دليل الفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

كيف استقبل علماء المصريات حول العالم افتتاح المتحف المصري الكبير؟

منذ الإعلان عن الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، لم تتوقف الأصداء الدولية عن التفاعل مع هذا الحدث. وامتلأت صفحات الباحثين الأثريين وعلماء المصريات على وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات تعبر عن الدهشة والإعجاب والتأمل العلمي، بين من انبهر بعظمة العرض المتحفي الحديث، ومن توقف عند دقة الإضاءة ومسارات الزائرين التي تروي قصة الحضارة بأسلوب معاصر. وهناك من رأى في المتحف مشروعًا بحثيًا مفتوحًا وفرصة لإعادة دراسة آلاف القطع التي كانت حبيسة المخازن لعقود طويلة.

علماء مصريات حول العالم

بالنسبة إلى كثير من المتخصصين، لا يمثل المتحف مجرد مبنى ضخم أو وجهة سياحية جديدة. بل مؤسسة علمية مرشحة لتغيير شكل دراسة المصريات في الوقت الراهن. فالمتحف الذي يضم مقتنيات توت عنخ آمون كاملة لأول مرة، إلى جانب المختبرات البحثية الحديثة ومراكز الترميم، يشكل بنية تحتية تضع مصر في قلب الخريطة الأكاديمية العالمية. وتجعلها شريكًا أساسيًا في إنتاج المعرفة الأثرية، لا مجرد موطن للآثار.

ونرصد في هذا التقرير آراء عدد من أبرز علماء المصريات الأجانب الذين تابعوا الافتتاح من مواقعهم الأكاديمية حول العالم. بين من زار المتحف فعليًا، وبين من شارك انطباعاته بعد مشاهدة الحفل على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن خلال تعليقاتهم تتضح خيوط رواية عالمية تتجاوز الإعجاب إلى نقاش أعمق حول معنى الحفاظ على التراث ودور المتاحف الحديثة في إعادة تعريف العلاقة بين الشعوب وتاريخها.

ومن ثم، يطرح افتتاح المتحف المصري الكبير أسئلة تتجاوز حدود علم الآثار إلى المجالين الثقافي والسياسي. بل والمعرفي أيضًا: كيف يمكن لمؤسسة بهذا الحجم أن تغير نظرة العالم إلى مصر القديمة؟ وهل سيسهم انفتاح المتحف على البحث الدولي في إعادة توزيع مراكز القوة داخل علم المصريات نفسه؟ هذه التساؤلات لم تغب عن أذهان العلماء الذين تحدثوا لـ«باب مصر»، مؤكدين أن ما حدث في الجيزة ليس مجرد افتتاح متحف. بل إعلان عن مرحلة جديدة من الحوار الحضاري بين مصر والعالم.

د.مارتن أودلر، باحث ما بعد الدكتوراه في علم المصريات بجامعة نيوكاسل.. الصورة من الباحث
د.مارتن أودلر، باحث ما بعد الدكتوراه في علم المصريات بجامعة نيوكاسل.. الصورة من الباحث
  افتتاح مهيب وضخم

في هذا السياق، ذكر د.مارتن أودلر، باحث ما بعد الدكتوراه في علم المصريات بجامعة نيوكاسل، حول افتتاح المتحف المصري الكبير: “بالتأكيد، أي شخص تابع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لاحظ أن المتحف المصري الكبير افتتح بأسلوب فخم ومهيب”.

وأضاف: “لقد شاهدت القاعات الرئيسية خلال الافتتاح التجريبي. لذا يمكنني التحدث عنها، خاصة فيما يتعلق بعصور الدولة الوسطى والدولة الحديثة. فهذه الأجزاء من القاعات تشبه كتابًا مفتوحًا لتلك الفترات. وبشكل عام، هناك العديد من القطع الأثرية التي تُعرض لأول مرة، ولم تُشاهد من قبل في أي مكان آخر. وكانت معروفة فقط من خلال المنشورات الأكاديمية. لذا، فإن هذه القاعات ستثير اهتمام الجمهور العام والمتخصصين على حد سواء”.

وعن فرص التعاون المستقبلي بين المتحف المصري الكبير ومشروعه “EgypToolWear” لتحليل تآكل الأدوات المصرية القديمة، قال: “أعلم أن المتحف المصري الكبير يضم عددًا كبيرًا من المتخصصين المخلصين لعملهم. وأنا أتطلع إلى فرص التعاون المحتملة في المستقبل”.

الإبهار منذ اللحظة الأولى.. رؤية فرنسية

أما الباحثة الأثرية وعالمة المصريات الفرنسية فلورنس كوينتين، فتحدثت عن زيارتها الأولى للمتحف 2024 قائلة: “حين وصلت إلى مدخل المتحف المصري الكبير، بواجهته الكالسيتية الشفافة المزينة بخراطيش لأعظم الفراعنة. شعرت بإعجاب عميق بما أنجزته مصر بتفانٍ لا يتزعزع، وتغلبٍ على تحدياتٍ عديدة، في خلق متحف حقيقي يضم أكبر مجموعةٍ آثار مصريةٍ جُمعت في مكانٍ واحدٍ على الإطلاق”.

وأضافت: “تأكد هذا الانطباع لدي داخل البهو. حيث يستقبل تمثال رمسيس الثاني الضخم الزوار، في هيئة ترمز إلى تأثير مصر الدائم، وللجاذبية والسحر العريق اللذين ما زالت الحضارة المصرية تضفيهما على العالم منذ آلاف السنين”.

طريقة العرض في المتحف

استطردت كوينتين حديثها: “أعجبتني الطريقة التي اعتمدها المتحف في العرض، حيث الوضوح في الشرح، والاهتمام بالحفظ والعرض. ومسار الزيارة المنظم الذي يتبع تسلسلًا زمنيًا وموضوعيًا في آنٍ واحد”.

وتابعت: “بصفتي باحثة، أرى أن المختبرات عالية التقنية داخل المتحف تمثل أماكن لا غنى عنها للحفاظ على تراثٍ غني كميراث مصر. فالدراسات التي ستُجرى هناك ستساعدنا على تعميق معارفنا والإجابة عن أسئلة ما زالت بلا حل حتى اليوم”.

الباحثة الأثرية وعالمة المصريات الفرنسية فلورنس كوينتين.. الصورة من الباحثة
الباحثة الأثرية وعالمة المصريات الفرنسية فلورنس كوينتين.. الصورة من الباحثة
شعور عظيم بالرضا

عن حفل الافتتاح ذكرت كوينتين: “إنه شعور عظيم بالرضا، لا يقتصر على مجتمع علماء المصريات حول العالم. بل يشمل أيضًا عامة الناس الذين يعشقون هذه الحضارة، والذين سيُستقبلون في المتحف استقبالًا ملكيًا بحق. وأود أن أعبر عن امتناني العميق لمصر على هذا الافتتاح الذي سيتيح للجمهور اكتشاف خمسين ألف قطعة أثرية معروضة. من بينها قطع تعرض لأول مرة على الإطلاق”.

وأضافت: “لأنني متخصصة في الفترة التي حكم فيها توت عنخ آمون -والتي خصصت لها كتابًا- أتطلع بشدة لاكتشاف القاعات التي ستعرض للمرة الأولى كنزه الجنائزي بالكامل. فإلى جانب القطع الملكية الثمينة مثل القناع الذهبي والتوابيت والمجوهرات. ستُعرض أيضًا أشياء شخصية كانت تخصه، كالملابس والأسلحة والعربات والألعاب. ما سيجعلنا نراه أقرب إلى الإنسان الحقيقي”.

هندسة معمارية مميزة

أما فيما يخص تميز المتحف المصري الكبير عن باقي متاحف العالم قالت عالمة المصريات الفرنسية: “يتميز المتحف بهندسته المعمارية المستقبلية القائمة على شكل المثلث. وهو أحد الأشكال الهندسية المستوحاة من الرموز المصرية القديمة. والتي تنسجم تمامًا مع بيئة الجيزة المصنفة ضمن التراث العالمي للإنسانية. كما أنه المتحف الأثري الوحيد في العالم المكرس بالكامل لحضارة واحدة. وأي حضارة! تلك التي أبدعت عددًا لا يُحصى من القطع الفنية والتحف عبر ثلاثة آلاف عام من التاريخ”.

وأضافت: “يقدم المتحف نفسه كتجربة ثقافية متكاملة تضم قاعة عرض كبرى (أوديتوريوم)، ومركزًا للمؤتمرات يجمع الباحثين. ومتحفًا مخصصًا للأطفال. كل ذلك مصحوب بتصميم متحفي مبتكر وتفاعلي يتماشى تمامًا مع روح العصر”.

كتاب مخصص عن المتحف

كما تحدثت د.فلورنس كوينتين عن استقبال الجمهور الفرنسي لهذا الحدث، فقالت: “لطالما كانت مصر شغفًا فرنسيًا قديمًا، وقد ربطت البلدين علاقات وثيقة وعميقة. الجمهور الفرنسي مفتون بمصر، وأتوقع أن يتوافد الزوار بكثافة إلى المتحف الكبير”.

أما عن تخصيصها كتابا كاملا عن المتحف المصري الكبير ليكون العمل الحادي عشر ضمن مؤلفاتها المتعلقة بالحضارة المصرية القديمة، فقالت: أراه أمرًا ضروريًا بالفعل، من أجل إرشاد الزوار وتزويدهم بمعلومات تفصيلية حول القطع المعروضة. أما عن نفسي، فأرجو أن تتوافر بعض كتبي باللغة الفرنسية في مكتبة المتحف الكبير. إذ سيكون ذلك مصدر سعادة وفخر كبيرين لي”.

الفنانة وعالمة المصريات الألمانية، دانييلا روتيكا.. الصورة مشاع إبداعي
الفنانة وعالمة المصريات الألمانية، دانييلا روتيكا.. الصورة مشاع إبداعي
متاحف فريدة في مصر

من جانبها، تحدثت الفنانة وعالمة المصريات الألمانية، دانييلا روتيكا، عن افتتاح المتحف المصري الكبير قائلة: “لا شك أن الحدث رائع بكل المقاييس، وأتطلع كثيرًا إلى زيارة المتحف. إن المتحف المصري الكبير وضع معايير جديدة للمتاحف على مستوى العالم. ويمكن لمصر أن تفخر كثيرًا بهذا الصرح الفريد وبمجموعته الاستثنائية”.

وأضافت: “لكنني أيضًا أحب أن أُذكِر دائمًا بالمتاحف الأخرى في القاهرة، مثل المتحف المصري بالتحرير بتاريخِه العريق. والمتحف القومي للحضارة المصرية (NMEC) الذي يضم المومياوات الملكية، فكلاهما يستحق الزيارة بلا شك. وأوصي كل من يسافر إلى القاهرة أن يخصص عدة أيام لزيارة المتاحف. إذ لا يمكن العثور في أي مكان آخر على هذا الكم المذهل من مجموعات الفن المصري القديم الرائعة سوى في مصر”.

اقرأ أيضا:

المتحف المصري الكبير.. صرحُ انتظره جيلان وشهد تحولات مصر خلال 23 عاما

من اللوفر إلى المتحف المصري الكبير GEM.. تقنيات الواقع الافتراضي تُعيد إحياء التاريخ

الصحافة العالمية تحتفي بالمتحف المصري الكبير: الحدث الثقافي الأبرز في العقد الجاري

المتحف الكبير.. لمن نقدم آثارنا؟

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.