ما زال هناك من يرثي بائع الكتب «إدوارد منير»

لن يعرف «إدوارد منير» أن صورته تملأ صفحات موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، مرفقة مع كلمات رثاء وتبجيل يستحقها، كونه أقدم مالك محل مستمر في بيع الصحف والكتب الورقية بمدينة الإسماعيلية، منذ عام 1953، وقد غيبه الموت في 19 مايو الجاري.

لعدة سنوات، بقي إدوارد منير، أحد معالم ميدان الممر، أشهر ميادين الإسماعيلية، وهو يجلس بهدوء بين أرفف الكتب وأكوام الصحف، يجيب عن أسئلة رواد المحل عن الكتب الجديدة المتوفرة أو مواعيد وصول الصحف، أو يبيع كتبا مستعملة بأسعار زهيدة.

إدوارد منير: الكتب والصحف خير رفيق

في لقاء سابق مع وكالة “رويترز” في ديسمبر 2024، قال إدوارد منير: “الكتب والصحف هما خير رفيق لي منذ أكثر من 30 عاما”. مشيرا إلى أنه كان يعمل صباحا مهندسا في شركة تتبع قطاع الأعمال. ثم يتوجه إلى محله الذي ورثه عن والده منذ أوائل الخمسينيات، ليواصل بيع الصحف.

كان إدوارد صديقا لأجيال متعاقبة من قراء مدينة الإسماعيلية. يرتبط بعادة صباحية مألوفة لأرباب المعاش بانتقاء صحيفة وسندوتش من مطعم مجاور. ثم الجلوس مع كوب الشاي على “مقهى المثلث” على الرصيف المقابل لمحله.

وفي المساء، بعد منتصف الليل، كان جمهور النادي الإسماعيلي يتجمع حوله ينتظرون وصول الصحف المسائية التي تفرد صفحات للحديث عن فوز الإسماعيلي في سنوات سابقة.

إدوارد.. علامة من علامات الإسماعيلية

الدكتور بهاء محمدي، أستاذ هندسة المعلومات الجغرافية بجامعة ووهان بالصين، كتب على صفحته في “فيسبوك”: “إدوارد علامة من علامات الإسماعيلية. معتقدش حد فى جيلى أو الجيل اللي قبلي واللي بعدي معداش عليه. كنت بشتري الكتب من عنده جديدة بسعر المستعمل، وأقرأ الكتاب، أخلصه وأرجعه له وأخذ كتاب تاني بمقابل أقل. كان فعليا يتعامل بمبدأ تأجير الكتب بمبلغ زهيد. ومعتقدش إني كنت أقرأ كم الكتب التي قرأتها في مرحلة المراهقة لو مكانش إدوارد موجود”.

ويتذكر أحمد فؤاد، أحد سكان الإسماعيلية، كيف كان إدوارد يحجز له نسخة من “الأهرام المسائي” لمتابعة مقال الكاتب “محمد إسماعيل علي” بعد فوز مهم للإسماعيلي.

وفي حواره مع صحيفة “القناة” المحلية في مارس 2027، قال إدوارد: “هذا المحل إرث أبي، افتتحه عام 1953. وكان قبلها يملك محلا في شارع نيجرللي (الجيش حاليا)، لبيع الصحف الأجنبية للإنجليز والفرنسيين والأجانب العاملين في قناة السويس وقتها. وبعد ثورة يوليو 1952 وجلاء الإنجليز، انتقل المحل إلى هذا المكان”.

من هو إدوارد منير؟

في الحوار ذاته، أوضح إدوارد أنه حصل علي بكالوريوس الهندسة من جامعة قناة السويس عام 1989. وكان منذ طفولته يساعد والده في إدارة المحل خلال الإجازات الدراسية. ورغم عمله كمهندس في شركة تابعة لقطاع الأعمال، لم ينقطع عن المحل.

وأضاف أن معظم رواد المحل من المثقفين والسياسيين، تجمعه بهم علاقات صداقة ومعرفة قديمة. وحتى مع تراجع أرقام توزيع الصحف، ظل زبائنه من فوق الأربعين عاما، يأتون لشراء الصحف. بالإضافة إلى شباب من الجيل الأحدث، يفضلون الروايات لكتاب من نفس أعمارهم أو أكبر قليلا، ولا يهتمون كثيرا بالصحف الورقية. لأنهم يكونوا قد قرأوا الأخبار مسبقا على الإنترنت.

وقال إنه كان يشعر بالسعادة عندما يتمكن من توفير نسخة من رواية أو كتاب سأل عنه أحد الزبائن. سواء كان في مخزن المحل أو أتي به خصيصا من دار نشر.

وبرحيل إدوارد عن ساحة ميدان الممر، بقي محله يديره مساعده منذ سنوات. فيما تبقى سيرته حاضرة بين أرفف الكتب والصحف التي حفظت إرثه، وإرث أبيه منير جندي من قبله.

اقرأ أيضا:

«سيرة الإسماعيلية»: كل مكان له حكاية تستحق أن تُروى

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.