فيديو| مهندس بـ"سيجما العقارية": هدفنا الحفاظ على التراث وتحقيق الربح

تعد المباني التراثية في أي مدينة شاهد أصيل على حضارتها وتراثها الذي ينبغي العمل على حمايته وصونه. خاصة عندما نتحدث عن عروس البحر الأبيض المتوسط، التي كانت تلقب في الماضي بـ”أولى سكندريات العالم” و”المدينة كوزموبوليتانيه” التي ضمت جنسيات وثقافات متعددة في القرون الماضية منذ إنشائها. وهذه الثقافة انطبع أثرها في العادات والتقاليد واللغة. والشاهد الأكبر الطراز المعماري المميز الذي بدأ يوما بعد يوم يتلاشى ببلدوزرات هدم التراث. ووسط كل ذلك، كانت هناك تجربة مضيئة لشركة “سيجما العقارية” في الإسكندرية التي حاولت ربط فكرة الحفاظ على التراث بالربح المادي، عن طريق شراء بعض هذه المباني وترميمها والحفاظ على طرازها المعماري، وبعد ذلك إجراء نشاط اقتصادي أو ثقافي داخلها.

“ولاد البلد” أجرت حوارا مع المهندس مجدي الصباغ، مهندس معماري في شركة سيجما العقارية، ليطلعنا على هذه تجربة الشركة في الحفاظ على التراث المعماري للمدينة، وما هي أهم المعوقات والتحديات التي واجهتهم، ونتائج هذه التجربة، وماهي الأنشطة التي يقومون بها لدعم التراث والتوعية بأهميته لأهل المدينة؟

نشاط شركة سيجما العقارية

بداية نحب أن نتعرف على نشاط شركة سيجما العقارية فيما يخص المباني التراثية؟
شركة سيجما هي شركة تقوم بالاستثمار في المباني التراثية عن طريق الحفاظ عليها، ثم إيجاد استعمالات جديدة لها تدر ربحا، وبالتالي نقوم بالحفاظ على التراث، عن طريق إعادة استغلاله وهذه هي وجهة نظرنا في اغتنام التراث.

ماهي أهم المباني التراثية التي قامت الشركة بترميمها وإعادة إستغلالها؟

لدينا العديد من المباني الموجودة في الإسكندرية، ولدينا بعض المباني في القاهرة، لكن أغلب نشاطنا يتركز في الإسكندرية، على سبيل المثال من المشروعات التي قمنا بها مشروع “La passage” في 52 شارع فؤاد بمحطة الرمل، وتعتبر من أجمل العمائر في الإسكندرية، ومن المعروف أن هذه العمارة لديها “قبة” يمكن رؤيتها من جميع الاتجاهات، وكان أسفلها مجموعة من المحال قمنا بالاتفاق مع أصحابها بأن نقوم بإنشاء مطعم كبير يضم داخله مجموعة من المطاعم الصغيرة، وفي بداية المشروع قمنا بأعمال السباكة والكهرباء من الداخل ورأينا أننا إذا قمنا بإعادة الواجهة لأصلها من الخارج فسيعيطي لها قيمة أكبر، ولذلك بدأنا نبحث عن الصور القديمة للمبنى الموجوده في مكتبة الإسكندرية لإعادة الواجهة لأصلها وهذا مثال على مشروع يحمل طابعا تجاريا.
ولدينا مشروعا آخرا داخل مبنى مشيد منذ عام 1924 للمعماري الإيطالي جاكو أليساندرو لوريا، وهذا المبنى مشيد على كورنيش الإسكندرية، وأسفله جزء تجاري وأعلاه مجموعة من الشقق السكنية، وكان بها شقة شاغرة فقمنا بتجربة عمل مشروع يسمى “Apartment hotel” وتعني أن لدي شقة صغيرة بها غرفة نوم وحمام ومطبخ ويتم تأجيرها لمدد، من ثلاثة أشهر إلى سنة.

الحفاظ على الملامح التراثية بشركة سيجما

وقد أعدنا تقسيمها من الداخل لكن قمنا بالحفاظ على الواجهة من الخارج، فدائما عندما نقوم باستلام شقة داخل مبنى قديم نحافظ على الملامح التراثية المهمة داخلها، مثل الشبايك والأرضيات فقط، وإذا كان الفرش متهالك نقوم بشراء آخر جديد، وأيضا هناك مشرعات أخرى قادمة إذا كان لها طابعا تجاريا أو سكنيا أو فندقيا. هذا فيما يخص المشروعات المدرة للربح.

أما فيما يخص التوعية، فلدينا نشاطا آخرا توعويا، نهدف من خلاله إلى توعية المجتمع بكافة الطبقات المختلفة، وهذه الفترة نركز اهتمامنا في التوعية على أساتذة الجامعة والمهندسين عن طريق تبادل الخبرات من خلال ورش عمل أو محاضرات أو المشاركة في المؤتمرات، ومن خلال تنظيم مجموعة من الورش بها متخصصين في مجال العمارة أو في مجالات التخطيط والحفاظ على التراث، ونستمع إلى تجارب الآخرين ونخبرهم عن تجاربنا ومن خلال النقاشات نقوم بطرح حلول لإعادة استغلال والحفاظ على التراث في منطقة وسط البلد بشكل عام.

