“كوشة”.. ملك الفوانيس في نجع حمادي

 

في شارع المسجد العتيق بمنطقة السوق أو “السويقة” كما يطلق عليها أهلها، وهي المنقطة الأشهر في مدينة نجع حمادي، تقبع “فاترينة خشبية” عتيقه هي الأخري، تحمل من أدوات السمكرة الكثير.

ومع بداية شهر شعبان حتي الساعات الأولى من عيد الفطر من كل عام تصبح “السويقة” هي قبلة الأطفال، من أجل شراء “فانوس رمضان” المصنوع من الصفيح، بأحجامه المختلفة.

” عمرها يعدي 50 سنة” هكذا بدأ حديثه معنا عن الفاترينة مصدر رزقه، ومطبخ سر صناعة الفوانيس الصفيح بأشكالها المتنوعة، عم محمود سالم، صاحب الـ63 عامًا أو فودة أو كوشة، كما يحب أن يداعبه بائعو السوق، يقول إنه يصنع الفانوس من الصفيح منذ أكثر من 35 عامًا، إذ إن مهنة السمكرة هي مصدر إلهامه لصناعة الفوانيس، التي ورثها عن أبيه عن جده.

فانوس الجاز

يروي كوشة بداية رحلته مع صناعة الفوانيس الصفيح، والبداية كانت من مهنة السمكرة وصناعة الفانوس “من أيام الفانوس الجاز أو الفانوس الكولب”، عندما لم تكن الكهرباء غزت الصعيد ولا وصلت نجع حمادي، فكان الفانوس الجاز الذي يضاء بالنار ويعلق بالشوارع والبلكونات، حتي تطور الأمرو وأصبح الفانوس بلمبة كهرباء تضيئ بالألوان أيضا.

الصناعة الصيني

يتابع أصبح لنا مصدر رزق كل عام، فأنا صاحب 50 عامًا في مهنة السمكرة و35 عامًا في صناعة الفوانيس بأحجامها وأشكالها المختلفة.

صناعة الفانوس الصغير لا يأخذ أكثر من ساعتين عمل يدوي، أما الحجم الكبير فقد يستغرق يومًا كاملا، وقديما كنا نصنع الفانوس بحرفية ومزاج ونبتكر في الأشكال، أما الآن أصبح الفانوس الصيني يستحوذ علي كل شيء منذ أن غزا الأسواق قبل 6 سنوات تقريبًا.

ويرى أن سبب رواجه على حساب الفانوس اليدوي الأغاني، التي تجذب الأطفال أو الأشكال الكارتونية، حتى أوشك الفانوس الكلاسيكي على الانقراض “أبو لمبة بتنور”.

غلاء الأسعار وسوق الفوانيس

ويضيف كوشة أن غلاء الأسعار أيضًا كان عاملًا في كساد صناعة الفوانيس، فقد ارتفعت أسعار الخامات، فبلغ سعر كيلوجرام القسدير، المستخدم لتقفيل قطع الفانوس، من 70 إلى 250 جنيهًا، بالإضافة إلى سعر النقل، إذ نستورد من الجمالية بالقاهرة بعض قطع المشغولات على الصفيح والزجاج، والتي ارتفعت هي الأخرى من 500 إلى 1200 جنيه.

وزيادة أسعار الخامات أدت بدورها إلى ارتفاع سعر الفانوس، وزيادة تكلفته، لذلك قل الاهتمام بشرائه بشكل ملحوظ كما كان قديما، فسعر أصغر فانوس كان يتراوح ما بين 7 إلى 9 جنيهات، فأصبح بـ15 جنيهًا، أما المتوسط فبلغ ما بين 90 إلى 100 جنيه، بدلًا من 70 أو 80 جنيهًا.

عم كوشة، لديه 6 أبناء، لم يتعلم أحد منهم صناعة الفانوس، جميعهم من خريجي التعليم المتوسط، إلا أن أكبرهم ورث صناعة السمكرة وتخصص في السيارات.

“السمكرة لم يعد لها سوقًا كما في السابق خاصة بعد أن غزو الصناعة الصيني” هكذا يرى عم كوشة، الذي يصنع أيضًا “الصيجان وهي ألواح البسكويت الذي تصنعه السيدات في المنازل، وكذا أقماع الحلويات والكنافة، و”رقبة الشيشة”، والكثير من أعمال السمكرة.

ودعته على أنغام “رمضان جانا” التي كانت تمتزج مع أصوات الصبية والأطفال في “السويقة” ليعود إلى فانوس كان يصنعه، قائلًا “واهي بترزق”.

 

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر