فندق دي روز.. صفحة من تاريخ مدينة مرسى مطروح

كتب – إيمان عليان

في أحد الشوارع الخلفية بمرسى مطروح، تحت ظلال أشجار الكاسوارينا الشاهقة، يقع فندق دي روز ، الذي يرجع تاريخه إلى قرن من الزمان، أسسه  “كرياكوس باتراقاس”، وخطط له البريطانيين، ضمن أحد المشاريع المنقرضة تقريبًا بمصر “البنسيون اليوناني”.
كانت مشاريع ما يعرف بـ”البنسيون” مشاريع أساسية، اندثرت بشكل واضح، ولكن حتى الآن بمرسى مطروح فندق دي روز لا يزال موجودًا، مع العديد من العملاء والقائمين عليه، الذين يقومون بتشغيله لأسباب أكبرها الحنين إلى الماضي، وليس من أجل الربح.

فندق دي روز حالة منفردة

يعتبر فندق دي روز حالة منفردة، على الرغم من أن الفندق غير مكلف والكثير من زبائنه يتذكروه منذ طفولتهم، لوجود صلة وعلاقة بتلك الحقبة العابرة من الساحل الشمالي، تقدم به ثلاث وجبات يوميًا في غرفة الطعام الصغيرة.
يتكون الفندق من حمامات على الطراز القديم أسفل القاعة ونظيفة، غرف النوم يتم تبريدها بمراوح؛ وهي مفتوحة على شرفات أو السطح، ويمكنك رؤية أجزاء من الشاطئ قبل بناء العمارات الشعبية.

الحفاظ على التراث

معظم الفنادق القديمة في مرسى مطروح تم إعادة بناؤها على الطراز الحديث، لكن حفيد كرياكوس وهو كوستا نيكولاو يقول: إنه “ليس لديه خطط لإجراء تغييرات رئيسية للفندق، ربما يتم إضافة حمامات خاصة لعدد قليل من الغرف، وعائلة كرياكوس ستستمر كجزء من المدينة التي بالكاد موجودة على حالها وليسوا على عجلة لمواكبة التغييرات الجديدة”.
“الفندق هو هواية”.. بهذه الكلمات بدأ كوستا نيكولاو، حفيد التاجر اليوناني، الذي أسس البانسيون وهو يدير الفندق مع والدته وشقيقه خلال موسم الذروة للسياحة من يوليو إلى سبتمبر وبقية السنة يتم إغلاقه.

التأسيس

يرجع تاريخ إنشاء فندق دي روز إلى أن “كرياكوس باتراقاس” كان واحدًا من عدد متزايد من اليونانيين الذين جاءوا إلى مطروح من الأناضول، عادة ما بين مايو وأكتوبر، لاستخدام الميناء كقاعدة لصيد الاسفنج ومد جذورهم بمطروح، وكان هناك 51 من 398 من سكان القرية من اليونانيين الارثودوكس، ونمت المدينة ولكن بشكل متقطع، وتعاقد الخديوي عباس حلمي مع مهندسين ألمان لبناء السكك الحديدية على طول الساحل الشمالي، وامتد 270 كيلومترًا إلى الغرب من الإسكندرية إلى مرسى مطروح، ولكن توقف البناء بعد عزل البريطانيين للخديوي عباس بعد الحرب العالمية الأولى، وأُهملت السكك الحديدية مما أدى إلى دمار نحو 60 كيلومترًا من الإسكندرية إلى الحمام.
وعلى الرغم من أن الوصول إلى مطروح يعني 10 ساعات بالسيارة غير أن عدد السياح أخذ في التزايد، لذلك بدأ كرياكوس في تأجير غرف بمنزله، الذي أصبح بعد ذلك فندق دي روز، في أواخر 1920، وكان الفندق الثاني بمرسى مطروح وفي البداية كان استراحة تابعة لجمعية الواحات الليبية؛ وهي وكالة سياحية بالإسكندرية.
وأضاف كرياكوس: الطابق الثاني لفندقه لخدمة العمال الوافدين من أجل العمل بالمدينة، وكذلك للمسافرين بين الإسكندرية وليبيا، وأطلقوا عليه اسم فندق دي روز أو قصر الورود، وفي هذا الوقت تم مد السكك الحديدية أخيرًا إلى مرسى مطروح، مما كان له أثرًا كبيرًا على ازدهار الحالة الاقتصادية لمطروح  وزيادة الأعمال.
وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، كان الفندق يضم الجنود البريطانيين على الأقل حتى وصول الألمان لخمسة أشهر ونصف في عام 1942، في الفترة من مايو حتى نوفمبر أصبحت مطروح المقاطعة الوحيدة في مصر التي احتلتها ألمانيا، اتخذ الجنرال رومل الألماني لفترة قصيرة مكان إقامته في فيلا عبر الشارع.
وفي خلال الحرب العالمية الثانية، دمر الفندق ولكن أسرة كرياكوس، أعادت بنائه من ثلاثة طوابق وهو المبنى الموجود اليوم، في العصر الذهبي للسياحة في المدينة، وفي الخمسينيات والستينيات كان الساحل لا يزال بكرًا، وكان الناس الذين يأتون إليه من الزبائن الخاصة أساسًا السوريين واليونانيين والإيطاليين والمصريين الذين يعيشون في الإسكندرية من الطبقة العليا، والذين يمتلكون سيارات وعشقوا مطروح وساحلها المذهل، وفي الصيف يستمتعون بالسباحة وصيد الطيور ومطاردة الغزلان في الخريف.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر