قصر تمام بك.. بناه الإيطاليون في 7 أعوام

كتب – فاتن الخطيب وإياد ياسر

منذ 111 عامًا وتحديدًا في 1907 شيد تمام بك حسن تمام، قصرًا مهيبا على مساحة 2500 متر تقريبا بمدينة ساحل سليم، ليصير قصر تمام بك مع مرور الزمن تراثا شاهدًا على حقبة تتابعت فيها العديد من الأحداث، وتعود جذور تمام بك إلى عائلة سُليم بالمملكة العربية السعودية.

المكان

في شارع 23 يوليو بمدينة ساحل سليم يبدأ نقر الخطى للوصول إلى القصر، تلوح بوابة خشبية تطاول الأشجار تبدو على قمتها معالم نحت بَنّاءٍ قديم، جدرانها مغزولة بطوب فاق عمره المائة عام تداخلت ألوانه ما بين الأحمر والأسود وضعها البنّاء بشكل أشبه بفن تشكيلى يعبر عن فن ذاك الزمن القديم.

مع الدخول من بوابة القصر تلامس قدماك أرضا طينية بمساحة فضاء نبتت الزهور بقلب طينها وتتعالى بها أشجار الزينة، وعلى آخرها أدوات زراعية ما بين جرار مستورد وآلة حصاد كان يستخدمها الباشا في الزراعة، وبعدها بخطوات غرف لمبنى تحصيل أموال تلك الزراعات.

الجذور

تذكر الدكتورة رباب عبدالتواب، الباحثة فى الآثار الإسلامية، أن تمام بك هو أحد أحفاد محمود باشا سليمان وينتمي للفرع الثاني من العائلة السليمية، وهو أحد أعيان مدينة ساحل سليم وأحد كبار ملاك الأراضى الزراعية بها وجده تمام بك عبدالعال، وفي العام 1900 بدأ مهندسون إيطاليون بناء القصر على الطراز الإيطالى الوافد، وانتهوا من التشييد في العام 1907 وأقاموا في ساحل سليم سبع سنوات متواصلة لإتمام مهمة البناء.

السلاملك

للقصر مدخلان على شارعين مختلفين، على اليمين وعلى اليسار مبنى “السلاملك” وهو مبنى الضيافة، وهو للترحاب بالضيوف الزائرين، وتوضح رباب أن مبنى السلاملك تم قبل إنشاء القصر، مشيرة إلى أن مُؤسسه هو همام بك عبدالعال سليم وهو عم محمود باشا سليمان وانتهى إنشاء السلاملك عام 1860؛ وكان ملكا لجميع أفراد العائلة السليمية وكانوا يعيشون فيه قبل إنشاء القصر وبعدها بدأ بناء القصر.

من داخل قصر تمام بك

باب خشبي مرتفع، مقابضه شديدة القدم، المدخل من البلاط القديم صغير الحجم المزخرف برسومات متنوعة منها ورود صغيرة، والحوائط مُغطاة بورق حوائط اختلط فيه اللون الأصفر القاتم مع البني وبدا باهتا تقشرت أجزاءًا منه بعوامل الزمن، والسقف يرتفع بعلو حوالي 7 أمتار عن الأرض، ومن قلب السقف الخشبى تتدلى نجفة حديدية مطعمة بلمبات صغيرة تحملها حوامل عبارة عن رسومات من الورود ومُدلاة بسلسلة من الحديد.
الوصف السائد لجميع الغرف كان الأسقف العالية والنجف المُدلى بسلسلة حديدية طويلة، وبالطابق السفلي صالونين للاستقبال أحدهما صيفي والآخر شتوي.

الصالونات

كانت ذاك المكان الذي يفوح منه عبق الزمن القديم وعلى حوائطهم صور لأفراد من بشوات العائلة تروي جزءًا تاريخ العائلة، وإحدى الصور كانت مع قيادات ثورة يوليو 1952 ومع حسين الشافعي عضو مجلس قيادة الثورة معلقة على جدران غرف الصالونين، حيث كان الشافعي آنذاك في زيارة للمركز ساحل سليم.

جدران مدخل السلاملك تزينها ساعة كبيرة لها بنادول وعلى الحائط المقابل آيات قرآنية مصغرة فى لوحة طولية ذات برواز أصفر تبدو أنها المصحف بأكمله، وعلى يمين المدخل غرفة مخصصة لمكتب الباشا تحوي تحفا نادرة؛ اختلط فيها الأثاث القديم مع أثاث حديث حيث أن أحفاد الباشا مازالوا يعيشون بالقصر فهو مقر سكنهم إلى اليوم، ويبدو على القصر اهتمامهم الشديد والعناية بكل ركن فيه.

غرف النوم

كان من الطبيعى أن تتراص غرف النوم بداخل مبنى “السلاملك” وتتوزع على طابقين فهي غرف نوم للضيوف وبداخلها أًسرّة نحاسية تعلوها ناموسية وبداخل تلك الغرف يتغير شكل البلاط ليصير ملونا بألوان متداخلة فاتحة برز فيها اللون الأحمر والأخضر، وكذلك حال الأسقف الخشبية بحيث يتلون بخطوط ملونة ما بين الأزرق والأحمر والأبيض.
إضافة إلى دورات المياه والمطبخ الكبير، وفى غرفة السفرة دولاب في منتصف الحائط يحوي أدوات وأوان قديمة كانت تستخدم في الطهي ومنها “بستلة” غطى سواد لهب النيران على لونها وساهم في تفاقم اسودادها تعاقُب سنوات الزمن الماضية. وسفرة صغيرة وكراسي ذات رسم مميز لها رأس هرمي.

القصر

على يمين مقر السلاملك يلوح مبنى القصر الكبير، تصعد إليه بسلم له درابزين من الجبس تتوسطه رسومات تشكيلية باللون الأبيض تماما كسلم السلاملك، ويعلو الباب نقوشا تبدو كما لو كانت إغريقية.
الأبواب والأسقف المرتفعة والنجف والنوافذ الزجاجية ذات الأسوار الحديد كانت العامل المشترك بين القصر والسلاملك، وبعد مرور مدخل القصر ذو الأرضية المدعمة بالبلاط القديم تلوح غرف النوم بالطابق الأرضى على يسار المدخل، ومطبخ كبير ومرايات يحملها حامل من الخوض حيث تعددت المرايات ما بين البيضاوي والمربع، وبعد صعود درجتي سلم على آخر المدخل تجد ماكينة خياطة قديمة تعمل بعجلة دائرة.

القصر من ثلاث طوابق جميع أسقفه من الخشب والسلم درجاته خشبية ما عدا “الباسطة” فهي من البلاط، ويوجد السلم على ناحيتين تصل منهما إلى القصر وجميع أرضياته مغطاة ببلاط قديم ما بين ملون وأبيض في أسود، وأول ما يستقبلك أثناء صعودك للقصر من السلم القابع على الجهة اليمنى دورات مياه كبيرة ويفصل بين دورتى المياه بابين صغيرين جدا ما إن تفتحهم إلا وتجد حوض وصنبور مياه و”مطبقية” لتنشيف الأطباق بعد غسيلها، فهى مطبخ صغير لغسل أوانى الإفطار.
والطابق الثانى له أرضية تعد سقف الطابق السفلى وهو خشبى مغطى ببلاط ملون، وعلى الحائط الملاصق للباب أدوات لتزيين المكان منها طبق من الزنك معلق بالحائط، وللطابق الثاني طرقة فاصلة بين غرف النوم على يسارها مرآة كبيرة. وفي سقف الطرقة رسومات متنوعة من الزيت تختلف بحيث في الوسط رسم خاص وفي المقدمة والمؤخرة رسم آخر مختلف عن الوسط ولكن موحد بهما.
ولم ينس المصمم غرف الأطفال التى يعلو بابها نقوشا بارزة على هيئة رأس طفل وسقفها من الألوان المبهجة وكذلك البلاط.  
وتعلو القصر قبة مزخرفة من الخارج ذات بناء خاص، وهي أعلى جزء يمكن أن تراه من الخارج؛ مكونة من نوافذ زجاجية ملونة من الداخل، فكل شيء معد إعدادا تاما وأُخذ في الحسبان في الرسم الإنشائي للقصر.

لمشاهدة فيديو من داخل قصر تمام بك اضغط هنا

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر