طب الفراعنة | هل كان أخناتون مصابا بـ«تشوه العظام»؟

نواصل رحلتنا مع طب الفراعنة، حيث يشير الدكتور يحيى الجمال في كتابه (تاريخ الطب والصيدلة في العصر الفرعوني) إلى بردية أدوين سميث الطبية، والتي تعرضت لحالات مارس فيها الطبيب المصري طب تجبير الكسور وعمل الجبائر من الكتان وورق البردي، كما تشرح البردية حالة رجل كان مصابا بجذع المفاصل، والذي وصفه الطبيب المصري بأنه “انفصال عظام دون أن تتغير علاقتها ببعض”، وتورد البردية أيضا حالات تصلب الرقبة وتشرح طريقة رد الفك السفلي إلى موضعه في حالة خلعه، عن طريق أن يضع المعالج إبهامه وسبابته بطريقة معينة.

الكسور والجبائر في طب الفراعنة

حسب الدكتور حسن كمال في كتابه الطب المصري القديم وطبقا لبردية أدوين سميث، فقد استخدم الطبيب المصري نوعين من الجبائر:
– جبائر مصنوعة من الكتان ومشبعة بالغراء والجبس وتسمى بالجبائر المقواة، ووجدت في بعض المومياوات وتشبه القوالب المستحدثة التي تحمل الأطراف المكسورة.
– جبائر مقواة من القماش لحالات التجبير المرنة مثل عظام الأنف.
ويعتقد كمال أن الطبيب المصري حدد 7 أنواع للكسور؛ عولجت معظمهما بالجبائر سواء القوية منها أو الخفيفة حسب درجة الكسر ونوعه وموقعه.

أنواع الكسور في طب الفراعنة

أيضا يورد كمال أنواع الكسور على النحو التالي:
– البسيط : العظمة مكسورة والأنسجة متناثرة حولها قليلا والجلد سليم.
– المضاعف: العظمة مكسورة والجلد ممزق والكسر متصل بالخارج وهو معرض للتلوث.
– الكامل: تنفصل العظام عن بعضها تماما.
– غير الكامل: العظمة مكسورة كسرا جزئيا والغشاء العظمي غير منزوع.
– الشرخ: العظمة مشروخة فقط وفي موضعها الطبيعي.
– المنخسف: تنغرس العظام المكسورة في الأنسجة.
– المحشور: تكون الأجزاء المكسورة محشورة ببعضها البعض ومشكلة زاوية.

20 حالة كسر

كما يشير حسن كمال إلى أن  البردية ذكرت 20 حالة كسر متنوعة، مع تسجيل تشخيص الطبيب المعالج للحالة، نورد منها على سبيل المثال الحالة 35، وهي لرجل مصاب بهرس وتفتت في عظام الترقوة، والحالة رقم  44 لأضلاع مكسورة، ملمحا إلى نظرية بريستد والذي قال إنه عثر على 5000 أو 6000 هيكل  آدمي، اتضح بالفحص أن 3% منها كان مصابا بكسور كالتي تحدث في معركة أو قتال موضعي، وتبين من معاينة الكسور أنها عولجت وقربت من بعضها وثبتت بجبائر خشبية أو قماشية قويت بمواد غروية.
وكان الغراء يصنع بحسب كمال أما من مزيج العسل والدقيق والقشدة، أو أن يحضر الغراء من عظام الحيوانات وجلدها والأوتار وتغلى في الماء حتى تتركز ثم تصب في إناء لتبرد، ويتميز هذا النوع من الغراء بصلابته الشديدة.

علاج الكسور عند الفراعنة

تشير البردية أيضا إلى حالات خلع تراوحت ما بين البسيط والمضاعف في المفاصل تم علاجها بطريقة الرد، فيها يستخدم المعالج مهارات يديه من خلال معرفته الشكل الطبيعي للعظام وإعادته إلى الوضع التشريحي السليم، وتلخص البردية أسباب حدوث الكسور أما نتيجة العنف المباشر، كالذي يحدث في العراك أو عنف غير مباشر نتيجة حوادث السقوط مثلا، كما ذكرت أنه بمناظرة الحالات تبين أن الأطفال وكبار السن أكثر عرضة للكسور بسبب هشاشة عظامهم.
وحول شفاء والتئام الكسور، يستشهد كمال ببردية هيرست الطبية، والتي حددت شفاء الكسور في 4 مراحل تتم على مدار بضعة أسابيع أو شهر:
1- التئام  الكلس الرخو.
2- ترسيب الجير.
3- تحول الكلس الرخو إلى كلس صلب.
4- التئام الكلس الصلب.

أمراض العظام

طبقا لحسن كمال، انتشر مرض الكساح في مصر القديمة منذ 3000 ق.م، وعرف بعده بألف عام مرض تشوه العظام، وحسب كمال فقد اكتشف الطبيب المصري أن نقص النمو في كراديس العظام الطويلة يسبب ضعفا وليونة، ويسبب أمراض الكساح ولين العظام وتشوه القدمين والتقزم.

يلفت كمال إلى شيوع مناظر الأقزام في المعابد والمقابر المصرية، لافتا إلى ربط القدماء بينه وبين المعبود “بس” إله الفكاهة والمرح، واعتبروه مصدرا للإضحاك ولكنهم مع ذلك استطاعوا أن يكتشفوا حالات الإصابة بمرض التقزم وهو نوع من التشوه يصيب العظام، مشيرا إلى تمثال القزم خنوم حتب والمحفوظ بمتحف القاهرة ويعود تاريخه إلى (2700 ق.م )، ويكشف كمال أنه بفحص التمثال طبيا تبين أنه مصاب بالتقزم، فحجم رأسه وعظام صدره كبيران بالمقارنة إلى حجم وطول أطرافه، مع ملاحظة تفرطح قدميه وقصر عظام الفخذين والتقوس الواضح في عموده الفقري.

التشوه العظمي

كما يورد كمال الآراء الطبية التي وردت حول ظاهرة كبر عظام جماجم عائلة أخناتون (1351–1334  ق.م).. والتي أظهرت اخناتون وبناته في تل العمارنة برؤوس طويلة وغير منتظمة الشكل.. كما صور أخناتون بقوام نسائي، يشير كمال إلى  نظرية أليوث سميث.. والذي اعتقد أن سبب ذلك إصابة أخناتون وعائلته بمرض استسقاء الدماغ والذي أدى إلى تشوه عظام الجمجمة.

بينما يعتقد إيجل سونار سون، أن أخناتون كان مصابا بمرض نادر لم يعرف إلا عام 1885 على يد الطبيب الفرنسي بيير ماري.. وهو مرض كبر الأطراف والذي يحدث نتيجة لخلل في إفراز الغدة النخامية.. ويصنف على أنه من أمراض تشوه العظام، وتتلخص أعراضه بحسب سونا رسون في ضخامة الأنف وفرطحتها وضخامة الحاجبين والوجنتين.. أيضا عظام الفك والجمجمة وضخامة اليدين والقدمين وطول القامة.

التواء القدمين

في النهاية يشير كمال إلى الرسومات التي وجدت بمقابر بني حسن (2000 ق .م)، وفي مقابر تل العمارنة (1375 ق.م)، لأشخاص مصابون بمرض الحنف.. كما يشرح أنه تشوه يصيب القدمين أو إحداهما ويسبب التوائها وانحرافها وبسببها يسير الشخص المصاب على حافة أقدامه.. وهو ناتج عن نقص نمو كراديس العظام يدخل ضمن قائمة أمراض تشوه العظام.

هوامش

1- الطب المصري القديم “بي دي إف” – تأليف د .حسن كمال – الهيئة العام للكتاب  1998 – من ص 235 إلى 239.
2- تاريخ الطب والصيدلة في العصر الفرعوني “بي دي إف”.. د.سمير يحى الجمال – الهيئة العامة لكتاب 1994 – من ص 147 إلى ص 153.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر