دليل الفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

المعماري محمد عوض في افتتاح «أيام التراث السكندري»: «هل يمكن أن يكون للمدينة DNA؟»

افتُتحت فعاليات «أيام التراث السكندري» في دورته السادسة عشرة بلقاء مع المعماري السكندري الكبير الدكتور محمد عوض، بمشاركة الدكتور محمد عادل الدسوقي، تحت عنوان «الإسكندرية.. الأحياء التاريخية»، وأدار اللقاء توما فوشيه، مدير مركز الدراسات السكندرية الفرنسي.

النشأة وسط تحولات المدينة

تحدث الدكتور محمد عوض عن نشأته في مدينة الإسكندرية قائلاً: “نشأت في حي برجوازي، كل ما حولي ڤيلات، وكان السكان خليطا من جنسيات مختلفة. وكانت الحياة الاجتماعية قوية في منطقة بولكلي، وكان الشارع يسمى م.فيرمن. وبالبحث عن شخصية فيرمن اكتشفت أنه أول من حصل على امتياز ترام الرمل”.

وأضاف: “رغم أن منطقة بولكلي كانت برجوازية بعض الشيء، إلا أن الناس كانوا بسطاء. وكانت هناك فيلات كبيرة لجنسيات مختلفة؛ من سويسرا ومالطا ومصريين أيضا. وكان الحي يغلب عليه الطابع الإنجليزي. إذ كان يسكن فيه المندوب السامي، إلى جانب عدد من  العائلات الأخرى. كما كان يسكن فيه الأخوان وانلي، وكنت أراهما يستقلان ترام الرمل للذهاب إلى كلية الفنون الجميلة”. ووصف المنطقة بأنها كانت كوزموبوليتانية الطابع.

مراحل نشأة المنشية

من جانبه تحدث الدكتور محمد عادل الدسوقي، رئيس قسم العمارة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا- فرع العلمين، عن نشأته في وسط المدينة، وتحديدا في منطقة المنشية، وعرض صورا لمراحل نشأته المختلفة. وشكل المدينة آنذاك من مبانٍ وميدان المنشية الذي يختلف كثيرا عن شكله الحالي، مرورا بمحطة الرمل وخريطة الإسكندرية التي كانت معلقة بها. وكانت أول خريطة يراها للمدينة، والتي اختفت لاحقا في ظروف غامضة!

كما عرض “الدسوقي” تطور مدينة الإسكندرية منذ نشأتها بالخرائط، مشيرا إلى أن تخطيطها القديم كان شبكيا متعامدا. بينما التقسيم الإداري الحالي لم يعد متسقا تماما مع الصورة الذهنية لدى سكانها.

DNA لمدينة الإسكندرية

تساءل الدكتور عوض: هل يمكن أن يكون للمدينة DNA خاص بها؟ وأوضح أن المدينة كائن حي له خصائص مميزة. ويمكن أن نطلق على هذه الخصائص (DNA). فالتنمية في أي مدينة يجب أن تراعى الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، لأنها جميعا تصب في قاعدة المدينة أو أساس التنمية الحضرية.

وأشار إلى أنه منذ القرن الـ19، عندما عاد محمد علي باشا إحياء الإسكندرية، فرض على المدينة الطراز العثماني، الذي جمع بين العمارة الإسلامية والأوروبية. ومن أهم مباني حي الجمرك آنذاك قصر رأس التين. وبجواره سكنت العائلات الكبيرة فيما عرف بالحي التركي.

واهتم محمد علي باشا بإنشاء الميناء والخرسانة البحرية دعما لأسطوله العسكري، وكانت الإسكندرية نواة هذا الأسطول. كما أنشأ أول مجلس تخطيطي للمدينة، يشبه بلدية الإسكندرية لاحقا. وسكن القناصل الأجانب (ميدان محمد علي حاليا)، الذي اتسم بالعمارة الإيطالية على غرار مدن البحر المتوسط.

بورصة مينا البصل

تابع “عوض” أن الميناء توسع في عصر الخديوي إسماعيل، الذي أنشأ كذلك بورصة مينا البصل، ما أعطى دفعة قوية للاقتصاد السكندري. وبعد قصف الإسكندرية عام 1882 بدأ عمران جديد، وتأسس مجلس بلدية الإسكندرية الذي خطط للمدينة. وأنشأ بورصة الأوراق المالية والمحاكم المختلطة. ووضع تمثال محمد علي في ميدان المنشية، لتتحول المدينة تدريجيا إلى مركز تجاري ومالي.

وأكد أن اختلاط الحضارات أهم ما يميز الإسكندرية، حتى في عمرانها الحديث، مثل منطقتي كوم الشفافة وعامود السواري. ومع امتداد المدينة بدأت العائلات البرجوازية ببناء القصور في شارع فؤاد. وفي عام 1873 ظهر الحي اللاتيني بنماذجه المعمارية المتنوعة، إلى جانب الحي اليوناني الذي ضم مباني عائلات الشوام.

رموز يجب الحفاظ عليها بالإسكندرية

أشار الدكتور عوض إلى أن شارع فؤاد بدأ يضم مباني ذات أهمية ثقافية، مثل تياترو ومسرح محمد علي (مسرح سيد درويش حاليا)، وبيت باسيلي الذي تحول إلى متحف الإسكندرية القومي. وفي عام 1898 افتتح المتحف اليوناني الروماني ليصبح أحد أبرز رموز العصر اليوناني الروماني في الإسكندرية الحديثة.

كما تحدث عن شارع أبوقير الذي يضم مدافن اللاتين والمنارة ومقابر الحرب العالمية الأولى. مشيرا إلى أنها من أجمل المدافن التي يجب الحفاظ عليها وجعلها حدائق مفتوحة للزيارة. على غرار ما هو متبع في فرنسا وإيطاليا. وأوضح أن منطقة الشاطبي تم التخطيط لها لتكون حيا للمؤسسات. إذ تضم الجامعة والمستشفى ومكتبة الإسكندرية. أما محرم بك فتمثل تفرعا بين شارعي فؤاد وأبوقير، وكان يسكن شمالها اليهود.

كيف تحولت قناة المحمودية؟

أما قناة المحمودية، فكانت في الماضي امتدادا زراعيا يمد المدينة بالخضروات والفواكه. ثم تحولت إلى منطقة صناعية، والآن أصبحت مساكن بعد أن فقدت ملامحها القديمة. رغم أنها كانت متنزها يرتاده الناس في رحلاتهم إلى رشيد وأبوقير.

وأشار إلى أن فكرة المدن الحدائقية ظهرت في الإسكندرية منذ عام 1918 في مناطق مثل سموحة والرأس السوداء والسيوف. فيما شكل الكورنيش ببحره وشواطئه أحد أعمدة اقتصاد المدينة. وانتقد ما حدث مؤخرا قائلا: “كل ما يحدث على الكورنيش الآن لا يخدم تنمية المدينة ولا يشجع السياحة”. مشددا على أن قصر المنتزه يمثل رمزا مهما يجب الحفاظ عليه.

وأضاف أن مناطق سيدي كرير والعجمي في غرب الإسكندرية تحولت إلى تجمعات سكانية بعد أن كانت مقصدا سياحيا مميزا، متسائلا: “من يتذكر ما كانت تمثله العجمي سياحيا من قبل؟”. كما أشار إلى أن بيت حسن فتحي ببرج العرب يعد من رموز المنطقة.

 ما الذي حدث للإسكندرية؟

اختتم الدكتور محمد عوض حديثه متسائلا بمرارة: “ما الذي حدث لمدينة الإسكندرية؟” موضحا أن المدينة أصبحت تعاني عمرانا بلا هوية، فقدت معه كثيرا من مبانيها التراثية. وانتشرت فيها المساكن العشوائية والتدهور الحضري.

وأكد أن أهم مشكلتين تواجهان أي مدينة هما: إدارة التخطيط العمراني، وزيادة السكان. إلى جانب التدهور البيئي وتقليص المساحات الخضراء. ضاربا المثل بميدان محمد علي الذي فقد طابعه التاريخي وأصبح ساحة فوضوية.

اقرأ أيضا:

«ريم بسيوني» في منتدى الإسكندرية والمتوسط: العمارة الإيطالية منحت المدينة ثراءً ثقافيا فريدا

بين التطوير والتراث.. شارع «أبوقير» بالإسكندرية يفقد أشجاره المعمَرة

«مذبحة أشجار أبوقير».. مشروع توسعة مرورية يُثير الغضب في الإسكندرية

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.