فرقة “أنجليوس” تغرد بتراتيل قبطية في “مهرجان سماع” الصوفي

“رنموا لله قوتنا، اهتفوا لإله يعقوب، ارفعوا نغمه، وهاتوا دفًا عودًا حلوًا مع رباب” مزمور 81: 2

الألحان القبطية التي صدح بها فريق ني أنجليوس الكنسي على أرض مسرح بئر يوسف بالقلعة، هي تسبيحات سماوية تشعرك كأنك تمشي على بحر شفاف من الرضا، فلأول مرة تُقدم التراتيل القبطية منفردة في مهرجان سماع، دون أن تمتزج  بفرق أخرى.

الألحان القبطية نشأت مع الكنيسة، واللحن الكنسي بدأ تاريخيا مع القديس مرقس في الإسكندرية، الذي أسس مدرسة اللاهوت، وكانت تشمل بجانب العلوم، تعليم الألحان القبطية.

وحفظت الكنيسة القبطية الألحان بالرغم من عدم تدوينها موسيقيا، وتسلمه جيل بعد جيل عن طريق تكرار ترديد النغمات مع حفظ أزمانها ونقراتها الإيقاعية.

تحدث الينا الشماس أنطون إبراهيم عياد عن الألحان القبطية والتراتيل التى قدمت فى الحفلة، يقول برنامج الحفلة يتضمن عنوان “سبحوا الله”، وقد عرضت الفرقة كيف تسبح الكنيسة الله.

الحفلة بدأت بمزمور 150 “سبحوا الله في جميع القديسين، سبحوه في جلد قوته، سبحوه على مقدرته”، وهو عبارة عن مجموعة أرباع تقول سبحوه، هذا اللحن يقدم على مدار السنة طبقا لكل مناسبة: سنوي- كيهكي- فرايحي- صيامي- شعانيني.

يتابع إبراهيم اللحن الثاني هو جزء من القداس، وهو لحن مستحق وعادل وبه حوار بين أبونا مع الشعب “أبونا: الرب مع جميعكم / الشعب: ومع روحك ايضًا/ أبونا: أين هي قلوبكم / الشعب: هي عند الرب / أبونا: فلنشكر الرب / الشعب: مستحقٌ وعادل”.

فلنشكر الرب ليست كلمة فعل الشكر ولكنها سر الشكر تقديم ذبيحة الشكر، وأبونا ممثل عن الشعب فيتحدث إلى ربنا،.

يضيف أن لحن أرهو تشاسف فهو لحن آخر كلمة في الهوس الثالث وكلمة هوس يعنى تسبيح، والقطعة الثالثة في التسبيح من الأربعة، ويقال على لسان ثلاثة فتية، وقصتهم أنه بعد سبي إسرائيل ونقلهم إلى بابل، أمر الملك نبوخذ نصر بصنع تمثال وطلب من الفتية السجود له، فرفضوا، فألقاهم في أتون النار وكان معهم رابع، إلا أنهم خرجوا منه سالمين، حتى رائحتهم خلت من النار، فقالوا تسبحة الهوس الثالث.

الكنيسة تستخدم التسبحة لتقول إن نار الأتون هي نار العالم الذي نعيش فيه، وعندما يتعرض أي إنسان للاضهاد فإن الكنيسة تذكره بهذا الموقف.

لحن تين أويه إنسوك.. نتبعك بكل قلوبنا

بنغمات مختلفة (سنوي- كيهكي- فرايحي- صيامى – شعانينى)، بجانب قطعة موجودة فى صلاة عزرا الكاهن بعد رجوعه من السبي، ليُذكّر الشعب أن القلب هو المهم وليس العبادة الظاهرة.

الكنيسة وضعت هذا النص في ترتيب التسبيحة بعد الألهوس الثالث، حتى يكون بعد قول إن ربنا يقوينا داخل نار العالم، فنقول لربنا نتبعك بكل قلوبنا.

“طلبة أفتح فاي بالتسابيح”، وفي كل شطرة يقال يا رب يسوع المسيح، وهي أبصالية بمعنى ترتيلة.

وكلمة أبصالية الموضوعة داخل الطقوس نفسها لها غرض، ففي كل يوم تسبيحة مكونة من ثلاثة أشياء “إبصالية” و”ثيؤطوكية” و”لُبش”، أبصالية بمعنى ترتيلة وثيؤطوكية منتسب للفظ للعذراء، ولُبش بمعنى تفسيرة.

فالإبصالية ترتيلة وشرط الترتيلة ترديد اسم يسوع، وهناك سبع نصوص لسبع إبصاليات، كل نص يختلف عن الآخر، وكما لها دور تعبدي فلها أيضًا دور تعليمي.

يتابع الشماس أنطوان إبراهيم أن اللغة القبطية لم تعد تستخدم على نطاق واسع، وتقريبا انحصر استخدامها على رجال الدين، فالأباء عرّبوا النصوص، ليفهمها عامة الشعب، فيقال النص القبطى ثم يقال النص المعرب.

طلبة ختام التسبحة: وهي طلبة تقال كل يوم في ختام التسبحة وتقال في ختام تسبحة نصف الليل (يا الله ارحمنا- يا الله اسمعنا- يالله انظر إلينا- نحن شعبك- نجنا من أعدائنا- نجنا من الغلاء…) وأغفر لنا خطايانا، كيرياليسون يا رب ارحمنا.

فريق ني أنجليوس

الفرقة أنشئت عام 1999، واسم الفرقة ني أنجليوس معناه الملائكة، يشرف على الفرقة المعلم إبراهيم عياد، ومسؤول الفرقة أنطون إبراهيم عياد.

والهدف العام للفرقة ليست العروض، بل هي فرقة لإعداد الكوادر للتعليم الكنسي عن طريق تعليم الأولاد في الكنيسة الألحان، وكيفية فهم الألحان ودراستها، لمدة عشر سنوات كان هناك مجموعة تخرجت بالفعل، والمجموعة الحالية، التي كانت موجودة في حفلة مهرجان سماع، هي مجموعة جديدة فى العام الحالي.

تكونت الفرقة من أعضاء تقدموا للفرقة استجابة لإعلان عن مكان التجمع، ومكان الفرقة حاليًا في كنيسة الملاك البحري بحدائق القبة.

ني أنجليوس وسماع

في الحفل كنا منتظمين ثلاثة صفوف، الصف الأمامي أغلبه من أعضاء الفرقة القديمة ومن الأعضاء القدامى من رسم كهنة، ويوجد أعضاء بالخدمة في قطاعات كبيرة وبعضهم يشغله عمله.

الألحان القبطية

في حفلة الفرقة بالمهرجان كانت هناك مقدمات موسيقية بمقامات مختلفة، وكان العزف بواسطة الناي والقانون والعود بجوار استخدام الخورس للمثلث.

يقول أنطون إن بولس الرسول قال في رسالته لأهل روميا (قدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة) فالصلاة ليست بالحنجرة فقط، لكن بالكيان كله فيتم تقديم الجسد والحنجرة والوقت والروح والفكر ذبيحة لربنا.

يتابع الرب أعطاني آلة طبيعية لاستخدامها في الكنيسة وهي حنجرتي، بجانب الدف والتريانتو وآلات ايقاعية.

ويذكر أن الآلات الشرقية تستطيع أن تخدم على الألحان القبطية، بالرغم من أنها لا تصنف كموسيقى عربية، وهناك ألحان كثيرة من الممكن أن تتماشى مع المقامات العربية.

يتابع أن المقامات القبطية ما زالت قيد الدراسة والبحث، وهناك أشياء بعيدة عن الموسيقى العربية كليا، فمثلا يوجد لحن قريب من مقام الراست، لكن به تحويلة، ويختص بها اللحن القبطى.

ولا تعتمد الموسيقى القبطية على الربع تون والنصف تون، لكن تعتمد على أقل من ذلك وهو الكروماتيك، وأسهل استخدام لها هو الحنجرة، وليس الآلة الموسيقية، فمثلا يكون استخدام القانون لها صعب يحتاج إلى تكنيكات معينة مع الأوتار.

وهناك دور للمعلمين الأوئل في تطوير اللحن، دون تغيير في سرعة اللحن أو زمنه.

الموسيقى الفرعونية والألحان القبطية

هناك الحان قبطية معروفة أنها فرعونية، كما أن أسماءها مأخوذة من المناطق التي أخذت منها، فمثلا اللحن الشامي مأخوذ من جبل شامة بين سوهاج وأسيوط في صعيد مصر، واللحن الأدريبي مأخوذ من بلد اسمها أدريبه (جبل أدريبه بسوهاج)، واللحن السنجاري من بلد اسمها سنجار (كانت في شمال الدلتا).

بالإضافة إلى لحن غولغوثا، وهو معروف أنه لحن فرعوني للدفن، واللحن الشامي أيضا يستخدم في الدفن، وفي طقس الاستعداد لما قبل الدفن، أما لحن الملك ابؤرو، وكان لحن استقبال الملك الفرعوني عند عودته من الحرب، لكن الكنيسة أخذت اللحن ووضعت نص “يا ملك السلام” لأن الكنيسة ليس لديها حرب واللحن جميل “يا ملك السلام/ قرر لنا سلامك/ أعطنا سلامك/ واغفر لنا خطايانا”.

والكنيسة في ألحانها نابعة من الموسيقى الفرعونية، تعتمد على الهزات الطويلة والفراعنة كان لديهم فكرة أن هناك سبعة كواكب كونية تطلع سبعة نغمات وليس كلام، فكانوا في عبادتهم يقولون على السبع حروف المتحركة هزات طويلة، الكنيسة أخدت نفس الفلسفة ووضعتها بداخل النصوص الكنسية الخاصة بها، وقسمتها على المواسم .

ملابس الفرقة

“زي الفرقة هو التونية البيضاء والبطرشيل، التونية عبارة عن جلباب أبيض من الأمام به صليب كبير بالمنتصف ومن الخلف صليب أصغر وصليب في اليمين وآخر في الشمال، ونرتدي عليه البطرشيل الأحمر، وهو عبارة عن قماش من القطيفة لها شكلين والفرق بينهم بتحديد رتبة فى الشموسية” هكذا يقول المعلم إبراهيم عياد، كبير مرتلي الكنيسة.

يتابع عياد أن الزي الأسود هو زي المكرسين، كما أنه زي الأباء الكهنة والشمامسة، المكرسين، ومن ليس لديهم شيء آخر غير ما كرسوا له .

المعلم إبراهيم عياد

هو كبير مرتلي الكنيسة حاليا، شماس قداسة البابا، جاء إلى القاهرة من المنيا عام 1967، قضى أربع سنوات مع البابا كرولس، ثم أصبح الشماس الخاص لقداسة البابا شنودة حتى تنيح قداسته، وتم التجديد له فى عهد البابا تواضروس، كمدرس للألحان القبطية في الكلية الإكْليريكيَّة، ومدرس الألحان في معهد ديديموس بالقاهرة، الخاص بتخريج المرتلين، ويدّرس الألحان في عدة إكليريكيات داخل مصر وخارج مصر مثل أمريكا والأقصر والإسكندرية والقاهرة، ودرس فى إكليريكية المحلة وطنطا قديما، وهم غير موجودين حاليا.

أنطون إبراهيم عياد

شماس تعلم القيادة وطريقة التسليم والتحضير من والده، ساهم في إعداد كوادر المرتلين في العديد من الكنائس وتجديد الفكرة مع الخورس، ليس فقط خورس ني أنجليوس، لكن أيضا في أسقفية الشباب.

يُدّرس الألحان ويدرب المبتدئين في كورس ألحان مكون من سبع محاضرات في الصيف، ثم يتجدد في مستويات أخرى، وسبعة في الشتاء، وسبعة في موسم آخر، وتقريبا 28 محاضرة لمدة أربع سنوات.

وهو مهندس اتصالات، ولديه شركة خاصة به، وليس مكرس فى الخدمة، يمنح نصف وقته لعمله الخاص ونصف وقته للخدمة.

ساهم فى تأسيس مدار شمامسة، وأشرف على خدمات متعلقة بالألحان، وهو أحد خدام مركز مار مرقس للدراسات الليتورجيه القبطية، (الليتورجيه بمعنى الصلوات الجماعية أو العمل الجماعي).

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر