“عوازم” إسنا دليل الصحاري.. نزحوا من الجزيرة العربية وسكنوا الجبال والحواجر

كأن العيش بين الصخور أكسبهم حدته وصلابته، فظهر ذلك في تمسكهم بعاداتهم وتقاليدهم.

قبيلة العوازم أو “عوازم إسنا” واحدة من أكبر القبائل العربية، التي تقطن حاجر المساوية، بمركز إسنا جنوبي محافظة الأقصر، ومنذ أن نزح أفراد القبيلة من شبه الجزيرة العربية مازالوا يحتفظون بعاداتهم البدوية.

الشيخ علي الخواري، أحد أفراد القبيلة، يقول إن العوازم نزحوا من الديار الشرقية لشبه الجزيرة العربية، ونزلوا إلى الشمال حيث البلقاء، إحدى محافظات الأردن حاليًا، ومنها انتقلوا إلى العريش عبر طريق السويس وهناك أقاموة فترة من الزمن إلى أن قرروا الرحيل عقب خلافات مع بعض القبائل.

رحلة الخروج 

العوازم خرجوا من العريش واتجهوا جنوبًا إلى بوادي الجمال جوار أبو غصون في محافظة البحر الأحمر حاليًا، وهناك حدثت خلافات أيضًا مع قبيلة البشارية، إلا أن  قبيلة العبابدة ناصروا العوازم .

يتابع الخواري أنهم نزحوا بعد ذلك إلى ديار حواجر إسنا، وانقسموا إلى ثلاثة أقسام: بنو جابر- بنو جبري- بنو سياف، وتوزع بنو سياف بين المنيا وأسيوط ، أما بنو جابر فأقاموا بحواجر إسنا وإدفو، وبنو جبرى بأرمنت.

انقسم بنو جابر إلى ثلاثة أقسام، هم الجوابرة في إدفو، وذرية عيد بحاجر المساوية ويطلق عليهم الشتقان، وبنو محمد بن جابر بحاجر إسنا، ويطلق عليهم النوافعة .

عادات القبيلة

يقول الخواري أهم ما تحافظ عليه قبيلة العوازم، من العادات حماية الجار والأخذ بالثأر، بجانب الكرم وحسن استقبال الضيف، وعند قدوم الضيف تنحر له الذبائح، وترفع السكين في وجه ويقال له “حياك الله”.

“قرص الملا” هو أشهر ما يميز قبيلة العوازم، وهو عبارة عن عجين يوضع على أحجار تحتها جمر حتى يستوي، وهو الخبز الذي يأكلون به ، كما تصنع السيدات العيش الشمسي، ويعتمدون على صيد الغزلان والأرانب الجبلية.

دليل الصحاري

الشيخ حسن عايد العازمي، أحد مشايخ القبيلة، يقول قديمًا كانت جمال القبيلة دليل الدولة على جميع مناطق الصحراء، سواء المناطق البترولية أو غيرها، إذ إن القبائل العربية تسكن المنطقة الجنوبية بأكملها من أسيوط حتى حدود ليبيا، لنجد أن الصحراء مليئة بالأغنام والجمال التي يملكونها، لذا كانت الدولة تستعين بتلك القبائل للتعرف على مناطق الصحراء والحدود، لخبرتهم الطويلة بممرات الجبال والصحاري.

بالإضافة  إلى أن رجال القبائل يعرفون جس آثار الأقدام، والتفرقة بين المارة سواء أكانوا سيدات أم  رجال، بل إذا كانت السيدة متزوجة أم غير متزوجة، وذلك عن طريق خطوط الأقدام إلى تظهر على الرمال، بل وبمقدرتهم معرفة مواعيد المرور سواء فجرًا أو ظهرًا أو في وقت آخر.

ويتابع العازمي أنهم يورثون ذلك لأبنائهم، إذ يستطيع الشاب معرفة اتجاهات الصحراء والجبال، وهي خبرة تنقلها الأجيال، لتظل قبيلة العوازم ورجالها ملوك الصحراء والجبال.

بين الجبال والحواجر

القبيلة تفضل الإقامة في الجبل والحواجر، إذ إن حياتهم تعتمد على رعاية الأغنام وتربيتها، فهم يتركونها طوال اليوم، لتعود بمفردها قبيل أذان المغرب، وبعد عصر كل يوم تشعل النساء النيران، مستخدمين “الجلة”، التي يخرج منها دخان يصل إلى تلك الأغنام والقبائل، كعلامة للعودة.

مصادر الرزق

يوضح العازمي أن القبيلة تعتمد على الزراعة وتجارة الجمال والأغنام، كما يشتهرون بتربية الجمال وتدريبها، وتنظم القبيلة مهرجان للهجن سنويا، تستضيف فيه جميع القبائل العربية، إضافة على الاعتماد على الزراعة.

الزواج في القبيلة

وعن عادات الزواج في القبيلة يقول إن العادات تمنع الزواج من خارج القبيلة.. سواء للفتيات أو الشباب.. وتشترط أن يكون النسب بينهم وبين قبيلة عربية، ليس شرطًا أن يكون من العوازم.

بجانب ذلك تنتشر عادة زواج الفتيات مبكرًا، قبل أن يكملن تعليمهن.. وقد تُخطب وهي في الصف السادس الابتدائي.. أما الشباب فقد يرتبط إذا بلغ سن السابعة عشرة.. وهو ذلك السن الذي يتحمل فيه الشباب المسؤولية.

ويتابع أن الزواج يتم باتفاق بين كبار عائلتين.. بقول “فلانة لفلان” دون النظر لصغر عمريهما. وعلى جميع الالتزام بالاتفاق، وتتسم بكثرة الإنجاب، فقد يبلغ عدد أبناء الرجل الواحد 15 وربما أكثر.

5 آلاف جنيه تكاليف الزواج

وعن تكاليف الزواج يقول القبيلة لا تغالي في أسعار الزواج، بل على العريس دفع ما لا يزيد عن 5 آلاف جنيه مهر.. ومن الممكن أقل، والشاب غير القادر يساعده شيوخ القبيلة حتى إتمام زواجه.. لكن الأهم أن يكون الشاب صالح، وعلى والد العروس تجهيزها بشراء الأجهزة الكهربائية.

أما حفل الزواج فيستمر حتى 15 يومًا، تتنوع فيه مراسم الاحتفال بين سباق الخيول والمزمار والطبل ونحر الذبائح. علاوة على طهي الطعام بجانب فناني الكف أحيانًا.

احتفال القبيلة

يقول سيد علي، من أهالي القبيلة، يتنوع الاحتفال بين المزمار البلدي ولعب العصا، ودعوة أبناء العمومة من جميع المحافظات، وتنظيم سباقات الخيل والجمال والمديح باللهجة البدوية، وذبح الإبل والعجول إكرامًا للضيوف.

تبدأ السباقات عصر كل يوم حتى آخر يوم وهو ليله الزفاف، وتقدم جوائز للفائزين، إذ ينحر خروف يأخذ صاحب المركز الأول الجزء الخلفي منه، ويوزع الباقي على غيره من الفائزين.

عن ليلة الحنة

تقول أم محمد، ربة منزل، “نزين العروس ونجهزها على منصة تعد من أجلها، وحولها الفتيات، ويمنع دخول الرجال.. وبعد انتهاء الاحتفال يوضع الحناء على جسد الفتاة.. وكذلك في ناحية أخرى يوضع الحناء على كفي وقدمي العريس في مكان خاص بالرجال، لا يدخله النساء”.

في ليلة الزفاف، العروس لا تذهب إلى الكوافير، بل نزينها في المنزل، وعند المساء تبدأ مظاهر الاحتفال.. ويأتي أهل العروس بمنزل العريس، ويمنع رؤيتها من قبل أي شخص.. حتى وإن كان من عائلتها، إلى أن تصل إلى منزل زوجها.

تضيف أم محمد أن أهالي القبيلة ما زالوا  يحتفظون بالعادات القديمة الخاصة بليلة الزفاف.. ويعلن للجميع عن أن الفتاة بكر.

في النهاية تستمر الحياة هادئة بين منازل العوازم.. رغم ما تحمله من صخب الريح إذا عاث في الصحاري الممتدة على بعد النظر.. القلوب هناك نقية والوجوه حادة جادة لكنها طيبة ومألوفة تكسوها غالبًا سمرة.. والناس هناك يعرفون كيف يحفظون مورثاتهم وعاداتهم.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر