رغم الجدل.. «معرض الفيوم للكتاب» يشعل الحراك الثقافي بالمحافظة

تتواصل فعاليات معرض الفيوم الأول للكتاب 2025 (دورة الفنان عبد الرحمن رشدي 1881 – 1939)، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب بالتعاون مع محافظة ونادي الفيوم، حتى بعد غدٍ الأربعاء. وبين أروقة المعرض ووسط أكشاك بيع الكتب، أُقيمت ندوات ثقافية وجلسات نقاشية على الهامش. وبين مؤيد ومعارض، يظل معرض الفيوم للكتاب حدثًا مهمًا يستحق الوقوف أمامه.

ورغم أن المعرض خُطّط له على عجل ورافقته بعض التحديات التنظيمية التي أثارت استياء عدد من الأدباء والمهتمين بالشأن الثقافي، إلا أنه حقق بعض من المكاسب الثقافية. «باب مصر» التقى عددا من المهتمين بالعمل الثقافي في الفيوم لمعرفة آرائهم.

عبد الرحمن رشدي

أشارت وزارة الثقافة في بيانها إلى مشاركة جميع قطاعات الوزارة في الإعداد للمعرض وفعالياته. ومنها: الهيئة العامة لقصور الثقافة، المركز القومي للمسرح، مركز ثقافة الطفل، قصر ثقافة الفيوم. كما شاركت لأول مرة إحدى عشرة دار نشر خاصة. واطلعت الهيئة العامة المصرية للكتاب بعملية التنظيم. وجاء المعرض في دورته الأولى حاملا اسم الفنان والمسرحي الكبير عبدالرحمن رشدي، ابن محافظة الفيوم. وقد عرض فيلم تسجيلي عنه في افتتاح المعرض.

وعن الفنان الذي أطلقت الدورة الأولى باسمه، يقول هشام مسعود العلاقي، مؤلف كتاب الفيوم: أسرار وحكايات: “ولد الفنان عبدالرحمن رشدي في محافظة الفيوم عام 1881م. ويعد أحد رواد الحركة المسرحية المصرية. درس الحقوق وعمل محاميا بالفيوم. حيث كان مكتبه يقع في حارة الشيخة مريم بمدينة الفيوم. لكنه استقال من وظيفته وانضم عام 1913 إلى فرقة جورج أبيض”.

جانب من فعاليات المعرض
جانب من فعاليات المعرض

أسعد المعرض كثيرا من فناني ومثقفي الفيوم، لما ضمه من ندوات وأنشطة فنية وثقافية، ولما أحدثه من حراك ثقافي. هذا ما يؤكده الفنان والمخرج المسرحي عزت زين لـ«باب مصر». إذ يقول: “تأتي أهمية المعرض الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب من كون الفيوم محرومة من أي نشاط ثقافي بهذا الزخم منذ ما يقرب من أربعة أعوام. بسبب غلق قصر الثقافة بدعوى الصيانة.

وأرى أن المعرض فرصة كبيرة لأبناء الفيوم للاحتشاد والمشاركة في اللقاءات والأمسيات الثقافية والفنية. التي أقيمت على هامش المعرض، والذي بعث الروح مرة أخرى في العمل الثقافي الذي كنت أراه جثة هامة”. وتابع: سعيد جدًا بما حققه المعرض في دورته الأولى من مكاسب. حيث تقرر أن يقام سنويا، والأهم أنه سيكون لدينا منفذ دائم لبيع كتب الهيئة المصرية العامة للكتاب.

التخطيط للمعرض

يقول الدكتور محمد ربيع هاشم: “ظهرت فكرة إقامة معرض الفيوم للكتاب بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الفيوم الأدبي الرابع في نهاية شهر أبريل الماضي، وهو ما أعلنه حينها الشاعر أشرف أبو جليل خلال حفل افتتاح المؤتمر. وقد بذلت أمانة المؤتمر جهدًا كبيرًا لإقامة المعرض في شهر يوليو”.

تم تشكيل لجان المعرض عقب انتهاء المؤتمر، حيث تشكلت لجنة عليا برئاسة الإعلامي عبد الحكيم اللواج، وعضوية الدكتورة ميرفت عبد العظيم، عضو مجلس النواب، إلى جانب عدد من المهتمين بالعمل الثقافي والعام في الفيوم. أما اللجنة الثانية فكانت لجنة التخطيط، وهي المسؤولة عن وضع البرنامج الكامل للمعرض، وضمّت في عضويتها: الشاعر أشرف أبو جليل، والدكتور محمد ربيع هاشم، والناقدة غادة دكروري، والدكتور أشرف عبد الكريم، والقاص عويس معوض، والشاعر أحمد فيصل.

وقد قامت اللجنة بالتواصل مع النقّاد وتسليمهم الأعمال الأدبية التي ستتم مناقشتها. كما أسندت اللجنة التنفيذية مهمة التنسيق مع الهيئة المصرية العامة للكتاب إلى الشاعر أشرف أبو جليل، منسق عام المعرض، الذي قام بتسليم الهيئة البرنامج الكامل لتتولى تنفيذه.

عدم التواصل مع الأدباء

أزعج عدم التواصل مع الأدباء والمثقفين، وعدم نشر الهيئة لبرنامج المعرض من ندوات وحلقات نقاشية، الكثيرين. وخاصة أولئك الذين وضعت أسماؤهم في الفعاليات دون تنسيق مسبق.

وحول هذا يقول الأديب والروائي محمد جمال الدين لـ«باب مصر»: “تداركت الهيئة العامة للكتاب في اللحظات الأخيرة حالة الغضب التي انتابت الأدباء والكتاب. بسبب عدم التواصل والاتصال معهم قبل إقامة الفعاليات بوقت قصير جدًا. وهذا أمر يحسب لها، حيث تواصلت وتفاهمت مع العديد منهم وأرسلت الدعوات. وهو أمر جيد، حتى لا تختزل فعاليات المعرض في أشخاص بعينهم”.

بداية مقبولة

يضيف جمال الدين: “أرى أن المعرض، كبداية في دورته الأولى، بداية مقبولة، لكنه فقير في العناوين. فإذا نظرنا على سبيل المثال لجناح المجلس الأعلى للثقافة، لا نجد سوى 60 أو 70 كتابا فقط. وقد عرضت بطريقة عرضية لملء الأرفف، وربما كانت كتب الأطفال هي الأفضل من حيث الشكل والمضمون.

أما عن جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة، فرغم وفرة الكتب، إلا أن العناوين من وجهة نظري فقيرة، ولا ترضي طموح القارئ الجيد أو المثقف. كنت أتوقع شيئا أكبر من ذلك بكثير. وأرى أن هناك أسماء كثيرة تصدرت المشهد دون استحقاق. ومع ذلك، فإن الحراك الثقافي في الفيوم ينمو ويتصاعد. ومن الجيد أن نأمل في تطور مستمر. على أن تعي الهيئة ما حدث وتعمل على تداركه”.

ممارسات ديكتاتورية

قاطع بعض الشعراء والأدباء أنشطة المعرض. وحول هذا الموقف، يقول الشاعر وعضو نادي أدب الفيوم، أسامة سند: “بالنسبة لمقاطعتي للفعاليات، فأنا لم ولن أقاطع مؤسسات الدولة أبدا، ولا أنشطة الدولة، وليس لدي موقف ضد الجهة المنظمة، وهي الهيئة العامة للكتاب، التي نكن لها كل التقدير والاحترام. لكنني قاطعت الفعاليات -أنا وغيري- بسبب مجموعة تدّعي أنها المسؤولة عن تنظيم المعرض.

ما كنا نريده هو توضيح من الهيئة العامة للكتاب، بشأن الجهة المنظمة للمعرض، وهو ما لم يحدث في البداية. نحن نقاطع أنشطة المجموعة التي أطلقت مبادرة تحت عنوان “الفيوم تنهض من جديد”. والتي كنا متفائلين بها في البداية، ورغبنا في التحرك معها بشكل جماعي لتقديم نشاط ثقافي مستقل. بجانب الأنشطة اللي نقدمها في نادي الأدب وداخل المؤسسات الثقافية بشكل عام.

لكننا فوجئنا بممارسات ديكتاتورية من قبل المجموعة، وميلهم إلى الحشد فقط دون النظر إلى جودة أو جدوى الأنشطة على المستوى الإبداعي. كما رفضت جميع اقتراحاتنا لتطوير الأنشطة، فكان انسحابنا أمرا طبيعيا.

لم توضح الهيئة في البداية أنها ستتولى التنظيم، وحتى الفعاليات تم السطو عليها لصالح أشخاص بعينهم. لكننا لا ندعو لمقاطعة المعرض، بل نرى موقفناً نزيهًا وأخلاقيًا ومبررًا تماما، لأن الفعاليات لا ترضي طموحاتنا كأدباء”.

خطوة إيجابية وفرصة كبيرة

مع ذلك، يقول سند إن إقامة معرض للكتاب في الفيوم تعد خطوة إيجابية وفرصة كبيرة لأي قارئ أو مثقف فيومي، ويجب استغلالها لتحقيق الاستفادة من خلال شراء الكتب التي توفرها الهيئات والمؤسسات الحكومية. وهي جهات تتميز بأسعارها المخفضة.

وتابع: المعرض سيوفر على أبناء الفيوم الوقت والجهد الذي كان يستهلك في زيارة معرض القاهرة. وأدعو كل مثقف في الفيوم إلى الاستفادة من وجود المعرض وشراء الكتب القيمة التي تعرض بأسعار في متناول الجميع.

منفذ دائم لبيع الكتب

رغم الاعتراضات على التنظيم، برز لأول مرة “منفذ دائم لبيع الكتاب” بالفيوم، كأحد مكاسب المعرض، وقد أعطى ذلك بصيص أمل بأن هذه المبادرة الثقافية لن تكون حدثا عابرا، بل تقليدا سنويا يتطور مع الوقت.

وهو ما أكده الدكتور خالد أبو الليل، نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب لـ«باب مصر» قائلا: “يأتي معرض الفيوم الأول للكتاب 2025، تحت رعاية وزارة الثقافة. وبالتعاون مع محافظة الفيوم وجامعة الفيوم، وتتولى الهيئة العامة للكتاب تنظيمه. عملية التنظيم والتنسيق تمت خلال خمسة عشر يومًا فقط، وهو وقت قصير نسبيا، وقد يؤدي ذلك إلى بعض السلبيات، لكننا أمام حدث مهم أعاد حالة الشغف الثقافي إلى الفيوم”.

وتابع: هذا أول معرض يقام في المحافظة بهذا الحجم من حيث المشاركة والإقبال الجماهيري، وهو أمر جيد. حاولنا احتواء السلبيات قدر المستطاع. لأننا نرى في أدباء ومثقفي الفيوم قامات نعتز بها. وقد قمت بالتواصل شخصيا مع عدد كبير منهم ودعوتهم للمشاركة في الفعاليات.

مكاسب كبيرة للدورات المقبلة

يضيف أبو الليل: “أعتقد أن هناك إيجابيات ومكاسب كبيرة، وعلينا جميعا دعمها والبناء عليها في الدورات المقبلة. حتى نضمن استمرارية المعرض. ومن المكاسب، الموافقة على وجود منفذ دائم لبيع كتب الهيئة في نادي محافظة الفيوم. وقد رحبت جهات عديدة بالفيوم، بتوفير منافذ أخرى لبيع الكتب بالمحافظة منها نقابة المحامين.

كما أعلن النائب عماد سعد حمودة، عن تخصيص مبلغ 40 ألف جنيه تقدم في شكل جوائز على هامش المعرض في الأعوام المقبلة. في مجالات: الشعر، والرواية، والمجموعات القصصية، والدراسات النقدية”.

واختتم أبو الليل حديثه: “نوجه الدعوات ونرحب بمشاركة الجميع، أمامنا عام كامل حتى موعد الدورة المقبلة، ونأمل أن يشارك الجميع بمقترحاتهم وبرامجهم. أتمنى ألا نقف عند حدود النقد فقط، بل نتشارك ونتعاون جميعًا، وأهلا وسهلًا بالجميع، لجعل القادم أفضل”.

اقرأ أيضا:

الثقافة تغلق أبوابها: 120 موقعا خارج الخدمة باسم «الترشيد»</span>

«نظرة» للإنشاد الديني: رحلة ثلاثة منشدين من الصعيد إلى جمهور القاهرة

«أنا وبناتي».. معرض للنحات جمال عبدالناصر وابنتيه

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.