سيجما العقارية تكشف عن كيفية ترميم المباني التراثية

كيف تتم الخطوات الأولى في عملية ترميم المباني التراثية؟
بالتأكيد أي ترميم يتم نحن كمهندسون يكون لنا خبرة معينة في الترميم، لكن نقوم أيضا بالاستعانة بخبرة متخصص في الترميم، مثل أساتذة الجامعة أو مقاولين متخصصين في هذه النقطة تحديدا، لأن القرارات التي تتخذ من أجل ترميم مبنى أو إعادة بناء جزء من مبنى تكون مكلفة جدا، وإذا لم يتم الترميم بشكل صحيح يصبح شكل المبنى سيئا، ولذلك من الضروري جدا عند الترميم الإستعانة بمتخصصين في هذا المجال.
ماهي أهم الصعوبات التي واجهتكم لإعادة ترميم وإستغلال المباني التراثية؟
أولا نحن كمهندسين ينبغي أن نحدد المشكله حتى نجد لها الحل، مبدأيا عندما يكون لدينا مبنى قديم نواجه كم كبير من المشكلات الإنشائية والمعمارية، وعندما نضع يدنا لإصلاح شيء نتفاجأ بشيء آخر يحتاج إصلاحا، وبالتالي التكفلة التي نضعها في بداية المشروع تختلف عن التكلفة الفعلية للمشروع، وبالطبع هذا الأمر مختلف عن المباني والعمائر الجديدة التي يكون العمل فيها معروفا.

صعوبة الحفاظ على المباني القديمة

ثانيا: نحن نواجه صعوبة في المباني القديمة لأنها تضع عليك قيدا، بمعنى لا نستطيع أن نغير كل شيء داخل المباني القديمة لأنه من المهم الحفاظ على أشياء معينة بها ذات قيمة معمارية كبيره، مثل لوحة مرسومة على الحائط أو قطعة نحت، فلا يصلح أن نغير مكانها.
وعلى ذلك فالتصميم الجديد الذي ينفذ ينبغي أن يحترم كل العناصر المعمارية ذات القيمة، وهذه هي مهمة الحفاظ على التراث، والتحدي بالنسبة لنا أن نقوم بتصميمم يواكب احتياجات العصر وفي الوقت نفسه يحترم المبنى العناصر المعمارية التراثية، وأيضا من النقاط الإيجابية لدينا هو نجاح أي مشروع ينفذ، لأن الناس تنتبه لوجود تجربة إيجابية بهذا الشكل وأيضا يكون بمثابة عامل جذب لهم.

ماهي أهم الأنشطة التي تهدف إلى توعية المجتمع السكندري بأهمية التراث التي قمتم بها؟
أهم الأنشطة التي نهتم بها هي الأنشطة المرتبطة بالتوعية. لأن نجاح المشروعات لدينا ليس لأننا نرمم المبنى فقط ونجعل شكله جميلا. ولكن نجاح المشروع الحقيقي هو إقبال الناس عليه وتقديرهم لقيمة هذا التراث. فإذا لم نوعِ الناس فلن تنجح مشروعاتنا. ومن بين الأنشطة الهامة التي قمنا بها الثلاث سنوات الماضية هو تدعيم مركز الدراسات السكندرية، لتنظيم أسبوع التراث السكندري، الذي يتضمن برنامجه جوالات إرشادية في وسط البلد؟ ومحاضرات وورش عمل تستهدف كل الفئات العمرية. وخلال هذه الفعليات هناك جمهور متنوع يأتي إلى وسط البلد وينتبه أن لدينا كنزا تراثيا فيه.

دعم حفلة تانجو وفلامنكو

أيضا قمنا بدعم حفلة تانجو وفلامنكو، أقيمت في مركز الجزويت الثقافي. وقد يتبادر سؤال إلى الذهن هل هذا له علاقة بالتراث؟ الإجابة هنا أنه بالفعل له علاقة بالثقافة العامة والانفتاح على ثقافة الآخر. والآن سبب غنى تراث الإسكندرية أنها كمدينة كانت منفتحة على الخارج. وكان بها مهندسين معمارين من كل أنحاء العالم. وكان هناك جنسيات متعددة فيها، وهذا الانفتاح جعل من الإسكندرية مدينة جميلة. والانفتاح  الثقافي وسيلة من وسائل الإرتقاء بالذات، ونحن نساهم في إنتاج الجمال وليس فقط تذوقه. ومهمتنا ليست الارتقاء بالمباني فقط بل الأهم الإرتقاء بالإنسان لأنه هو من يشيد هذه المباني.

ومن الأنشطة التي نعد لها قريبا؛ ورشة عمل في شهر نوفمبر المقبل مع جامعات ألمانية وجامعات مصرية. وستدور حول كيفية استغلال التراث الصناعي لدينا في الإسكندرية. فمثلا لدينا منطقة مثل مينا البصل يوجد بها شون القطن ومجموعة من المخازن التراثية. وكانت سابقة عصرها في الوقت التي شيدت فيه، ولها طابع جميل، وهي غير مستغلة. ولذلك سنقوم بتنظيم زيارات ميدانية للمنطقة وسنتعرف على تجارب الغرب في كيفية استغلال هذا التراث لمثل هذه المباني.

ونحاول من خلال ورشة العمل في سيجما العقارية أن نفكر كيف يمكن أن نستفيد من هذه التجارب. وذلك بما يتلائم مع طابع الإسكندرية ومنطقة مينا البصل.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر