قرية «حسن فتحي» تعود للأضواء مع احتفالات العيد القومي الـ66 للوادي الجديد

أعادت محافظة الوادي الجديد افتتاح وإحياء قرية المعماري حسن فتحي، وذلك خلال احتفالات المحافظة بعيدها القومي السادس والستين، وفي احتفال غير مسبوق، كانت واحة باريس مسرحًا لفعاليات الحدث، حيث أعيد افتتاح القرية التي تعد محطة تاريخية مهمة في تاريخ الوادي الجديد وأحد أبرز معالمها المعمارية، بعد أن عانت الإهمال لأكثر من عقدين.
استعادت القرية بريقها عبر عروض الصوت والضوء التي أضاءت مبانيها الطينية الفريدة، بحضور آلاف المواطنين الذين توافدوا من مختلف مدن ومراكز المحافظة، في مشهد جمع بين إحياء التراث المعماري المصري وتأكيد هوية المحافظة كجسر حضاري بين الماضي والمستقبل.
وصول أولى قوافل التعمير
قال محمود عبدالربه، باحث في التراث الواحاتي، إن الاحتفال بالعيد القومي لمحافظة الوادي الجديد يقام في الثالث من أكتوبر كل عام. تخليدا لذكرى وصول الدفعة الأولى من قوافل التعمير عام 1959، والتي كلفت بمهمة شق الطرق وتوطين الأهالي. لتبدأ رسمياً رحلة تأسيس المحافظة.
وأضاف أن الوادي الجديد تعد أكبر محافظات مصر مساحة. إذ تمثل نحو 44% من مساحة الجمهورية، وقرابة 66% من مساحة الصحراء الغربية، وتمتاز بتنوعها الجغرافي والثقافي. كما تجمع بين التاريخ الفرعوني والقبطي والروماني والإسلامي، إلى جانب التراث البدوي والواحاتي والنوبي.

جوهرة معمارية منسية تعود للحياة
يقول الحاج ريفي، أحد سكان القرية، إن قرية حسن فتحي أنشئت في ستينيات القرن الماضي بواحة باريس. كنموذج تجريبي للعمارة البيئية التي سعى المعماري العالمي حسن فتحي إلى ترسيخها. لتقديم تصميمات نماذج تناسب البيئة الصحراوية. معتمدًا على الطين والخامات المحلية، وتوفر الراحة المناخية دون الحاجة إلى التقنيات الحديثة.
ويضيف أن حسن فتحي عرف بلقب “مهندس الفقراء”. إذ آمن بأن العمارة ليست جدرانا فحسب، بل فلسفة حياة. وقد استلهم تصميماته من البيوت النوبية والعمارة الإسلامية التقليدية، فابتكر نموذجاً فريداً للمباني المقببة القادرة على التكيف مع المناخ القاسي، إلى جانب جمالياتها البصرية.
وأوضح الريفي أن القرية، رغم قيمتها المعمارية عانت الإهمال لأكثر من عشرين عاما حتى كادت تنسى. قبل أن يعيد الاحتفال بالعيد القومي الـ66 الحياة إليها، ليحولها من معلم مهجور إلى مساحة نابضة بالضوء والاحتفاء.
حضور جماهيري ورسائل رمزية
في مشهد استثنائي، شهدت القرية تدفق آلاف المواطنين من مختلف أنحاء المحافظة. حيث امتلأت ساحاتها بالمشاركين الذين حرصوا على الحضور رغم بعد المسافة. وتزينت أرجاء القرية بالأعلام المصرية، وتنوعت الفعاليات الفنية والثقافية التي جسدت روح المناسبة.
ولأول مرة، أُقيم عرض مبهر من الصوت والضوء، أضاء جدران القرية الطينية وقبابها التقليدية. ليكشف عن جمالها، مع تسجيلات صوتية تحكي تاريخ الوادي الجديد، وتوثق قصة القرية والمعماري حسن فتحي. وفي أجواء احتفالية مبهجة، أحيا الحفل المنشد أحمد حسن الأقصري وسط تفاعل جماهيري واسع.
أصالة قرية حسن فتحي
قال عبد الناصر صالح، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة باريس، إن اختيار القرية لاستضافة الاحتفال القومي يعكس تقدير الدولة لقيمتها المعمارية والتاريخية. وأكد أن الوحدة المحلية ستعمل على تطوير الخدمات والبنية التحتية بمحيط القرية، بما يضمن استدامة التجربة وتحويلها إلى نقطة جذب سياحي دائمة.
وأشار صالح إلى أن هذه الخطوة تمثل انطلاقة لتحويل القرية إلى مقصد سياحي وثقافي. في ظل الاهتمام العالمي المتزايد بالعمارة البيئية المستدامة التي جسدها حسن فتحي. لافتًا إلى أن الحدث يحمل رسالة تنموية حقيقية. إذ أن إحياء القرية يمكن أن يفتح الباب أمام استثمارات جديدة وفرص عمل للشباب في مجالات الإرشاد السياحي والحرف اليدوية.
صفحة جديدة في عيدها القومي
خلال كلمته في الاحتفال، قال سيد محمود، سكرتير عام المحافظة، إن الاحتفال بالعيد القومي الـ66 للوادي الجديد يعلن “ميلاد مرحلة جديدة تعيد وصل الماضي بالحاضر. وتحول قرية منسية إلى رمز للحياة والتجديد”.
وأضاف أن الحدث ليس مجرد احتفال رسمي، بل رسالة تؤكد أن التراث يمكن أن يكون أداة للتنمية. وأن الوادي الجديد بما يمتلكه من تاريخ وموارد قادر على أن يكون وجهة سياحية.

إدراج القرية على خريطة السياحة البيئية والثقافية
فيما أكد اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادي الجديد، أن إحياء قرية حسن فتحي بعد 20 عاما من الإهمال يمثل “رسالة قوية بأن تراثنا المعماري جزء أصيل من هويتنا. ويجب استثماره في دعم التنمية والسياحة الثقافية”.
وأوضح أن إقامة الاحتفال القومي داخل القرية هي بداية مرحلة جديدة من الاهتمام بالتراث المعماري. مشيرا إلى أن المحافظة تخطط لإدراج القرية على خريطة السياحة البيئية والثقافية لمصر.