مثقفون ينتقدون الصورة المغلوطة: الصعيد المتخيل في دراما رمضان

إعداد: سمر شومان – مريم الرميحي

انتقادات واسعة طالت الأعمال الدرامية التي تجسد الصعيد في دراما رمضان، خاصة مسلسل «نسل الأغراب» و«ملحمة موسى». إذ يرى مواطنون ومختصون أيضا أنهما لا يعبران عن الصعيد ولا عاداته ولا حتى الأزياء التي يرتديها الصعايدة. وسط مطالبات بالتعبير الصادق عن الصعيد وهمومه وقضاياه الحقيقية.. «باب مصر» يستعرض الآراء في المعالجة الدرامية لقضايا الصعيد.

ملحمة موسى

يقول علي شعبان، من أهالي مركز ملوي بمحافظة المنيا: تابعت مسلسل “موسى” في دراما رمضان هذا العام فهو الأقرب لنا، وإن كنت اختلف مع محمد رمضان في بعض الأفعال التي تصدر منه وتتصدر السوشيال ميديا، ولكن لا استطيع أن أنكر موهبته في التمثيل، أيضا الديكورات وزوايا التصوير ولهجة الممثلين جيدة، فهي الأقرب إلى الصعيدية بدون أي تكلف، فقصة المسلسل مختلفة وكذلك شخصية محمد رمضان هذا العام.

ويضيف عدوية محمد، من أهالي مركز ملوي، أنه تابع مسلسل “نسل الأغراب”، وشاهد الحلقة الأولى والثانية منه، ولكنه لم يشعر بأنه يتابع مسلسل صعيدي، ويقول: نحن لا نتحدث هذه اللهجة، حتى وإن اختلفت اللهجات من محافظة لأخرى فهناك أشياء أساسية مشتركة بين جميع الصعايدة، ولكن لا أحد يختلف على موهبة الممثلين في المسلسل، وبشكل عام افتقدت مسلسلات الصعيد التي كنت أتابعها مثل الضوء الشارد وذئاب الجبل وغيرها من الأعمال التي مازالت محفورة في ذهني.

محمد أبوالفضل بدران
محمد أبوالفضل بدران
نسل الأغراب

وتابع محمد شعبان، ممثل ومدرب مسرحي: لازال الصعيد يحتاج لمن يدرس قضاياه على أرض الواقع بكل حرفية ومهنية، فأغلب الأعمال الصعيدية تبني أفكارها على أعمال درامية سابقة، فحصروا الصعيد في قضايا معينة مثل الثأر، ولكن هناك مفكرين وكتاب وأشخاص كثيرين من الصعيد، الجيل الجديد يحتاج أن يعرف عنهم أكثر من خلال تناولهم في الأعمال الدرامية.

وأشار شعبان إلى متابعته مسلسل “موسى” وإعجابه بالألوان والصور والملابس حتى اللهجة بسيطة وسلسلة، وكذلك ديكور العمل الذي جعله يشعر أنه بالفعل في فترة الأربعينات.

واتفق معه في الرأي ماير مجدي، مخرج مسرحي، حول مسلسل “موسى” لافتا إلى أن مسلسل “نسل الأغراب” لم يعبر عن حقبة زمنية معينة، وكذلك استخدموا ديكورات عصرية جدا حتى وإن كانت تعبر عن طبقات على مستوى عالي من الرفاهية إلا أن الصعيد ليس بهذا الشكل.

ونوه بوجود أزمة في اللهجة والشكل والمظهر الخارجي بشكل عام، كما أن الملابس فخمة ولا تعبر عن ملابس الصعيد، وهناك لهجة غير منطقية وغير موحدة في المسلسل بشكل عام.

دراما رمضان والصعيد

يقول الدكتور محمد أبوالفضل بدران، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة: الدراما الصعيدية لا تقدم الصعيد بشكله الواقعي، وإنما صورة مرضية لتخيل بعض المخرجين والممثلين والمنتجين عن الصعيد، وهم يصرون على تقديمه بهذا الشكل، رغم أن الصعيد الآن في إطار العولمة والقرية الكونية الواحدة لا يختلف عن أي محافظة من محافظات مصر، ربما نجد أنه أشد قسوة في تربية الأبناء لكن هذا نابع من عادات وتقاليد غير مرئية بعيون المخرجين، وإنما يحاولون تقديم الصورة النمطية للصعيد من خلال القتل، وانتشار الأسلحة والمخدرات والعصابات واضطهاد المرأة، وكأن الصعيد يعيش في مستوى قارة أخرى لا تربطها بالمدنية ولا بالتنوير أي رابطة، لكن هذه الصورة تسوق المسلسلات والأفلام بكل أسف، سواء هذا التسويق داخليا أو خارجيا.

ويضيف بدران، والأعجب من ذلك أن بعض الممثلين الصعايدة يقدمون صعيدهم إرضاءً للمنتجين والمخرجين وهم يعلمون في دواخلهم أنه صعيد غير الذي يقدمونه، ربما قدم مسلسل «نسر الصعيد» مع بعض التجاوزات والمبالغات، صورة قريبة من المجتمع الصعيدي.

وعن مدى مصداقية اللهجة المقدمة في الدراما الصعيدية، يشير بدران إلى أن الدراما تقدم اللهجة المضحكة إلى غير الصعايدة والمصححين الذين يتم الاستعانة بهم مقيمون في القاهرة ويعيشون بمكافآت المخرجين، ويقدمون المطلوب من اللهجة حتى تكون غريبة ومضحكة، وكأن الصعايدة لم يدخلوا مدارس أو جامعات رغم احتواء الصعيد على قرابة 10جامعات، فهم يتوقفون باللهجة في الدراما التي يقدمونها عند الصعيد في العصر المملوكي والعثماني.

الصعيد يتغير

ويتحدث بدران عن الأزياء المتداولة في الدراما الصعيدية، فيقول: أتوقع أن هناك بعض الملابس الجاهزة لديهم من جلاليب وعمائم، وكل عمل درامي يستعين به ويعيره للآخر، وهناك بعض المتغيرات حدثت في الصعيد منها الاقتصادية التي أثرت على الزى، الجلباب الخليجي على سبيل المثال إلى حد ما موجود بشكل كبير جدا في بعض القرى، لأن أبنائهم يعملون بالخليج، فضلا عن الأزياء الأونلاين التي تقبل عليها الفتيات في الصعيد، فالمصانع لا تصنع فساتين صعيدية للصعيديات، أو السيناويات أو أهالي الدلتا.

واستكمل بدران: أما عن مواقع التصوير، فهل القرية التي صوروا بها مسلسل “موسى” موجودة أم اختفت؟، وأين هي؟، هم لا يعرفون أن كل بيت في الصعيد على الأقل به جامعيين، هل لم يتغير شئ في المنازل ولا الديكورات ولا الأزياء، وكأن الصعيد وقفت به الساعة الزمنية. نحن لا نطلب المستحيل أو تجميل وتزيين الصعيد، وإنما عرضه كما هو الحاضر والواقع، مواقع التصوير واقعية ونستقبلهم بكرم الصعيد وحفاوته، ونقدم لهم المشورة.

واختتم بدران حديثه: اعتقد أن ما يحدث الآن هو نوع من تشويه الصعيد من أجل بيعه بدراهم معدودة، ولا أفترض حسن النية في ذلك، بسبب هذا التكرار والإصرار على هذه الصور وهذا النمط، الصعيد يحتاج إلى دراما تعبر عن البطالة الموجودة به، والشباب الحالم بمصانع تتوفر فيه، عن مثقفيه ومبدعيه فتحت كل نخلة شاعر وقاص ومسرحي وفنان، ولكن كلهم يحتاجون إلى المركزية لترى مواهبهم النور.

اقرأ أيضا

حوار| «حسن القناوي»: نستخدم اللهجة القنائية في المسلسلات لأنها الأسهل نطقا

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر