ملامح العيد تتغير في شوارع المنصورة : الباتيناج يحتل المدينة

في شوارع المنصورة القديمة، حيث تختلط رائحة الكعك بصوت تكبيرات العيد، لا تزال بهجة العيد حاضرة، لكن بألوان مختلفة. ولم يعد الأطفال يركبون “العجلة” ويجوبون بها شارع العباسي أو حي توريل كما في الماضي، بل أصبحوا يتزلجون بـ”كوتشي بعجل” يلمع ويدور بسرعة، كأن الزمن نفسه يدور معهم.
هكذا تغيّرت المنصورة.. لكن روح العيد فيها ما زالت تحاول البقاء. وفي أول أيام العيد، يتجمّع المصلّون منذ الفجر في ساحة مسجد النصر، أكبر مساجد المنصورة، تملأ الساحة تكبيرات العيد ووجوه الناس المضيئة بالفرح.
ألعاب الأطفال في عيد الأضحى
بعد الصلاة، تبدأ الأسر في التحرك نحو الكورنيش، أو “الفسحة الإجباري”، كما يسميها الأهالي، بينما ينطلق الأطفال يلعبون، بعضهم على الدراجات، لكن الأغلب بـ”الكوتشي اللي بعجل”.
وأصبح هذا الكوتشي نجم الشارع.. تقول فيروز: بنتي، 7 سنوات، وهي تلتقط فيديو على الموبايل “بابا أنا عيد ميلادى جاي في العيد.. هات لي سكوتر هدية”، لا أعلم أين أو متى تغيّر مشهد الطفولة هكذا؛ فبينما كان الأطفال قديما يتفاخرون بـ”عجلة نيجر” أو “عجلة أبو جرس”، أصبح الآن “السكيت” أو “الباتيناچ” أو “السكوتر الكهربائي” هم الأبطال الجدد في كل الشوارع زي قناة السويس أو المشاية أو حي الجامعة.
ومع ذلك فالكبار يتذكرون والمقارنة حاضرة، يجلس صديقي ومعلمي، 60 عامًا، على سطوح بيته في حي توريل، يراقب الأطفال ويبتسم: “احنا زمان كنا نجيب العيدية ونركب العجل بالدور، لكن النهارده الكوتشي بقى فيه عجلة ونور وشاحن كمان!”.
العيدية بين الماضي والحاضر
بين الماضي والحاضر، تظهر المقارنة في عيون الكبار، لا حسدًا، بل حنينًا لزمن بسيط. وكمان العيدية بقيت “فلوس محمولة”، حتى العيدية تغيّرت. لم تعد تُسلّم من يد ليد كما في السابق، بل صارت تُرسل أحيانًا عبر “فودافون كاش” أو تحوّل على التطبيقات البنكية.
يضحك الأسطى إبراهيم، سائق تاكسي، ويقول: “أنا كنت أدي العيدية لولادي ورقة بعشرة ويفرحوا، دلوقتي عاوزين تحويل على الموبايل!”.
وفي المنصورة كما في غيرها، التطور غيّر التفاصيل، لكنه لم يُلغِ فرحة اللقاء، العيد تغير، لكنه لم يختفِ. صحيح أن العجلة صارت “كوتشي”، واللعب صار على “تيك توك” أكثر من الشارع، لكن الفرحة تسكن الوجوه كما كانت.
وفي كل ضحكة طفل ينزلق على الرصيف، أو عائلة تلتف حول كعك العيد، تنبض المدينة بالحياة.. بنكهة جديدة، لكنها لا تزال “عيد”.