سلسلة عاشت الأسامي|”طابية الدخيلة” من حصن إلى “خرابة”

رغم عودتها للعصر المملوكي، ولعبها دور  مهم في التاريخ المصري، لاسيما في عهد محمد علي، تشهد منطقة طابية الدخيلة، أو الحوض الجاف، التي كانت حصنا لصد الغزاة، إهمالا شديدا.

كانت المنطقة القديمة تستخدم كحصن لصد هجمات الغزاة في العصر المملوكي، كما قام محمد علي باشا بتطويرها وتوسعتها وإقامة حوض بها لتقديم الخدمات وصيانة السفن القادمة لميناء الإسكندرية، حيث عرفت منذ وقتها بطابية الحوض الجاف، هكذا يقول الدكتور محمد عبد اللاه، أستاذ التاريخ العثماني بجامعة الإسكندرية.

ويضيف عبد اللاه أنه تم تحصين الطابية لتكون حائط صد لهجمات الغزاة عن المنطقة الغربية لساحل الإسكندرية، مؤكدا أنه في هذا الوقت قام ببناء عدة صهاريج أسفلها لتمد الجنود بالمياه، وفي الوقت نفسه تقوم بحماية سواحل مصر الشمالية، وأنشأ محمد علي باشا أيضا فيها حوضا لتقديم الخدمات وصيانة السفن القادمة لميناء الإسكندرية وعرفت من وقتها بطابية الحوض الجاف.
حصن حربي من العصر العثمانى

الدكتور سعيد منتصر، الباحث الأثري في وزارة الآثار بالإسكندرية، يقول إن “طابية الدخيلة الأثرية” تعتبر من أهم الطوابي الموجودة بالثغر، حيث كانت تعتبر قديما حصنا حربيا لصد هجمات الغزاة وقت الحروب، مشيرا إلى أنه في عهد الخديوي إسماعيل أعاد تحصينها وقام بمدها بمدفعين ضمن 200 مدفع طراز “أرمسترونج”.

ويضيف منتصر أن تلك المنطقة الأثرية تعود للعصر العثماني الذي أخذت الاسكندرية منه الكثير من البصمات العظيمة، موضحا أن تلك المنطقة كانت مرسى للمراكب الحربية ومنارة لإرشاد السفن في البحر، ومحاطة بمجموعة مدافع حربية خاصة بالحملة الإنجليزية على مصر، ومع التوسعات التي جرت بميناء الإسكندرية تم الاستغناء عن الطابية وأصبحت مثل الخرابة، على حد تعبيره.

تاريخ مهمل

وعن الوصف التراثي الدقيق لتلك الطابية الأثرية، يشير الدكتور جميل عبد الوهاب، أستاذ الآثار المصرية بجامعة الاسكندرية، إلى أن الطابية الحربية تعود لأيام عصر محمد علي، أما البرج فيعود للعصر العثماني، تلك هي التهيئة التاريخية لتلك البقعة الأثرية القديمة.

ويشرح عبد الوهاب تفاصيل المنطقة، مشيرا إلى أن برج الدخيلة الحربي عبارة عن مبنى مربع، يقع مدخله في الجانب الغربي على شكل فتحة مستطيلة ويفتح بها صفان من الفتحات الأولى و هي “المزاغل” والعلوية فتحات مستطيلة ويغطيه سقف من “البراطيم” الخشبية.

أما طابية الدخيلة الحربية الأثرية، فيؤكد عبد الوهاب أنها تقع إلى الشمال من البرج، وقد تبقى منها أجزاء من السور الخارجي في جهة الشمال وأجزاء من الغرب وأجزاء من السور الداخلي من الجنوب، أما الجهة الشمالية فهي عبارة عن مبنى مستطيل تحيطه الأسوار.

ويضيف عبد الوهاب أنه تبقى منها أجزاء من السور الخارجي في جهة الشمال وأجزاء من الغرب وأجزاء من السور الداخلي من الجنوب والشمال الخارجية والداخلية ويقع المدخل المؤدي للطابية جهة الجنوب، ويؤدي المدخل إلى فناء مكشوف تفتح عليه مجموعة من “الحواصل” المستطيلة.

ويوضح عبد الوهاب أنه يوجد في الركن الجنوبي الغربي فتحة عبارة عن مدخل مستطيل معقود بعقد نصف دائرية تؤدي إلى السراديب التي تؤدي بدورها مساحة مستطيلة تؤدي إلى مدخل آخر في الركن الشمالي الغربي، مؤكدا أن إطلال المصنع عبارة عن طابق متعدد الأبواب من الحجر الجيري يعود للعصور الإسلامية القديمة.

ويشير إلى أنه من الناحية المطلة على البحر توجد مكان لقطعة من الرخام المصقول بعناية في شكل دائري، حيث كانت تستخدم فى إرسال إشارات عن طريق المصابيح للسفن القادمة للشاطئ حتى لا تصطدم بالصخور القريبة.

دانه و مدفعين على الشاطىء 

الدكتور جميل عبد الوهاب، الخبير الأثري بالإسكندرية، يؤكد أن هذا الأثر العظيم ضربه الإهمال وسرقت أجزاء كبيرة منه دون معرفة قيمتها، التي تقدر بملايين الجنيهات، مشيرا إلى أن الطامة الكبرى هي أن الطابية غير مسجلة كأثر، وإن كان الحوض الجاف المجاور لها مسجلا في الآثار الرومانية والآثار لم تحرك ساكنا لإنقاذه من الإهمال.

ويضيف عبد الوهاب أن الدانات الحربية والمدافع التي جلبها محمد علي باشا لتحصين الطابية من الغزاة وقت الحروب مازال موجود منها مدفعين ودانة ملقيين على الشاطئ بجوار الطابية بشكل مهمل دون إعطائهم القيمة الأثرية والاستفادة منهم.

ويؤكد الدكتور جميل عبد الوهاب أن هناك أجزاء كبيرة تهدمت وانهارت من الطابية الأثرية بسبب الرطوبة وملوحة البحر وعدم الاهتمام من هيئة الآثار لترميم هذا المبنى الأثري بصفة مستمرة من أجل الاستفادة منه وجعله مزارا أثريا وسياحيا كبيرا للاستفادة منه بدلا من إهماله وتركه للمجرمين.

ملاذ للمجرمين

أما المهندس علي سعدي، أحد سكان منطقة الدخيلة، يقول إن أغلب سكان المنطقة من البسطاء وأيضا زوار المنطقة الذين يترددون علي شاطئ بحر الدخيلة لا يعلمون قيمة وتاريخ تلك الطابية بل يظنوا أنه منزل قديم مهدم لا قيمة له، مؤكدا أنه ومنذ سنوات طويلة وقد أصبحت ملاذا للبلطجية الهاربين من الشرطة ومتعاطي المخدرات.

ويوافقه الرأى سالم عبد الحميد، أحد الأهالي، مشيرا إلى أن باطن تلك الطابية الأثرية ملئ بالقمامة والقاذورات التي يلقيها السكان دون معرفة قيمتها الأثرية، مما جعلها مليئة بالرائحة الكريهة، مشيرا إلى أنها محاطة بالمياه الجوفية المختلطة بمياه الصرف الصحي بالمنطقة التي تخرج علينا رائحتها الكريهة والمسؤولون لا يأتون لحل المشكلة.

ويلتقط محمد صبحي، أحد السكان، طرف الحديث قائلا إن هيئة الآثار جاءت منذ عام ووضعت لافتة مدون عليها جملة “الطابية تابعة لقطاع هيئة الاثار” ولكن الوضع كما هو لم يتغير، مؤكدا أن كل أشكال الإجرام تحدث داخل الطابية، التي أصبحت تهدد أمننا وسلامة أولادنا بسبب اختباء المجرمين فيها.

الآثار ترد

محمد متولي، مدير عام الآثار القبطية والإسلامية بالإسكندرية، يقول إن “طابية الدخيلة” لها أهمية كبيرة منذ نشأتها في العصر المملوكى، مشيرا إلى أنها غير مسجلة كأثر، ولكن الحوض الجاف المجاور لها مسجل في الآثار الرومانية القديمة، ولكن حاليا يجرى النظر في ضم الاثنين للآثار لأهميتهما التاريخية.

ويضيف متولي أن هيئة الآثار تعد مشروعا ضخما لتطوير “الطابية”، مؤكدا أنه سيتم أيضا تطوير عدد من الطوابي الأخرى الموجودة بساحل البحر المتوسط التي تعود أغلبها للعصرين الإسلامي والقبطي.

 

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر