عادل مصطفى في معرضه «أحباب النيل»: أواجه ضغوط الواقع بالحلم في لوحاتي

ينتقل الفنان التشكيلي «عادل مصطفى» بتجربته الفنية من تأثره ببحر الإسكندرية إلى سحر نهر النيل، من خلال معرضه الجديد «أحباب النيل»، المقام حاليا بقاعة الزمالك للفن، والمستمر في الفترة من 18 مايو الجاري إلى 5 يونيو. يستعرض المعرض ملامح جديدة من مشروع الفنان التشكيلي، حيث يغلب عليه الحس الشاعري والخيال الرومانسي، مستلهما من الطبيعة المصرية ما يعكس به عالما حالما في مواجهة صخب الواقع وضغوطه.

تأثير النشأة في بيئة هادئة

يعتبر مصطفى أن نشأته في كفر الشيخ أثرت في رؤيته للحياة من حوله. حيث نشأ في منطقة هادئة، لأب شاعر كان يصطحبه إلى الندوات وجلسات قراءة الشعر. مما انعكس على رؤيته كفنان من الصغر، في نظرته الشاعرية الحالمة للعالم من حوله.

ويقول لـ«باب مصر»: “عندما انتقلت للدارسة الجامعية في الإسكندرية بكلية الفنون الجميلة، رأيت المدينة بشكل سلبي. لأنها كانت صاخبة بخلاف هدوء كفر الشيخ، وهو ما ظهر في تجربتي الأولي (خارج الإطار). حيث نظرت إلى الإسكندرية على أنها ليست البحر فقط، فخرجت اللوحات برؤية سلبية للمدينة الصاخبة. لكن، عندما عدت إلى رؤيتي الشاعرية ونظرت مختلفة. بدأت أرى تأثير الإسكندرية الفني بما تحمله من تنوع ثقافي، ومدرستها التشكيلية، وأساتذتها العظماء الذين أثروا حياتي ورؤيتي التشكيلية”.

وأضاف: “أحسست أن معرض (خارج الإطار) يحمل طاقة سلبية. وأعتقد أن الفن لا يجب أن يُظهر عيوب المجتمع، بل يقدم صورة جميلة حالمة تعوضنا عن ضغوط الحياة اليومية. وقد تجسد هذا التوجه في معرضي (الطريق) عام 2018، حيث أوحى لي برؤية جديدة للطرق التي اعتدت السفر عليها بين الإسكندرية وكفر الشيخ والقاهرة والبرلس ورشيد”.

 حالة فانتزيا وحلم   

 يتجول عادل مصطفى في تجربته من البحر إلى النهر، بين ربوع المشهد المصري، ويسافر بالخيال الرومانسي الحالم، باحثا عبر اللغة البصرية التشكيلية عن العاطفة وعذوبة الطبيعة، في مواجهة سطوة الحضارة الخرسانية المعاصرة، بحسب ما ورد في الكتيب التعريفي للمعرض.

ويضيف: “يصحبني دائما في تلك الرحلات التشكيلية الممتعة أبطال عالمي الخاص من العرائس الخشبية ذات الطابع الشعبي المصري، الزاهية الألوان. التي تذكرنا ببراءة الماضي والحنين للحالة المصرية الشعبية، وتوقظ سعادة الطفولة بداخلنا. عرائس النيل هنا تتعايش مع المشاهد في تنوعها وثرائها بين الألوان الفضية والذهبية والرمادية والأخضر بتنويعاته ودلالاته. حيث يلعب الفضي دورا هاما في تفاعل المتلقي مع العمل. فاللوحة في حالة تغير دائم، تماما كحال الحياة المستمرة”.

ويقول مصطفى لـ«باب مصر»: “يدخل مشاهد المعرض معي في حالة من الفانتازيا والحلم والدهشة، وهذا أقصى أهداف الفنان من لوحاته أن يصل بها المتلقي إلى الدهشة والحلم وإن كان يري لوحة من واقع حوله”.

لقد اخترعنا الفن لكي لا نموت

ويقتبس هنا قول الفيلسوف الألماني نيتشه: “لقد اخترعنا الفن لكي لا نموت من الواقع”. ويستند إلى هذا المبدأ ليصوغ لوحاته في إطار من الواقعية السحرية. ففي لوحات “أحباب النيل” يظهر النيل نظيفا، خاليا من أي ملوثات على ضفتيه. حتى الصيادون تخرج شباكهم محملة بالورود والزهور لا بالأسماك.

ويفسر ذلك بقوله: “منذ بدأت أرى الإسكندرية بعين مختلفة، وأركز على جماليات البحر فيها. بدأت استخدم تيمة أساسية في أعمالي، تمثلت في شخصيات تشبه العرائس الخشبية الصغيرة. وحتى البحر صار يلمع بالفضة، وقوارب الصيد باتت مليئة بالورود بدلاً من الأسماك. هذه الرؤية تعد معادلة لضغوط الحياة، إذ تنقل اللوحة جماليات الحلم. وتجعل المشاهد يشعر بالسعادة والاطمئنان، حتى لفترة لحظية. كما لو كان يشاهد فيلما أو مسلسلا جميلا أو لوحة تشكيلية”.

ويقول: “لا تظهر مشاكل الحياة في لوحاتي، لأنني أناهض الواقع بالحلم، نقل الواقع كما هو ليس دور الفن. بل قد يكون دور الصحافة والأبحاث الأكاديمية”.

في معرضه الحالي، يرى عادل مصطفى أن الماء في النهر أكثر هدوءا من صخب البحر. ويرى انعكاس الأرض على وجه النيل كأنه مرآة. وفي بعض الأماكن يظهر هذا الانعكاس بشكل مطابق. وحتى شكل المراكب السياحية المنارة بألوان صاخبة، والتي قد يراها البعض مزعجة. إلا أنها بالنسبة له تصنع نوعا من البهجة. وفي بعض اللوحات تختفي الألوان، ويكتفي بدرجات اللون الرمادي، وتظهر الألوان في ملابس شخوصه.

رسالة ودعوة للاستمتاع بالمشهد

في «أحباب النيل» والعروض السابقة، يؤسس الفنان لدعوة ورسالة مستمرة للاستمتاع بالمشهد الحالم الرومانسي، والعودة للطبيعة والجذور. في مواجهة نفسية لما يدور حولنا من صراعات وضغوط حياتية يومية. وكأن النيل العظيم يواصل مداده ونفحاته لأحبابه.

ويقدم في تجربة جديدة ضمن المعرض مجموعة من أعمال الطباعة الغائرة (زنك) والطباعة الحجرية (ليثوجراف). لعمل شكل واحد يعاد تشكيله بتنوع من خلال لمسات وإضافات الفنان. ويقول في وصف التجربة: “كأني أعزف تنويعات متعددة على وتر واحد، وأتذكر هنا تغريدات أم كلثوم. حين تكرر الجملة الواحدة مرات عديدة. وفي كل مرة تقدم إحساس وحالة جديدة”.

اقرأ أيضا:

ما زال هناك من يرثي بائع الكتب «إدوارد منير»

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.