صور| بالرسومات والألوان.. “حكاية شطب” ترويها فاطمة كشك

تصوير: أميرة محمد

 طفلة تحسب أنها لا تملك في حياتها الصغيرة سوى معلومات بسيطة تنحصر فى سنها ودراستها واسم قريتها، تفتح عينها فجأة على كتب التاريخ التي دونها عدد من الباحثين في قريتها، لتكتشف من خلالهم التاريخ القديم لقرية شطب إحدى قرى محافظة أسيوط، والذي سجلُ على هيئة قصة للأطفال ذات حبكة درامية وصور تجسيدية.

و”حكاية شطب” من تأليف الباحثة الأثرية فاطمة كشك، ورسوم الدكتورة إيناس ضاحي، وكنتائج للبعثة البريطانية بقرية شطب.

نادية “بطلة القصة”

“نادية” هي طفلة بنت 11 عاما، تدرس في الصف الخامس الابتدائي، وتسكن بقرية شطب في محافظة أسيوط تذهب إلى المدرسة بصحبة زملائها سيرًا على الأقدام لتلاحظ في مرة عدد من الأشخاص يقومون بأعمال فى القرية لتقف بعض الوقت وتشاهد وتسأل، “هكذا جاءت بداية القصة والتي تهدف إلى اكتشاف تراث وتاريخ قريته شطب من خلال عدد من الباحثين بالقرية والذين قرروا من خلال الإجابة سرد حكاية شطب”.

الحكاية

“المشهد حصل فى الحقيقة، وكان هو مصدر إلهامي لكتابة القصة فإذ بطفلة تمر علينا أثناء العمل بمشروع أسيوط الإقليمي التابع للمتحف البريطاني، لتقف وتسأل عن الذي يدور داخل قريتها”، هكذا تبدأ الأثرية فاطمة كشك، شرح فكرة قصتها والتي استوحتها من أطفال القرية.

كتابة قصة عن قرية شطب بأحداث درامية وحقائق تاريخية، هي فكرة جاءت لفاطمة من اهتمام مشروع أسيوط الإقليمي التابع للمتحف البريطاني بوضع نموذج مختلف من المشاريع الأثرية البحثية، والذي بدأ فى عام 2016 كمشروع يهدف إلى البحث عن مدينة شطب القديمة والتى كان اسمها شاشوتب القديمة.

تقول كشك: من بداية المشروع وهناك اهتمام كبير بإشراك المجتمع المحلي بقرية شطب بأعمال المشروع، عن طريق عقد اجتماعات مع مجموعات من أهل القرية كبار وأطفال، وتزويدهم بمعلومات مختلفة عن القرية، والتعرف منهم عن تراث قريتهم الماضي والحالي والحديث، بالإضافة إلى أنشطة مختلفة قام بها المشروع، والذي كان من أهدافه إخراج بعض الكتب توثق معلومات عن محافظة أسيوط بشكل عام والغنية بالمواقع الأثرية القديمة من عصور مختلفة وكتب توثق تاريخ قرية شطب نفسها.

ترجع نادية الى المنزل وهى سعيدة ومبسوطة بكل ماعرفته عن شطب القديمة والمراحل التاريخية الكثيرة التى تعاقبت عليها وفي المساء حتى بعد أن ذهبت للنوم كانت ماتزال تفكر فى القصة، ولم تكن تعرف أنها سترى شطب القديمة مرة أخرى بنفسها وهذه المرة ستزورها فى أحلامها.

نادية وأصدقائها فى طريقهم للمدرسة

3 أعوام ونصف هي مدة المشروع منذ أن بدأ، ونتج عنه إصدار كتابين مختلفين فى السرد والشكل والمضمون، فالأول هو أسيوط المدينة الحارسة والذي جاء عن أسيوط بشكل عام ومنها قرية شطب، والثاني حكاية شطب.

تكمل كشك، “حكاية شطب” مكتوب وموجه بشكل مختلف فبما أنه يهمنا فى المقام الأول إشراك الأطفال والشباب قمنا بعمل العديد من ورش العمل لتوعية بتاريخ شطب في أشكال مختلفة على مدار السنوات الثلاث، من هنا كان الهدف لمخاطبة هؤلاء الأطفال وتوثق تاريخهم بشكل شيق ونفس الوقت بمضمون غني بالمعلومات، من خلال كتاب ليس علمي ذات شكل تقليدي، لتخرج حكاية شطب بشكل درامي.

الكتاب يتضمن عدد من العناصر الكتابة السردية والنصوص التاريخية والرسومات ذات الألوان والأشكال المختلفة، لتوضح هنا “كشك” مراحل كتابة القصة بأنها مرات بمراحل مختلفة أولا تحديد الجمهور هما شباب القرية بداية من 8 سنوات وهو السن القادر على استيعاب المعلومات ومنهم جاءت الخطوة الثانية تحديد أسلوب الكتابة ليس معقد يصعب الفهم ولا سلس بزيادة يفقدنا المعلومات التاريخية.

غلاف الكتاب

أما المرحلة الثالثة، هي جمع المعلومات والتى تنحصر في تاريخ قرية شطب، ورابعا عمل قصة خيالية تحكي بشكل شيق وليس تقريري يضع في قالبها المعلومات وتكون بشكل مختلف، مشيرة إلى أن الفكرة جاءت بفضل الاحتكاك بأهالي أطفال قرية شطب ومن لديهم شغف وحب استطلاع تجاه التاريخ.

بطلة حكاية شطب هى نادية الطفلة مع إدخال شخصيات قريبة الي حد كبير للواقع كإشراك الأثرين العاملين بالفعل في القرية ومفتشين الآثار المحليين والممثلين من وزارة الآثار، لتحكي القصة تفاصيل أثرية هامة كأهمية الفخار ودلالاته، وشكل قرية شطب القديمة، وتتوالي الأحداث وتأثرت نادية بالقصص التي تسمعها لتحلم أنها فى رحلة رأت من خلالها شكل شطب القديمة ومنها بيتها.

كل قطعة فخار في حد ذاتها معبرة عن فترة تاريخية محددة وذلك عن طريق المواد التى صنعت منها وشكلها وتصميمها والرسومات الموجودة عليها وعن طريق تصنيف القطع الفخارية يقوم متخصص الفخار وهو عضو فريق عمل البعثة ببناء الخط الزمنى لشطب القديمة

المعلومات التاريخية الواردة في القصة جزء كبير منها نتيجة أبحاث البعثة البريطانية بقرية شطب مع إدماج النتائج التي حصل عليها الباحثين من الحفائر الأثرية، ومن خلال التوثيق المعماري الذي حصل لمنازل شطب فى المدينة التي ترجع إلى أواخر القرن الـ19 وأول القرن الـ20 من خلال التوثيق استغلت المادة العلمية وأدمجتها فى أحداث القصة عن طريق عرضها فى المعلومات من بداية القصة إلى نهاياتها.

فتاة ترتدي مريلة صفراء ذات قدم ظاهرة من الحذاء، تحمل على ظهرها شنطة الدراسة تقف على حجارة سوداء اللون، منزل من الطوب اللبن ذو دور واحد، مجموعة من الرجال ذوي ملابس متنوعة منهم من يرتدي الجلباب، ومنه من يرتدي القبعة والجينز والتيشرت، أواني فخارية ذات ألوان مختلفة.. وغيرها من الرسومات التي صاحبت السرد الدرامي جاءت من خلال الدكتورة إيناس ضاحي، بكلية تربية نوعية بجامعة أسيوط، والتى بها تكتمل حكاية شطب.

هنا توضح “كشك” التعاون الذي جاء بينها وبين الدكتورة إيناس، أنه وبما أن المشروع كان موجه إلى الأطفال من البداية فبالتالي جاء الرسم جزءا أساسيا في القصة، ولأن الأحدث ذات قيمة هامة ومتنوعة فكانت الطريقة المثلي للتعبير عنها هو الرسم، كشكل القرية حاليًا وقديمًا وشكل الأثرين وغيرها، وعليه تم الاستعانة بمتخصصة فى رسوم قصص الأطفال فتم استشارتها عن كيفية تنفيذ الرسومات للقصة لتتبرع الدكتورة باشتراكها فى المشروع من خلال  رسم رسومات حكاية شطب.

حريق قرية شطب قديمًا

ولتنفيذ هذا جاء بطريقتين الأولى، عن طريق شرح المعلومات التاريخية لها باجتماعات وصور عن ما قامت به البعثة، والثانية قيام ضاحى بزيارة القرية بنفسها لتصور العناصر التي جاءت في أحداث القصة.

أما عن رد الفعل المتوقع فتري صاحبة حكاية شطب أنه من اهتمام وشغف الأطفال وفخرهم الشديد بتراثهم تتوقع الاستمتاع بالقراءة في المقام الأول، والاستفادة بالمعلومات التاريخية والتراثية الموثقة، خاتمة “يهمني جدا يحسوا أن استلهام القصة جاء من شغفهم بمعرفة تاريخ وتراث قريتهم”.

اقرأ ايضا

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر