عرض كتاب تاريخ موجز للزمان لـ”ستيفن هوكينج”

من مقدمة كتاب “تاريخ موجز للزمان” نستعرض أنه مع كل الصعوبات التي تعترض كل باحث في هذه المجالات، ورغم مرض العضال الذي ألمّ بمؤلف هذا الكتاب نفسه (والذي ربطه بكرسي ذي عجلات، وجعله غير قادر حتى على الإمساك بالقلم)، فإن ستيفن هوكينج استطاع أن يقدم في كتابه هذا إجابات متماسكة عن أسئلة مهمة وأساسية حيّرت وما زالت تحيّر العلماء، فضلا عن القراء غير المتخصصين: هل للكون حدود؟، هل يمكن للكون أن ينكمش بدلا من أن يتمدد؟، هل يرتد الزمان فيرى البشر موتهم قبل ميلادهم؟، هل للكون بداية أو نهاية؟

عن ستيفن وكتابه

في مارس من العام الماضي داهمتنا وفاة العالم الشهير ستيفن هوكينج بعد أن عاش حياة أليمة على كرسيه المتحرك، وفي الوقت الذي كان العالم فيه يرثي شخصا في قامته العلمية، كانت معظم الأوساط العربية على مواقع التواصل الاجتماعي تقذفه بأوضع النعوت والألفاظ تشفيا في انتهاء رحلة رجل ملحد مثله، لكن هل ينبغي أن نطلق لفظة “ملحد” على كل من يقول كلاما لا نفهمه؟، فكتابه “تاريخ موجز للزمان” في نسخته المترجمة للعربية هو أداة هامة وخطيرة لكلا الفريقين سواء المؤيدين لنظرياته أو المعارضين، لأنه ليس من المنطقي أن تُشن حملة على رجل علم لمجرد فكرة هائمة عنه غير مؤكدة، وأن يتم اختزاله بكل ما قام به من أبحاث في فكرة واحدة ضئيلة مفادها أن هوكينج ينكر وجود خالق لهذا الكون.

وانتهى ستيفن هوكينج من تأليف هذا الكتاب عام 1987، وكان وقتها أستاذ كرسي لوكاس للرياضيات في جامعة كمبردج، وهو منصب كان يشغله نيوتن ذات يوم، وكان هوكينج قد قرر منذ مرحلة المسودات الأولى للكتاب أنه سيكون “شعبيا” مُخصصا في المقام الأول للقراء من خارج المجالات العلمية كالفيزياء والفلك والكونيات، بحيث أنه يحتوي على أهم النظريات والأبحاث لكن بطرق مبسطة جدا، وكانت لجنة التحرير قد أعلمت هوكينج أنه مع كل معادلة علمية سيضيفها للكتاب سيقلل ذلك من قدر مبيعاته للنصف.

ويعترف “هوكنيج” في مقدمة الكتاب أنه أصاخ السمع لكل تلك الملاحظات إبان فترة الإعداد والتحرير، وأنه عرض المسودات على كثيرين من طلابه ومساعديه وسكرتيراته وممرضاته، كما أنه يتوجه بجزيل الشكر لكلية جونفيل وكايوس ومجلس البحوث العلمية والهندسية، ومؤسسات ليفرهولم، ومكارثر، ونوفيلد، ورالف سميث على كل ما قدموه له من دعم بحثي وصرف مادي على نفقاته الطبية.

جدير بالذكر أنه يستند هوكينج في تأليفه للكتاب على نظريات لأسماء كبيرة سبقته مثل بطليموس وأرسطو وكوبرنيكوس وجاليليو وإسحق نيوتن وإينشتين. وإن كان نجح في تقليل عدد المعادلات الرياضية، فقد أزاد من الرسومات التوضيحية، خاصة في المواضع التي يتطلب فيها الأمر شرح ما يُقال بشكل مرئي، ويحاول المؤلف طوال فصول الكتاب محاولة الإجابة عن سؤالين أرقا البشرية منذ فجرها ألا وهما: من أين أتينا وإلى أين نحن ذاهبون؟، فيخصص لذلك فصلا كاملا بعنوان “أصل الكون ومصيره” كذلك يتطرق لإشكاليات بعينها كمفهوم الثقوب السوداء وسهم الزمان والجاذبية والكواركات والبروتونات.

من أجواء الكتاب نقرأ

في عام 1514 طُرح نموذج بواسطة قس بولندي هو نيكولاس كوبرنيكوس، ونشر كوبرنيكوس نموذجه أول الأمر دون توقيع، وربما كان ذلك خوفا من أن تتهمه الكنيسة بالهرقطة، وكانت فكرته أن الشمس ثابتة في المركز بينما تتحرك الأرض والكواكب في أفلاك دائرية حول الشمس، وقد مر ما يقرب من قرن قبل أن تؤخذ هذه الفكرة مأخذا جديا، لقد تخلص نموذج كوبرنيكوس من كرات بطليموس السماوية، وتخلص معها من فكرة أن الكون له حد طبيعي، ولما كانت النجوم الثابتة لا تظهر تغيرا في مواقعها عدا بعض دوران عبر السماء نتيجة أن الأرض تلف حول محورها، فقد كان من الطبيعي افتراض أن النجوم الثابتة هي أشياء مثل شمسنا ولكنها أبعد منها كثيرا.

إننا نجد أنفسنا في عالم محيّر، ونحن نريد أن نجعل مما نراه حولنا شيئا معقولا ونسأل: ما هي طبيعة الكون؟، ما هو مكاننا فيه؟، ومن أين أتى هو وإيانا؟، لماذ يكون كما هو عليه؟، وحتى نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة فإننا نتخذ “صورة ما للعالم”، وأقدم المحاولات النظرية لتوصيف وتفسير الكون كانت تتضمن فكرة أن الأحداث هي والظواهر الطبيعية تحكمها أرواح ذات عواطف بشرية تتصرف على نحو مشابه جدا للبشر، لا يمكن التنبؤ به.

عن تاريخ موجز للزمان

كتاب “تاريخ موجز للزمان” صادر عن دار الثقافة الجديدة طبعة أولى 1990 في 160 صفحة من القطع الكبير، مزود بمعجم للمصطلحات العلمية وملحق سير ذاتية حول ألبرت إينشتين وجاليليو جاليلي وإسحق نيوتن. ترجمه للعربية د. مصطفى إبراهيم فهمي.

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر