عرائس «كرمة ماهر».. مشروع لإحياء العروسة القماش بروح تراثية جديدة
اختارت «كرمة ماهر»، الفتاة العشرينية، أن تبتعد عن ضجيج الحياة وصخبها، فقررت العودة بالإبرة والخيط إلى زمن بسيط، زمن كانت فيه العروسة القماش تحمل بين طياتها ملامح البيوت القديمة وروائحه، وتحفظ تراث الأجداد وتروي حكايات الماضي. عالم «كرمة» لم يكن مجرد هواية، بل رحلة لاستعادة الحنين إلى البساطة والجمال.
العروسة القماش
كرمة من مواليد محافظة الفيوم، تخرجت في كلية التجارة وإدارة الأعمال، قسم الأسواق والمنشآت المالية، جامعة حلوان عام 2023. لكنها لم تعمل في مجال دراستها، واتجهت إلى صناعة عرائس القماش. محولة هوايتها بالعمل اليدوي إلى مشروع ورسالة لحفظ تراث الأجداد.
تقول كرمة: “منذ صغري وأنا أحب اللعب بالعرائس والأشياء المصنوعة باليد. لم أكن أجيد الرسم، لكنني كنت أبتكر أشياء بالخيوط والأقمشة. وتعلمت من والدتي الأشغال اليدوية مثل الكروشية والتطريز كهواية في أوقات الفراغ، لكن كان له أثر كبير في حياتي”.
تكمل: “كانت البداية خلال جائحة كورونا، عندما جلس الجميع في المنزل. ما أتاح لي التركيز على هوايتي والعودة إليها من جديد. بدأت أبحث عن طرق جديدة على الإنترنت. ووجدت فيديوهات عن عرائس القماش، فبدأت بتنفيذ العديد منها، لم تكن جيدة في البداية، لكن مع الوقت أتقنت فنها”.
رحلة البحث عن وظيفة
بعد التخرج، قررت كرمة البحث عن عمل في القاهرة. لكن تجربتها لم تكلل بالنجاح، فقضت عاما كاملا في المنزل بلا عمل. وبعد تجربة ثانية لم تنجح أيضا، عادت لشغفها بالأعمال اليدوية، والتحقت بكورس متخصص في المشغولات اليدوية. حيث حاز عملها بالإعجاب والتشجيع من المدرب لإنشاء صفحة شخصية لعرض منتجاتها.
رغم ذلك، لم تحقق الصفحة مبيعات خلال ستة أشهر، ما جعلها تشعر بالإحباط وتتوقف مؤقتا عن المشروع.
البداية مع العرائس
بعد تجربة البحث عن عمل، قررت كرمة العودة لشغفها، هذه المرة بفكرة مبتكرة. تقول: “في حفل تخرج إحدى صديقاتي، صنعت لها هدية مبتكرة، عروسة التخرج. مشابهة لها في روب وكاب التخرج وفستانها، ووشاح مكتوب عليه اسمها. حين نشرت صورتها على صفحتي، لم أكن أتوقع هذا الكم من الإعجاب والطلبات لتصميم عرائس مماثلة. سواء لفساتين الزفاف أو مناسبات أخرى. وكانت هذه بداية الشهرة لعروستي الشهيرة (كرومبة)”.
خطوات تصنيع العروسة
تشرح كرمة خطوات تصنيع العروسة القماش، والتي تستغرق حوالي أسبوع: “أبدأ بملامح العروسة والفستان والإكسسوارات. وإذا طلب العميل عروسة تشبه شخصا معينا أطلب صورته لتحديد السمات الأساسية مثل الشعر وستايل اللبس. جميع العرائس لها نفس جسم القماش المحشو بالقطن أو الفايبر. مع استخدام خامات أكثر صلابة للرأس لرسم الملامح بدقة”.
وتتابع: “مرحلة الشعر تختلف حسب العروسة: كيرلي، مضفر على شكل ضفائر، وغيرها، باستخدام الخيوط المناسبة. ثم الملابس والإكسسوارات، التي أصنعها بنفسي من المعدن أو الخرز. أصعب ما أواجهه الطلبات الدقيقة، مثل بوت معين أو سلسلة باسم صاحبة العروسة”.
العرائس التراثية
اتجهت كرمة مؤخرًا لتصميم عرائس بالقماش تحمل الطابع التراثي: العروسة البدوية والفلاحة والفرعونية. تقول: “أردت أن يكون شغلي غير تقليدي، ويعبر عن روحنا المصرية. لذلك شاهدت صورا للمرأة بالزي الفلاحي والبدوي والفرعوني، للتعمق في التفاصيل مثل الجلاليب وضفائر الشعر ومنديل الرأس. وهو ما يستغرق وقتا كبيرا للبحث عن الخامات”.
وأضافت: “بدأت بالعروسة الفلاحة، التي تعبر عن المصريين ولاقت إعجاب الكثيرين. وسأستمر في تصنيع عرائس تمثل التراث المصري في مختلف المحافظات، مثل العروسة النوبية والإسكندرانية”.
كما أوضحت دور السوشيال ميديا في انتشار منتجاتها، قائلة: “كانت مواقع التواصل الاجتماعي هي المكان الأمثل لعرض منتجاتي، حتى تعلمت التصوير لأتمكن من تقديم صور احترافية”.
منتجات تصل للعالمية
تختتم كرمة حديثها وتقول: “أحاول تعلم المزيد واكتساب الخبرات، وأشعر الآن بالارتياح الكبير لأنني وجدت نفسي. أعامل عرائسي كما لو كانت جزءا مني، وأتمنى أن تصل عالميا من خلال علامة تجارية خاصة بي في المستقبل”.
اقرأ أيضا:
مرفت الشاذلي عن معرضها «صدى الجنوب»: الفن وسيلتي لإيصال الهوية الجنوبية
ليالي محكي القلعة 2025: الفعاليات كاملة
حفلات محكى القلعة 2025 ” حفل الفنانة نسمة عبد العزيز والفنان مدحت صالح”







