عبدالرحيم مبارك: عندما يصبح النحت تجربة روحية

في منتصف التسعينيات، كان النحات الفطري عبدالرحيم مبارك يسافر للعمل في بلاد بحري، وبالأخص إلى مدينة الغربية. لكنه لم يكن يعلم أن هناك عالما آخر ينتظره. يسير في الشوارع يشاهد الرسومات والمنحوتات الموجودة، ويتساءل هل يمكن للإنسان أن يصنع مثل هذا؟، لتكون الإجابة بمثابة النافذة التي جعلته يخرج إلى عالم فن النحت والشعر معا ويبدع فيهما.

نحات بالفطرة

عبدالرحيم مبارك من مواليد 1981م، بمدينة دشنا شمال محافظة قنا، قضى أغلب سنوات عمره ما بين موهبته الفطرية في النحت والشعر، وما بين عمله وبحثه عن لقمة العيش كغيره من أبناء الصعيد المغتربين.

يقول عبدالرحيم لـ”باب مصر”، إن تجربته مع النحت والشعر هي تجربة ممتزجة بعوالم القرية والريف، فهو تربي في منازل قرى الصعيد المتسمة بالطراز الطيني والأسطح المعقودة بسعف النخيل، إضافة إلى جو القرية الزراعي والأشجار ووقت الحصاد والأواني المصنوعة من الفخار أشياء أخرى تتسم بها البيئة الريفية في قرى الصعيد، كل ذلك شّكل في وجدانه الأعمال التي ينفذها حالياً، مضيفا أنه مثل كثيرين من الفنانين الفطريين تكون البيئة هي العامل الأساسي في تشكيل سماته الفنية في أي فن من الفنون الموجودة.

مواد طبيعية

يستخدم مبارك مواد الطبيعة في محيطه يصنع منها ما يستطيع تنفيذه، فتارة من الحجارة الصخرية وخشب الأشجار ومواد الأسمنت والجبس، وهي عناصر متوفرة في القرية ويرجع ذلك لعدم القدرة المادية، فيضطر إلى استخدام الأدوات التقليدية مثل، الإزميل والمطرقة في النحت على الخشب والحجر، ويديه في الجبس والأسمنت.

يهتم النحات في الدراسة الأكاديمية بعناصر الفراغ والكتلة والحجم والخط والحركة والضوء والظل والملمس واللون، وفقا لمقاييس ودراسات أكاديمية، ويقصد بالكتلة حجم العمل في الفراغ ووزنه، أما الحجم فيُقصد به الفراغ الذي يشغله العمل، والخط يعني أطراف قطعة النحت، بينما يمارس مبارك النحت من خلال موهبته الفطرية، فهو لم يلتحق بكلية ولم يدرس الفن أكاديميًا، ولا التحم مع فنانين آخرين من ثقافات مختلفة، بل هو ينظر إلى النحت على أنه خطاب روحي يرسم صورة ذهنية تخرج للعلن بين الشخص ومجسدته التي ينفذها، وهو ما يشعر به حينما يبدأ في عمل أي قطعة سواء كانت حيوانات أو أشجار أو منازل أو مجسمات أو رسومات، موضحاً أنه يدخل في غرفته المخصصة ويترك شعوره هو الذي يحركه في تنفيذ منحوتاته المختلفة.

يتحدث عبدالرحيم عن المدة التي يستغرقها في تنفيذ أعماله، فيقول: أكثر الأعمال التي تستغرق وقتاً هي أعمال النحت على الخشب، خاصة العصا التي تكون على أشكال مثل رأس الأفعى والحمام والفرس، فهي تحتاج إلى دقة متناهية لإبراز تفاصيل الشكل خاصة أنه يعشق خروج  الشكل من بين يديه أعمالا تعجب الجمهور.

معاناة وحلم

يرى مبارك أن غياب دور وزارة الثقافة في احتضان الفنانين الفطريين ومحاولة تقديمهم للجمهور هو ما يعاني منه الكثير حتى الآن في المجتمعات المحلية، خاصة أن المجتمع ينظر إليك بالمثل الشعبي القائل “الفن لا يوكل عيش”، ويحلم مبارك بخروج أعماله النحتية إلى النور، ويشارك في معارض كبيرة تحتضنه وزارة الثقافة لتسويق منتجاته الخشبية وتنتشر أعماله في ميادين مصر المختلفة.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر