"كله ثقافة وعلوم وفنون".. ذكريات سنة أولى تلفزيون في الفيوم

يحتفل العالم في 21 من نوفمبر من كل عام، وفقًا لإعلان الأمم المتحدة باليوم العالمي للتلفزيون، احتفاءً بالفلسفة التي تعبر عنها هذه الأداة، فقد أصبح التلفزيون رمزًا للاتصالات والعولمة في العالم المعاصر.
“التلفزيون كله ثقافة وعلوم وفنون بيسلي تمام زي السيما التليفزيون، التلفزيون، علم، سياسة، توجيه، أخبار،  أفلام عربية وغربية، وتلات قنوات ليل ويا نهار شغالة عشان التسلية،  ينقلك مسرح روايات ويجيبلك العالم حكايات”..  بذلك غنى الثلاثي المرح أغنية التلفزيون من كلمات الشاعر صلاح جاهين، وتغنت الأغنية عند أول بث تلفزيوني مصري كان في 21 يوليو 1960.

“ولاد البلد”.. تسترجع ذكريات “الفيومية” عن سنة أولى تلفزيون في التقرير التالي:

عماد هلال – باحث ثقافي بالفيوم يقول: “أول ما شاهدته عبر التلفزيون هو فيلم كوميدي للفنان فؤاد المهندس، وكان عمري 7 سنوات، وبرنامج الأطفال عصافير الجنة لسلوى حجازي وآخر فرافيرو”.
ويضيف هلال أن التلفزيون هو الساحر الذي غيّر من طبيعة الإنسان في المدن والقرى، وأظن أنه من أعظم ما اخترعه العقل البشري بعد الترانزيستور، ولا يوجد على وجه الأرض إنسان ليس له ذكريات معه.
ويتذكر الباحث قائلًا: “أول من نشره في مدينتنا كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وبنى له حجرة صغيرة في المتنزهات وميادين الأحياء، وخصص له عاملًا مدربًا يأتي بعد آذان المغرب مباشرة، ليفتحه ويشاهد فيه المواطنون خطب الرئيس، ونشرة الأخبار، وتتوالى البرامج مثل القاهرة والناس، للتوعية بمشكلات العصر من صحة وسكن ومشكلات اجتماعية، وأفلام ومسلسلات مصرية ومباريات كرة القدم”.
“شاهدنا نادي السينما يقدم أفلامًا أجنبية، وكان يغلق الساعة الحادية عشرة حيث يتوقف الإرسال، ويفتح عند الخامسة مساءً حينما يأتي الإرسال”.. هكذا واصل هلال حديثه عن ذكرياته مع التلفزيون، مضيفًا أنهم كانوا يستمعون في الافتتاح للقرآن الكريم بصوت الشيخ الحصري أو غيره من أساطين القراءة.
ويتذكر هلال: “أظن أن بيت عمي أول من أشترى تلفزيون في مدينتنا، وكنت أذهب مع إخوتي الكبار لمشاهدة مباريات كرة القدم لفريقي الأهلي والزمالك”.
وتابع: “قرر أبي في السنوات الأولى من التلفزيون أن يشترى تلفزيون ماركة نصر، وهو عبارة عن قطعة موبليا داخلها التلفزيون، وكنا ننتظر عدة دقائق عشان اللمبات تسخن، ثم يعمل من بداية الإرسال حتى توقفه”.

مظاهر السنة الأولى

“أنا من الناس اللي التلفزيون دخل بيتنا في الأسابيع الأولى للإرسال نفسه، مكنش وقتها حد عارف يعني إيه وافد التلفزيون، وقتها كنا نلاقي ناس تخبط علينا الباب تزورنا عشان تشوف التلفزيون، وقتها لم يكن متاحًا للجميع، وكان الإرسال تقريبًا 5 ساعات بعدد محدود”.. هكذا بدأ إبراهيم مسيحة، الناقد وباحث التاريخ بالفيوم حديثه عن ذكرياته مع التلفزيون.
يقول مسيحة: “كان التلفزيون في السنة الأولى قناتين بث فقط الأولى كانت مستمرة في البث، أما القناة الثانية، فكانت تتوقف في البث أحيانًا في مناطق ما”.
ويضيف أن التلفزيون كان بمثابة حراك اجتماعي بين الجيران والمواطنين في السنوات الأولى له من الإرسال، مبينًا: “لو أنت ساكن في أول دور وفي ناس كتير في الحي كان ممكن نطلعلهم التلفزيون على تربيزة في البلكونة لأنه كان قطعة من الموبيليا حتى يشاهدوا القنوات”.
ويتذكر مسيحة ما في ذاكرته منذ كان عمره 6 سنوات وقت بدايات دخول التلفزيون المحافظات، فكان شراء التلفزيون بأدواته في أول سنة بنظام الحجز، وكان يطبق عليه دفع ضريبة تقريبًا بقيمة 6 جنيهات.

حمدي قنديل

يضيف مسيحة: “من أجمل الذكريات الأولى فى فترة دخول التلفزيون منازلنا، هو الإعلامي الراحل حمدي قندي، حيث كان يعتبر من أصدقاء أسرتنا، فعندما كان يظهر على شاشات التلفزيون نجتمع لنشاهده في برنامج “أقوال الصحف”، بداية الستينيات، حيث كان حينها من نجوم التلفزيون المصري وأيضًا سلوي حجازي مذيعة برامج الأطفال”.
ويتذكر الناقد الفيومي، قائلًا: “عندما كنت أذهب للقاهرة منذ الصغر، أظل أقف منتبهًا أمام مبنى التلفزيون، حيث كانت أمنية حياتي أن أرى هؤلاء الذين نراهم على شاشاتنا، فكنت بالفعل أراهم وهم يخرجون من المبنى وكنت أشعر بسعادة حينها”.
وفي لقاء مع منتصر نضر، مراسل قناة الصعيد بالفيوم، يقول إن احتفال الأمم المتحدة بالتلفزيون، هو تخليد لذكرى أول تجمع عالمي لرجال الإعلام عام 1996 بالأمم المتحدة،
ويروي نضر ذكرياته مع التلفزيون المصري، قائلًا: “عملت بالتلفزيون كمراسل أخبار لتلفزيون القناة السابعة التي تمسي الآن قناة الصعيد، وذلك  بداية عام ١٩٩٤، واجتزنا العديد من الاختبارات التي استمرت ٦ أشهر، لدرجة أنني فقدت الأمل وسافرت للعمل خارج مصر، حتي جاءنى خطاب التعيين بالتلفزيون، فتركت عملي بالخارج وعدت لاستلام عملي كمراسل، حيث كان العمل في مجال الإعلام، حلم لكل شاب وفتاة”.
نضر يتابع حديثه: “كان التلفزيون المصري هو قبلة الإعلام العربي ذهبت إلى ماسبيرو لاستلام خطاب التعيين، ثم سافرت إلى مقر القناة السابعة بمحافظة المنيا، وكان عدد العاملين بها لا يتعدى الـ٥٠ ما بين مذيع ومخرج ومعد ومراسل”.
ويضيف: “كانت القناة في مرحلة تشطيبات المباني، وكنت يوميًا أسافر من الفيوم إلى محافظة المنيا لمدة ستة أشهر، وكانت القناة لم تبدأ البث بعد، ثم بدأ البث التجريبي واستمر ٦ أشهر، وخلال هذه الفترة كانت عبارة عن دورات مكثفة في كافة مجال العمل الإعلامي، وقتها استهواني طبيعة عمل مراسل الأخبار، واخترت محافظتي الفيوم لعمل التغطية الإخبارية بها”.
كانت البداية أرسال أخبار مقروءة، من خلال متابعة أنشطة القطاعات المختلفة، ووضعها في قالب خبري، ثم إرسالها من خلال الفاكس لإذاعتها في نشرة الأخبار اليومية، ثم تطور الأمر إلي إرسال كاميرا التلفزيون لتصوير مختلف الأحداث والجولات الميدانية، ثم إرسال الشريط إلى محافظة المنيا لإذاعة نشرة الأخبار”.. هكذا أفرد نضر في حديثه مراحل تطور مهنته.
نضر يتذكر أن أول الأخبار التي سجلها، حيث كانت متابعة زيارة الرئيس الليبي معمر القذافي للفيوم، وكان بمرافقة صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق، حتى أنه طلب منه تثبيت كاميرا تلفزيون للفيوم، وبالفعل تم ذلك وإعطاء الفرصة الكاملة لأبناء القنوات بالمحافظات لعمل التغطيات الإخبارية الهامة.

ذكريات

ويروي الكاتب عصام الزهيري ذكرياته مع دخول التلفزيون مصر، قائلًا: “نشأت بين أطفال الريف الثمانيني على التلفزيون الأبيض والأسود، وأعتبر نفسي من جيل القناة الأولى والثانية، حيث كان يؤدي عرض حلقة من برنامج “جونجر” أو “مازنجر”، الذي أتى في مرحلة متأخرة إلى خلو الشارع من ألعابهم وضجيجهم حتى انتهاء الحلقة”.
الزهيري يضيف: “أقدم ذكرياتي مع التلفزيون الأبيض والأسود، تعود إلى لحظة مقتل الرئيس السادات أثناء العرض العسكري، مذاعة على الهواء مباشرة، وكانت لحظة عصيبة في كل بيت مصري، مما أدى إلى أن تنحفر بقوة في ذاكرتي بكل ما انطوت عليه من فزع، وما رافقها من دهشة طفل أمام تداخل الأحداث العامة مع مجريات الحياة الخاصة لأسرته الصغيرة”.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر