في ذكرى وفاته.. «الإسكندرية» 5 محطات فارقة في حياة العندليب

“حياتي”.. عنوان الكتاب الذي يحمل مذكرات العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، التي كتبها بيده في رحلة مرضه الأخيرة في لندن عام 1973، ونشرت بعد وفاته بثلاث سنوات في يونيو 1977، أما “أعز الناس” كتبه مجدي العمروسي، محامي العندليب، بعد وفاة حليم بـ17 عامًا.

في هذين الكتابين يظهر دور الإسكندرية الكبير في حياة العندليب، بداية من خطواته الفنية الأولى مرورا بحبه حتى آخر أفلامه، التي جرى تصويرها في مدينة الإسكندرية “أبي فوق الشجرة”.

كتاب “أعز الناس” عنالعندليب

في كتابه “أعز الناس” يوضح مجدي العمروسي، محامي العندليب، كيف بدأت علاقته مع عبدالحليم حافظ في حفل عيد ميلاد صديق له  يدعى فهمي عمر في القاهرة؛ جاء لحضوره من الإسكندرية، وهناك سمع صوت عذب في غرفة داخل منزل صاحب العيد ميلاد، وهو شاب كما يصفه ذو جسما نحيلا، متوسط القامة، محتضن عوده، من بين المدعوين كان يغني “من قد إيه كنا هنا”، وقد أعجب العمروسي بصاحب هذا الصوت وذهب ليحيه، ومن هنا كان بداية التعارف.
وكما يصف اللقاء الأول “لقد  وجدت نفسي منجذب لهذا الفتى دقيق الجسم حلو الإبتسامة، وقلت له: أنا اسمي مجدي العمروسي محام من إسكندرية، وجيت عشان عيد ميلاد صديقي وأنا الآن سعيد إني شفتك”، قال: “وأنا أحب إسكندرية جدا، وأتمنى أغني على أحد مسارحها وأنجح في إسماع أهلها، ولو أنهم بيقولوا جمهور إسكندرية صعب قوي، وإن الوصول إلى إرضائهم قمة الصعوبة”، فقلت: “إن شاء الله ربنا يوفقك وينجحك مع جمهور إسكندرية”.

كتاب “حياتي” لـ العندليب

وفي كتابه “حياتي” يشير عبدالحليم حافظ لهذا اللقاء لرفيق دربه.
إخفاق
في كتاب “أعز الناس ” يتابع مجدي العمروسي حديثه عن قصة حياة صديقه العندليب الأسمر؛ فبعد لقائهم الأول، كان لقائهم الثاني في الإسكندرية عندما اتصل به حليم ليذكره به ومقابلته الأولى معه، وأنه جاء إلى الإسكندرية، للعمل في المسرح القومي في الشاطبي ويريد رؤيته.
على مسرح الشاطبي غنى حليم “أسمر يا اسمراني”، و”صافيني مرة” ورغم إصرار جمهور الإسكندرية أن يغني أغاني عبدالوهاب، لكنه رفض وحزن من رد فعل الجمهور السكندري، وقد عرض عليه العمروسي أن يأتي في فترة وجوده في الإسكندرية ليجلس معه وأخته، واستجاب عبدالحليم ولكن لم يبقى في الإسكندرية سوى عشرة أيام لشعوره بالإخفاق في إقناع الجمهور السكندري به بأغانيه، التي كانت تعتبر في ذلك الوقت غريبة عليهم.

العودة والنجاح

بعد مرور سنة استطاع حليم أن يخطو خطواته الفنية الأولى. وبدأت أغانيه تلاقي شهرة، عاد مرة أخرى في بداية الصيف. كما يذكر العمروسي في كتابه بعد أن تعاقد ليغني على نفس المسرح في الإسكندرية، الذي واجه فيه رفض الجمهور السكندري من قبل، وقال للعمروسي: “أنا أعتبر حياتي كلها متوقفة على نجاحي على نفس المسرح القومي بالشاطبي”.
استقبله العمروسي في محطة سيدي جابر فور وصوله إلى الإسكندرية، وغنى العندليب على نفس المسرح الذي رفض عليه، لكن في هذه المرة وجد ترحاب ونجاح كبير كان بالنسبة له بمثابة الانتصار، واستطاع كسب جمهور الإسكندرية إلى صفه.

ميلاد حبه

في كتابه “حياتي” يصف حليم قصة حبه الكبير، وكيف بدأ، قائلا: “بدأ في عام 1958، وانتهى عام 1968، وبين التاريخين كانت قصة الحب، أقسم أنني لم أحب من النساء مثلما أحببتها، ولم أرى في حياتي جمال مثل جمال عيونها الزرقاء”.
وكان بداية شرارة الحب في الإسكندرية في فصل الصيف، عندما كان حليم في كابينة إحسان عبدالقدوس، إذ ذهب بسيارته وتوقف على البلاج وداخل كابينة إحسان كان لقائه بالسيدة الجميلة السكندرية، التي ظل حبها داخل قلبه حتى بعد أن فارقت هي الحياة بسبب مرضها.
فمن حبه لها طلب من محامية مجدي العمروسي كما يصف في كتابه أن يحضر له شقة في الإسكندرية.

أبي فوق الشجرة

في ختام مشواره السينمائي الذي لم يمهله المرض والقدر أن يكمل مشاريعه الفنية، وخاصة السينمائية.. توقف بفيلمه الأخير الذي تصدر إيرادات السينما في ذلك الوقت “أبي فوق الشجرة”.. إنتاج عام 1969.

كان للإسكندرية دورا مهمًا في تصوير أكثر لقطات الفيلم، صورت بعض منها في المنتزة وسيدي بشر.

الإصابة بالصفراء

“في 28 سبتمبر 1970 كنت في العجمي. وكان من عادتي أن أقوم متأخرا من النوم.. بعد ساعات كان القرآن يملأ الراديو وبصوت الحزن أعلن أنور السادات موت الزعيم جمال عبدالناصر. كنت أكاد أن أصرخ “مصر”.. بهذه الكلمات يصف عبدالحليم حافظ، في كتابه “حياتي”، حالته عندما كان في الإسكندرية.. وسمع خبر وفاة الزعيم جمال عبدالناصر الذي تبنى موهبته واعتبره ابنا من أبناء الثورة.. وهنا أصيب العندليب بنزيف نقل على إثره إلى المستشفى.. مشيرًا في مذكراته “حدث نقل الخطأ وكانت الإصابة بالصفراء”.
وفي أحد اللقاءات التليفزيونية بعد وفاة العندليب.. أوضح الدكتور يس عبدالغفار، الطبيب الخاص لحليم، رافقه في أغلب رحلات مرضه.. أن من أسباب تدهور حالته الصحية وتليف الكبد كاملا هو الدم الملوث الذي نقل له عام 1970.. والذي سرع في تدهور حالته الصحية وسوء حالة الكبد.. وكان لايوجد بديل سوى الزرع.. لكن العندليب رفض العملية، وهذا ما أكده العمروسي في كتابه.

في النهاية توفي العندليب في 30 مارس 1977.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر