في ذكراه: «الساق اليمنى».. خبيئة عبدالرحمن الخميسي المنسية

في الذكرى الـ36 على رحيل الأديب والفنان عبدالرحمن الخميسي (13 نوفمبر 1920- 1 إبريل1987) يتطرق «باب مصر» إلى جزءا من إبداعات الخميسي وهي روايته الوحيدة التي كتبها ولم يجمعها في كتاب. فضلا عن ذكرياته مع يوسف إدريس وأحمد بهاء الدين.

كتب عبدالرحمن الخميسي في مايو عام 1950 مقال له بعنوان “مشكلتي مع القراء” طالبا من القراء والأصدقاء وأفراد أسرته أن يغفروا له ما يسميه البعض إهمالا وهو في الواقع انهماك في العمل يجعله لا يرى أمامه غير أبطال عمله الوليد. ولم يكن الخميسي يدرك وقتئذ أن مضمون هذا المقال سينطبق بعد ثلاث أشهر فقط على رجل سيصبح بعد أقل من عامين هو أهم شخصية في مصر ولم يكن هذا الرجل سوى “جمال عبدالناصر”.

جاء في المقال: “يظلم الكثيرون وفائي، ويظلمون تقديري لصداقتهم حين يرونني في الطريق أحث الخطى دون أن أرفع يدي لتحيتهم، وليتهم يعلمون أنني لا أرى الطريق ولا أرى الناس السائرين. ولكنني في مثل تلك الحال أرى طريقا آخر في داخلي، وأرى ناسا يتزاحمون في عقلي. ملامح تتداخل ووجوها تعبس وشفاها تبتسم وعيونا تبكي وعيونا تفرح. ليتهم يعلمون أنني مثل تلك الحال أكون منفردا مع أحد نماذج الناس في كهف سحيق من كهوف النفس، أتملاه وأستنطقه وأسأله ويجيبني وأسمع صوته يتردد في طوايا قلبي.  فكيف أكون بعد ذلك قادرا على تمييز السائرين في الشارع وكيف أكون قادرا على رفع يدي لتحيتهم وأنا غريق فكرة. وهذه هي مشكلتي مع القراء ومشكلتي مع أصدقائي ومشكلتي مع أفراد أسرتي وهي قديمة قديمة منذ هتف بي هاتف: أن أكتب”.

حلقة من حلقات رواية عبدالرحمن الخميسي المنسية
حلقة من حلقات رواية عبدالرحمن الخميسي المنسية
لقاء عبدالناصر بالخميسي

بعد أن كتب الخميسي مقاله بدأ في كتابة روايته الوحيدة وهي بعنوان “الساق اليمنى” وبدأ ينشرها مسلسلة في جريدة المصري. التي كان يكتب فيها بغزارة في هذا التوقيت ما بين قصص قصيرة ومقالات. وقد نشرت الرواية على إحدى عشر حلقة بدأت في منتصف أغسطس 1950. وفي إحدى الليالي التي كان الخميسي منهمكا فيها بإعداد حلقة من حلقات الرواية المسلسلة. ذهب جمال عبدالناصر وهو وقتها ضابطا في الجيش  لزيارة أحمد أبوالفتح في مقر الجريدة. وإذ به يجد الخميسي جالسا مشغولا وهو يكتب ويردد: “هذه ليست ساقي ولكنها ساق رجل آخر”.

وحاول عبدالناصر أن يحدثه ولكن الخميسي لم يجيب إلا بعبارة واحدة هي: “هذه ليست ساقي ولكنها ساق رجل آخر” فقال له جمال عبدالناصر: هو الأستاذ أحمد أبوالفتح يعني سيتأخر ولا حاجة؟ والخميسي يرد غير مكترث بمحدثه: “انتظر… هذه ليست ساقي ولكنها ساق رجل آخر”. وانصرف جمال عبدالناصر وظلت العبارة عالقة في ذهنه “هذه ليست ساقي ولكنها ساق رجل آخر”.

وبعد أقل من عامين قامت ثورة 23 يوليو 1952 وذهب جمال عبدالناصر إلى جريدة المصري واجتمع مع كبار كتابها. وكان من بينهم الخميسي، ولم يهمل عبدالناصر الواقعة فقال للخميسي: ألا تذكرني؟ جئتك هنا؟ فضحك الخميسي قائلا: وأنا كنت أعرف منين أنك ح تبقى زعيم ثورة؟

هيكل يتذكر

وبعد سنوات طويلة من تلك الواقعة عاد وذكرها محمد حسنين هيكل في برنامجه “تجربة حياة “على قناة الجزيرة قائلا: في بداية الثورة حدثني عبدالناصر عن واقعة حدثت له في مقر جريدة المصري وردد عبدالناصر عبارة الخميسي التي كان يرددها وقتها وهو يكتب روايته، وظل عبدالناصر متذكرا للعبارة. وذكر هيكل كيف كان عبدالناصر مندهشا من استغراق الخميسي في الكتابة لدرجة عدم الاعتناء والاهتمام بالضيف.

خبيئة الخميسي الساق اليمنى

ورواية “الساق اليمنى” هي الرواية الوحيدة التي كتبها عبدالرحمن الخميسي ولم يجمعها في كتاب برغم أنه في حياته جمع عدة مجموعات قصصية ولسبب غير معلوم لم يجمع تلك الرواية اليتيمة حتى أصبحت الآن بمثابة “خبيئة الخميسي المجهولة”.

أحداث الرواية تدور في إطار غير تقليدي تبدأ بشاب يقتحم قسم البوليس في منتصف الليل ويقول: إن ساقي اليمنى تؤلمني.. أريد أن يقطعوها فاستريح. ويظن الضابط أول الأمر أن الشاب سكران. ثم يتبين أنه مصاب وكان الشاب يردد: “هذه ليست ساقي ولكنها ساق رجل آخر”.

ويبدأ الشاب وهو بين أيدي الأطباء يسترحمهم أن يقطعوا له الساق اليمنى ويعود بالذاكرة للوراء ويبدأ في حكاية قصته من بدايتها وكان اسمه ممدوح وله ابن عم يدعى راغب وعندما أخذ راغب من ممدوح كل شيء حتى حبيبته، عزم ممدوح على قتل راغب وبالفعل وذات صباح روع سكان الحي بصراخ البواب: قتيل.. قتيل. وهرول السكان من منازلهم إلى البواب وإذ براغب مقتولا. فقد ذهب ممدوح إلى بيته في الليل وقفز من النافذة وقطع شريان معصمه وهرب مهرولا إلى الشارع وخيل إليه أن هناك من يتبعه فصدمه الترام وهو يجري مسرعا وينقل إلى المستشفى لتقطع ساقه اليمنى وينقل الأطباء إلى جسمه ساقا بدل ساقه التي بتروها من جسده وكانت الساق المنقولة إلى جسده مقتطعه من جثة راغب. ويحس ممدوح أن راغب يسكنه وأن جسده صار جسدا لهما الاثنين لراغب وممدوح.

بدايات الخميسي

في نهاية الثلاثينات جاء الخميسي إلى القاهرة بلا أهل ولا دار، لا يملك شيئا غير إرادة الحياة… ليس في جيبه مليما، وكان ينفق ليلته نائما على أريكة في حديقة عامة. وحين يوقظه الصباح يتوجه إلى دار الكتب كعادته كل يوم، ويتناول إفطاره وهو سائرا على قدميه. كانت بعض المجلات الأدبية كالرسالة والثقافة تنشر له قصائد مطولة من الشعر يرسلها إليها من بعيد.. وأصحاب تلك المجلات والمشرفون عليها لم يشاهدوا وجهه حتى ذلك الحين ولعل ذلك كان دافعا لنشر قصائده – على حد قوله-  فلو أنهم كانوا قد رأوه لشاهدوا شابا نحيلا شاحبا ينتعل صندلا ويرتدي بنطلونا أصفر قصيرا وقميصا حال لونه وكما وصف نفسه في ذلك الوقت:

طل منتفض يمشي وقد

قصمت أضلاعه فأس القضاء

خرب الإنحاء يستوطنه

من معدات المنايا ألف داء

شاحب الجلد.. كأني ميت

طرد اللحد رفاتي في الخلاء

لو تراه العين لا تنكره

إنما تمطره سيل بكاء

كان أحمد رامي يعمل في الدار رئيسا لقسم الفهارس الإفرنجية، كما كان يعمل بها الشاعر أحمد زين ومحمود يوسف. وقد تصادف أن تعرف الخميسي بهؤلاء الثلاثة في بوفيه الدار، ولم يكن له عمل رسمي يستطيع بواسطته أن يستخرج من الدار ترخيصا باستعارة الكتب، فكان يتردد على الدار كل يوم للمطالعة حتى توثقت العلاقة بينه وبين الأستاذين أحمد رامي ومحمود يوسف. فساعده الأول على استعارة الكتب الأجنبية وعاونه الثاني على استعارة الكتب العربية.

وصل ذات يوم إلى دار الكتب وعلم أن الأستاذ رامي يجلس في البوفيه ليحتسي قدحا من القهوة فتوجه إليه وهناك تعرف برجل يدعي عبداللطيف.. قام الرجل حين عرف اسمه وصافحه بحرارة صادقة وسأله إذا كان هو عبدالرحمن الخميسي الذي تنشر له مجلتا الرسالة والثقافة الأشعار؟ أم أنه فقط يحمل اسما مشابها؟

تقدير وترحيب

تأثر الخميسي لترحيب الرجل به بمثل هذا الصدق والتقدير فكم كان عطشانا إلى كلمة تقدير طيبة تشجعه على مواصلة الطريق. وقد عرف فيما بعد أن عبداللطيف هذا يعمل في البحث عن المخطوطات النادرة ويقوم ببيعها للهواة القادرين والمهتمين بشؤون الثقافة والمخطوطات ممن يستطيعون دفع أثمان تلك المخطوطات.

وقد كان عبداللطيف رجلا يقارب الستين عاما، عريض الهيكل طويل القامة ولكنه كان أشبه بقصر متهدم يترنح قوامه داخل بدلة متآكلة ويضع على رأسه طربوشا وينتعل حذاء قام الإسكافي بترقيعه فظهرت رقعه الكبيرة في مقدمة الحذاء وعلى جانبيه دلالات صارخة على فراغ اليد وعسر الحال.

وكان عبداللطيف يحب الشعر ويردد منه الكثير مما يستظهر وكان يلقي الشعر كأنه يغني.. فيهتز اهتزازا. وقد سأله عبداللطيف حين شهد من مظهره رقة حاله عن العمل الذي يقوم به إلى جانب المطالعة ونظم الشعر؟ فصارحه الخميسي بأنه عاطل، وامتلأت نظرات عبداللطيف بإشفاق أبوي وهو ينظر إليه. ثم جذبه من يده وانطلقا معا في الشارع، وعندها سأله الخميسي عن وجهته فقال له إن عنده محلا صغيرا للكتب اتخذه دكانا وبيتا ولا يقيم فيه أحد سوى أنا، فليس لي ولد ولا بنت وأنت من اليوم ولدي، أنت ابني يا عبدالرحمن.. فلا تخذل رجائي وعش معي يا بني حتى نجد لك عملا لائقا بموهبتك.

أخبره الخميسي بأنه لا يحب أن يكون عالة عليه ولكن الرجل أخبره أنه سيعمل معه في المحل في الفترات التي يتغيب فيها بحثا عن مخطوط أو كتاب.

الخميسي وعبداللطيف

وذهب مع عبداللطيف إلى محله وكان دكانا نحيلا ضيقا ممتلئا بالكتب القديمة. وحين أتى الظهر طلب منه عبداللطيف أن يحضر لكل منهما سندوتش فول من الدكان المجاور وقال له أخبر صاحب المحل أن يقيد الثمن على الحساب. ونفذ أمر عبداللطيف ولكن صاحب محل الفول قال له: لا.. إحنا ماعدناش بنشكك.. يدفع اللي عليه الأول.. وأدرك وقتها عبدالرحمن الخميسي المحنة التي يعيش فيها عبداللطيف، وامتلأ قلبه بالتقدير لموقفه منه. وحين هبط الليل ودعَ عبداللطيف شاكرا ومضى يخبط في شوارع القاهرة وليس في جيبه مليما، ولكنه غني القلب بالأحلام. مضى الخميسي يخبط  في الظلمة وهو يحلم  بالفجر الجديد.

والتقى بمجموعة من الشباب في مقهى من مقاهي باب الخلق وتوطدت الصداقة بينه وبين أحمد مخيمر وعبدالعليم عيسى وغيرهما. وقد اتفق مع أحمد مخيمر أن يكتب قصائد وأغاني للأفلام وكانا ينظمان الأغاني حسب الطلب ولكن بشرط ألا تظهر بأسمائهما.. كان بعض الذين يكتبون للسينما يستأجرونهم من الباطن ويدفعون لهم قروشا وهم يتقاضون جنيهات.

ويقول الخميسي عن تلك التجربة: “لقد شهد مقهى طلعت بباب الخلق ومقهى الفيشاوي بحي الحسين عددا من أولئك المتأنقين الكذابين يفدون إلينا ويكلفوننا بنظم الأغاني لتظهر حاملة أسماءهم.. لقد احترفنا الكتابة للغير عدة سنين حتى نستطيع أن نحصل على القوت الضروري ليتوفر بعد ذلك أن نطالع وأن نثقف عقولنا ونثري قلوبنا.”

ذكريات يوسف إدريس وأحمد بهاء الدين 

في الأول من إبريل عام 1987 توفى عبدالرحمن الخميسي وبعده بثلاث أيام توفى نعمان عاشور. فكتب يوسف إدريس مقالا بعنوان ” أخبار وأخبار” ينعي فيه الخميسي وعاشور ويتذكر ما كان بينهما من ذكريات وكان الخميسي قد قدّم يوسف إدريس إلى القراء لأول مرة في جريدة المصري ونشر له بعضا من إنتاجه عام 1951.

وعندما أصدر عبدالرحمن الخميسي مجموعته القصصية “قمصان الدم” عام 1953. كان إدريس قد خطى خطوات سريعة نحو الشهرة رغم عدم إصدار أي مجموعات قصصية له بعد. وهنا جاء دور يوسف إدريس في كتابة مقدمة لعبدالرحمن الخميسي لمجموعته القصصية. وكانت مجموعة قمصان الدم هي المجموعة القصصية السابعة للخميسي بعد ألف ليلة وليلة بجزأيه والأعماق ويوميات مجنون والمكافحون وصيحات الشعب.

وقد كتب الخميسي إهداء مجموعة قمصان الدم “إلى الرفاق خلف الأسوار.. وأمام الأسوار داخل السجن الكبير”. ولم تكن مقدمة يوسف إدريس داخل الكتاب لكنها كانت على الغلاف الخلفي من الكتاب مصحوبة برسمه لوجه الخميسي من رسومات الفنان زهدي.

وقد كتب إدريس في المقدمة: “كانت القصة القصيرة قبل الخميسي وقفا على طبقة معينة من الناس يكتبونها وطبقة معينة يقرؤونها. ثم اختتم تقديمه قائلا: “بعد ماض في الرومانسية قال الخميسي ليتني استطيع أن أجمع كل إنتاجي السابق من عقول القراء. لأشعل فيه النيران.ثم اتجه بعقله وقلبه إلى المدرسة الواقعية في القصة”.

يوسف إدريس

وبعد سنوات يرثي يوسف إدريس صديقه الخميسي متذكرا كيف وقف ليلة رأس السنة في الستينات. وقال له “بإذن الله سأحيا إلى سن المائة”. ثم يتذكر يوسف إدريس مواقف أخرى للخميسي فيقول: “كان قويا عملاقا متفائلا إلى ألف عام قادمة وكان فمه مفتوحا إلى آخره مستعدا لابتلاع الحياة كلها بكل ما فيها من طعام وشراب وجمال، ولكني فوجئت به في اللحظة التالية وفي داره الحافلة بالأصحاب والأصدقاء يتفجر باكيا زوجته الشابة فاتن الشوباشي ويقضي بقية الاحتفال في بكاء.

ولم يبتلع عبدالرحمن الخميسي الحياة وإنما ابتلعته الغربة وإلى أربعة أركان الكرة الأرضية مضى يتسلمه ركن ليرفضه ركن وهو قوي مقاتل وطني عنيد. هذا الشاعر المخترع الموسيقي كاتب القصة راوي الحكاية قاهر المدينة. الذي قهره من قهرنا كلنا ومن بطط – بحذائه الغليظ – ثقافتنا وإنسانيتنا”. وكان المقال مصحوبا بهذا اللوحة التي يظهر فيها عبدالرحمن الخميسي ونعمان عاشور.

أما أحمد بهاء الدين فكانت بينه وبين الخميسي صداقة امتدت من الخمسينات وقت أن كان بهاء رئيسا لتحرير مجلة “صباح الخير” ويكتب بهاء عن ذكرياته مع الخميسي وكيف أن الخميسي أحب شجرة على شاطئ النيل وحكاية عبارته الشهيرة أنني أدافع عن قيثارتي ولا أعزف ألحاني.

قيثارتي وألحاني

يقول بهاء: “أدافع عن قيثارتي ولا أعزف ألحاني.. والكلمة تصف حالنا جميعا: كل فنان أو عالم أو مستثمر يقضي أغلب وقته في مواجهة الشرور والأشرار بدلا من الانصراف إلى إنتاجه وإبداعه وما يفيد. وصاحب هذه الكلمة هو المرحوم الشاعر عبدالرحمن الخميسي الذي توفى قبل يومين. قالها لي قبل عشرين سنة وأنا في مكتبي. وقدجاء يشكو لي همومه ولم نكن أصدقاء بمعنى الكلمة ولا نعرف بعضنا كثيرا خارج العمل ولكنه كان يحب أحيانا أن يشكو. على أن عبدالرحمن الخميسي عاش حياته الشخصية والفنية والأدبية بالطول والعرض.

تزوج كثيرا وأنجب كثيرا وأحب كثيرا، حتى أنه أحب شجرة طوال موسم كامل على شاطئ النيل. كانت في المكان الذي يوجد فيه الآن كازينو النيل. وكتب الشعر والقصة وترجم وأخرج للسينما وأخرج للمسرح ومثل على الشاشة وعلى خشبة المسرح وعلى مسرح الحياة.

ألف ليلة وليلة

قدم ألف ليلة وليله في ثوب عصري واكتشف سعاد حسني فقد للسينما المصرية أحد ألمع جواهرها وعزف البيانو وألف الموسيقى والأغاني. ولذلك دهشت عندما قرأت في نعيه أنه توفى عن سبعة وستين عاما فقط. كنت أشعر أن عمره مائة سنة لا لشيخوخته فقد كان أكثر من عرفت شبابا ونشاطا وحركة. ولكن لكثرة ما أنتج وكثرة ما عاش وكثرة ما دخل السجن وكثرة ما سافر في أنحاء الدنيا وكثرة ما ترك من أبناء وبنات في شتى عواصم العالم.

لقد كنت أقرأ له صفحة أسبوعية كاملة في جريدة المصري وأنا مازلت طالبا فلابد أنه بدأ الكتابة في سن مبكرة. وقد سجلت كلمته تلك” أنني أدافع عن قيثارتي ولا أعزف ألحاني” قبل ذلك في أكثر من مكان؟ وسجلتها باسمه لأنه لم يكتبها ولكنه قالها لي في غرفة مكتبي في مجلة صباح الخير. ولعله قالها لغيري ولم يعلق بذهنه. ولكنها كلمة تصف محنة جيل بأكمله من الفنان والكاتب إلى العالم والمهندس والطبيب. محنة مجتمع البيروقراطية فيه تتحكم في العمل والعلم والإبداع. فلا ينطق المجتمع بالسرعة التي في طاقته لأن صناع القيود والأغلال وواضعي العقبات هم القوة الغالبة وهذه أبرز علامات المجتمع المتخلف”.

اقرأ أيضا

في ذكرى رجاء النقاش: عندما حاول العقاد تحطيم رأس الناقد الشاب

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر