هدم متحف نبيل درويش خلال أيام… والبديل متحف 500 متر!
المتحف البديل لن يستوعب أعمال الفنان..وأسرته تهدى بعض أعماله إلى متاحف في جدة ولندن

خلال الأعوام الثلاثة الماضية حاول المثقفون والمهتمين بالتراث الحفاظ على متحف ومنزل الفنان التشكيلي الراحل نبيل درويش، الواقع بمنطقة الحرانية بطريق سقارة، إذ واجه المتحف لسنوات شبح الهدم نظرًا لتعارضه مع عملية توسعة للطريق الدائري.
في المقابل تلقت أسرة الفنان التشكيلي الراحل خلال هذه المدة عشرات الإخطارات الرسمية بهدف إخلاء المتحف تمهيدًا لهدمه، وهي خطوة تم رفضها على نطاق واسع.
ورغم التقدم بالعديد من طلبات الإحاطة التي تبعتها مئات الاستغاثات والمطالبات إلا أن محاولات وقف الهدم لم تنجح إذ تقرر في النهاية هدم المتحف الذي تم إنشاؤه سنة 1983، وتخصيص آخر لا تتعدى مساحته الـ500 متر مربع لعرض – بعض – من مقتنيات الفنان التشكيلي الراحل.
تجاهلت الحكومة خلال هذه المدة الإرث التراثي والثقافي الذي يمثله المتحف، فقد ارتبط درويش بمتحفه وضحى من أجل استكماله بكل ما يملكه تقريبًا. ومن ذلك أمواله التي جناها من الكويت خلال فترة عمله هناك لمدة 10 سنوات، إضافة إلى بيع ممتلكاته الخاصة لاستكمال حلمه.
لكن يبدو أن الحكومة قد ربحت معركتها أخيرًا من خلال النجاح في تنفيذ خطتها لهدم المتحف، حيث أعلن أمس كل من صندوق التنمية الحضرية، وصندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة عن حل مشكلة المتحف عبر هدمه، وتوفير آخر بديل بمنطقة تلال الفسطاط في خطوة وصفها البيان أنها تأتي ضمن التعاون المؤسسي للحفاظ على التراث الفني!
وأوضح البيان أن قطع درويش الفنية سيتم وضعها داخل مبنى الزجاج. وهو أحد المكونات المعمارية المميزة التابعة لصندوق التنمية الحضرية بمنطقة «تلال الفسطاط»، والذي يعد – وفقا لوصفهم – تتويجًا لتوقيع بروتوكول تعاون رسمي بين وزارة الثقافة، والتنمية الحضرية، ووزارة النقل.
مفاوضات طويلة
سارة نبيل درويش أستاذ مساعد بالكونسرفتوار وابنة الفنان الراحل قالت في حديث لـ«باب مصر» أنه تم التوصل لصيغة الاتفاق بعد مفاوضات استمرت أشهر. جرى الاتفاق خلالها على نقل جزء من مقتنيات والدها داخل مبنى الزجاج بمنطقة تلال الفسطاط، وبسبب حجم وعدد أعمال والدها الراحل، فقد تقرر عرض جزء منها فقط داخل المبنى الجديد، إلا أنه لم يتم الاتفاق بعد على عدد القطع التي سيتم التبرع بها لوزارة الثقافة تمهيدًا لعرضها بالمتحف، وهي أمور ستحدد بناء على سيناريو العرض المتحفي، وكذلك الوضع الهندسي. «سيتم تحديد هذه الأمور في العقد العقد المبرم بيننا وبين وزارة الثقافة، والإسكان، والنقل والمواصلات».

بنود التعاقد
وتكمل: لم نصل بعد للصيغة النهائية، لكن في نهاية الأمر فقد تم حل أغلب المشكلات خلال الأشهر الماضية، لكن حتى الآن لم يحدد بعد الموعد النهائي لنقل المقتنيات. لا نريد شيئًا سوى الاحتفاظ بذكرى والدي في مكان يليق بمكانته؛ لذلك فالعقد بيننا وبين وزارة الثقافة يشترط الاهتمام والحفاظ على القطع، وإذا تمت مخالفة البنود فيحق لنّا كأسرة استرداد القطع مرة أخرى.
وعن باقي أعمال الفنان نبيل درويش والتي لن تتمكن الأسرة من نقلها للفسطاط أشارت ابنته إلى أنه سيتم التبرع بها لأي جهة تستطيع المحافظة عليها. تقول: تم التبرع ببعض مقتنيات والدي مجانًا لمتحف فيكتوريا وألبرت ببريطانيا. لا نريد مالًا نريد فقط الحفاظ على مقتنيات والدي، كما تم تسليم متحف جدة بعض من مقتنياته، وعرضت مع الأعمال النادرة لكبار الفنانين. وحتى الآن لم نقرر بعد بيع جزء من مقتنيات والدي، أو التبرع بها بالكامل. ما يهمنا فقط هو أن تتسلمها جهات ومؤسسات قادرة على إبراز الأعمال الفنية التي تركها، وهذا حقه علينا. لذلك ما أتمناه هو أن تحافظ وزارة الثقافة على مقتنيات والدي وأن يتم وضعها بصورة تليق بتاريخه.
شارع الفنون
الجدير بالذكر أن متحف الفنان التشكيلي الراحل نبيل درويش يقع على مساحة ألف متر مربع، كما يضم الموقع منزل الفنان الراحل الذي تعيش فيه أسرته – حتى الآن – وتضم المنطقة المحيطة العديد من المتاحف التي تعود لفنانين آخرين ومنهم متحف آدم حنين، ومتحف زكريا الخناني للزجاج، ومركز رمسيس ويصا واصف للسجاد اليدوي.
كما تعد منطقة الحرانية مركزًا للحرف والفنون التراثية منذ زمن، حيث عرف عن المكان اسم «شارع الفنون». وقد وضع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري سابقًا لافتة على الموقع ضمن مشروع «عاش هنا». والذي يسجل أماكن إقامة العديد من رموز مصر الفنية والثقافية.
اقرا أيضا:
قبل يومين من انتهاء المدة المحددة.. مثقفون: أوقفوا هدم متحف نبيل درويش