صور وحكايات: صانع الطرابيش

عندما نشبت حرب البلقان الأولى عام 1912، بين الدولة العثمانية (التي كانت مصر تتبعها في ذلك الوقت) من ناحية، وبين اتحاد دول البلقان من ناحية أخرى، حدثت أزمة في الطرابيش في مصر!

نشبت الحرب بسبب قيام الإمبراطورية النمساوية المجرية بضم إقليمي البوسنة والهرسك. وحدوث تحالف بين دول البلقان ضد الدولة العثمانية، بعد الاضطرابات التي تعرضت لها إبان اندلاع ثورة تركيا الفتاة عام 1908. لكن ما علاقة كل ذلك بالطرابيش؟

كانت الطرابيش تأتي إلى مصر في الأساس من مصانع النمسا. وسواء كان سبب أزمة الطرابيش هو توقف حركة الاستيراد من النمسا مع اندلاع الحرب. أو بسبب مقاطعة المصريين للمنتجات النمساوية والأوروبية عموما تضامنا مع تركيا. فلم يكن هناك طرابيش يمكن أن تشترى في المتاجر.

يحكي محمد لطفي جمعة في كتابه “حياة الشرق”، أن محمد فريد بك لبس طاقية من الصوف الأبيض بدلا من الطربوش ودخل به على حسين رشدي باشا. فقابله الباشا بالسخرية قائلا: “سلامة عقلك يا فريد بك!”، وصارت هذه الحادثة مادة للتندر في جرائد ذلك الوقت!

هنا تقدم إسماعيل باشا عاصم صاحب هذا الضريح. وكان من كبار الأعيان، لحل هذه المشكلة، ووَضَعَ جزءا كبيرا من ثروته لتأسيس مصنع طرابيش مصري في مدينة قها.

لكن المشروع لم ينجح. لم يتحمس الطرابيشية للتعامل مع الطربوش المصري. ربما لأن ربحه أقل، كما أن الحكومة المصرية التي كانت تشتري عشرات الآلاف من الطرابيش للجيش المصري سنويا أعرضت عن التعامل معه، ربما تحت تأثير أجنبي. باع إسماعيل باشا المصنع في النهاية لأصحاب المصانع في النمسا، والذين أغلقوه بعد أن دفعوا ثمنه.

ضريح إسماعيل باشا عاصم
ضريح إسماعيل باشا عاصم

مضت سنوات عديدة إلى أن تم بالفعل إنشاء مصنع ناجح على يد أحمد حسين زعيم مصر الفتاة عام 1933. هو مصنع القرش في شارع الطرابيشي الحالي في العباسية. وقد دعمته الدولة هذه المرة بتقديم الأرض مجانا، وهو مصنع له قصة أخرى. لكن يظل إسماعيل باشا عاصم هو صاحب السبق في هذا المجال.

المكان: قرافة الإمام الشافعي.

اقرأ أيضا:

بلدوزر «الحكومة» يواصل دهس جبانات القاهرة

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر