«بلال سالم»: فارس الرمال مكتشف تاريخ مصر قبل 100 مليون سنة

عندما وطأت قدماه الواحات البحرية لأول مرة شعر بأن هناك سرا غريبا على رمالها يجذبه، السفر في أعماق الصحراء الغربية والمكوث أياما بين العطش والحرارة المرتفعة للبحث كان دافعا لاستمرار شغفه باستكشاف ما تخفيه طبقات الرمال الذهبية. حتى استطاع الباحث الشاب بلال سالم المعيد بجامعة بنها وعضو فريق “سلام لاب” من التوصل إلى تاريخ مصر قبل 100 مليون سنة.

حياة الديناصور هابيل

استطاع بلال سالم الموفد لجامعة أوهايو الأمريكية المؤلف الرئيس على هذه الدراسة، اكتشاف حفرية ديناصور آكل لحوم أطلق عليه «هابيل» في صخور الواحات البحرية ويقدر عمرها بحوالي 98 مليون سنة.

يروى سالم لـ« باب مصر» كواليس اكتشافه الأخير الذي تحدث عنه العالم، خلال إقامته بالولايات المتحدة، ويقول: “لم أستطع التعبير عن سعادتي بهذا الاكتشاف، نجحنا في كتابة تاريخ جديد يشكل مصر القديمة قبل ملايين الأعوام”.

سار باحث الماجستير في علم الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة، على خطى عالم الأحافير الألماني إرنست سترومر، الذي اكتشف فريقه بعضًا من أكبر الديناصورات المفترسة التي تم العثور عليها على الإطلاق، قبل أكثر من قرن. ولكن رغم التشابه إلا أن سالم يؤكد على وجود بصمته المميزة في هذه الاكتشاف.

فقرة الديناصور التي اكتشفها د. بلال سالم
فقرة الديناصور التي اكتشفها د. بلال سالم
ديناصور آكل اللحوم في مصر

فترات طويلة قضاها سالم هائما في صحراء الواحات البحرية، حتى حصل على فرصته بالإعلان عن وجود ديناصورا بالمنطقة. من خلال العثور على فقرة حفرية من جسده استطاع من خلالها تصور شكله بالكامل.

استغرق سالم وفريق البحث عامين حتى الإعلان عن نتائج البحث والدراسة. ويتابع لـ«باب مصر»: “عثرنا على العينة في عام 2016 بالصخور الرسوبية وبمجرد الكشف عنها كانت واضحة أنها فقرة من ديناصور من سلالة ثيروبود التي تشمل الديناصورات آكلة اللحوم والتي تضم العديد من الديناصورات مثل فيلوسيرابتور وتي ريكس”.

“كيف توصلت إلى اكتشاف كل معلومات الديناصور عبر فقرة واحدة؟”. أجاب مفسرا ذلك عبر دراستها بشكل دقيق إذ تميزت بشكل طويل أما الحلقة العظمية التي تثبت الحبل الشوكي كانت في مكانها. وأثبتت أنه من سلالة “ثيروبود” بحجم صغير يصل إلى الحافلة ويُسمى “أبيليسوريد”.

أرض الموت

نشر الباحث المصري هذه الدراسة في ورقة بحثية نشرت لمجلة “رويال سوسايتي أوبن ساينس”. مضيفا اكتشافا جديدا إلى قائمة مرعبة من الحيوانات المفترسة وآكلة اللحوم على مر التاريخ، وبالعودة ملايين الأعوام إلى الوراء. كان هذا الديناصور واحدا من الحيوانات التي أرهبت كل الكائنات الحية في الواحات البحرية.

ولكن ظل تاريخ الواحات البحرية والكائنات التي عاشت بها مجهولا حتى سطر د. هشام سلام وفريقه البحثي فصولا جديدا تؤكد وجود الديناصورات قديما في مصر، مساهمون في بدء العلماء لفهم السبب إذ كانت البيئة البحرية القديمة مثالية لدعم الحيوانات المفترسة الضخمة مع الحفاظ على العظام أحفوريات.

هذه ليست المرة الأولى التي يتم البحث في الواحات البحرية. إذ يعد “آن سترومر” أول عالم حفريات ينفذ عمل ميداني في المنطقة وتضمنت اكتشافاته ديناصور مائي.

لغز سترومر

نقل سترومر هذه الحفريات إلى ألمانيا، لكنها دُمرت في حريق نشب عن قصف مدينة “ميونخ” عام 1944. ويقول سالم عن هذه الديناصورات: “ماتت جميع الديناصورات وهم يحاولون تناول الطعام، وانقرضت الديناصورات البحرية مرتين ولكن العينات الأصلية ساعدت في إنتاج الصور والرسوم التوضيحية”.

“لكن ما أهمية اكتشاف تاريخ هذا الديناصور؟”. أوضح مكتشف الديناصور “هابيل” أن هذه الاكتشافات له ولغيره من علماء الحفريات تساعد في فهم كيف كانت الحياة في الواحات البحرية خلال العصر الطباشيري، الذي ما زال غامضا وأطلق عليه “لغز سترومر”.

والمقصود بـ”لغز سترومر” هو المعلومات الموضحة عبر سجل الحفريات. إذ كانت هناك وفرة من الحيوانات المفترسة لكن في ظل وجود نقص في الفرائس، مما يطرح تساؤلا آخر “ما الذي كانت تأكله الحيوانات آكلة اللحوم”.

الحياة في مصر قبل 100 مليون سنة

يؤكد هذا الاكتشاف أن الحياة في منتصف العصر الطباشيري في مصر كانت مزدهرة. وتحديدا في الواحات البحرية التي ما زال تاريخها القديم المجهول واحدا من أكثر الألغاز رعبا في العالم. إذ يطرح وجود هذا الديناصور تساؤلا هاما وهو : “كيف تمكنت كل هذه الحيوانات المفترسة الضخمة من الحياة وتكيفها لاصطياد فريسة مختلفة عن الديناصورات”.

وتعد الفقرة التي عثر عليها د. بلال هي أقدم أحفورة معروفة لفصيلة الديناصورات “أبيليسوريد” آكلة اللحوم في قارة أفريقيا. ويستكمل: “أوضح هذا الاكتشاف أدلة على التنوع البيولوجي للديناصورات خلال العصر الطباشيري في مصر وشمال أفريقيا بأكملها”.

ووصف الحياة قديما في المنطقة نفسها قبل 100 مليون نفسها. إذ كانت المنطقة عبارة عن ساحل استوائي شديد الحرارة. ولكن به غابات كثيفة وربما هذه الغابات والخضرة الوفيرة كانت طعام للحيوانات المفترسة أيضا.

ويتابع أن الديناصورات لم تكن هي الكائنات الوحيدة في الواحات البحرية قبل 100 مليون سنة. إذ كانت المنطقة مزيجا للمياه العذبة والمالحة، وعاش بها العديد من الحيوانات مثل التماسيح والسلاحف والأسماك ولكن جميعها غير مكتمل اكتشافه بعد.

اقرأ أيضا

مافيا التراث المصري: بيع أخشاب «بيت مدكور» التاريخي بعد أيام من تخريبه

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر