلى المكان الذي تسكنه حاتحور.. وقبل الصباح يستخدم الإله رع قدرته فيفيض النبيذ مثل الطوفان في الحقول.. وحين تستيقظ حاتحور لتواصل عملها في قتل البشر، تشاهد النبيذ.. فتعتقد أنه دم بشري، فتشرب منه حتى الثمالة وتغيب عن الوعي.. وتتوجه مجموعة من الآلهة لتكبيلها وإحضارها.

انفصال السماء عن الأرض

وبحسب أبورحمة، بعد أن  عفى الإله رع عن البشر، الذين تآمروا ضده قرر ترك الأرض ليستقر في السماء.. فأصدر أوامره  لابنه شو بان يحمل نوت بذراعيه ليفصلها عن زوجها جب إله الأرض.. لتصبح مثل البقرة وتحمل أباها رع فوق ظهرها لتبعده عن مساوئ وشرور البشر.. يشعر بني البشر بالندم الشديد لأن رع أصر أن يكون في قصره العالي فوق ظهر “بقرة السماء”.. فينادونه متضرعين أن يرجع إليهم ومقسمين أن يحاربوا أعدائه، ولكن رع يرفض مفضلا مستقره الجديد في السماء.
هوامش
1- سليم حسن – الأدب المصري القديم – مهرجان القراءة للجميع 2000 – ص 72.
2- محمد أبورحمة – حواديت فرعونية – دار حاب للطباعة والنشر 2005 – من ص 147 إلى ص 152 و ص 251.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر