صور| بـ”القش والطين والكرتون”.. أسماء تجسد حياة المرأة الصعيدية قديمًا

“قش طين وورق كرتون وبقايا بعض المنتجات والسلع”، هي أدوات شديدة البساطة، اختارتها فتاة صعيدية عن عمد، لتنقل من خلالها تراث وحياة المرأة في مجتمعها خلال سنوات مضت، مؤمنة أن بيئتنا هي الأكثر صدقًا في التعبير عنّا، وأن المرأة الصعيدية قادرة على التعبير عن نفسها.

اختارت أسماء محمد، طريقة مغايرة للتعبير عن المرأة الصعيدية وبيئتها حتى وإن قلّت الإمكانيات، من خلال صنع مجسمات إبداعية تروي حياة المرأة الريفية بشكل عام وخاصة الصعيدية في السنوات الماضية، كنوع من توثيق التراث لحياة المرأة الريفية التي كاد أغلب عاداتها أن تنقرض.

اسماء محمد- البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي
أسماء محمد – البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي

أسماء محمد محمود، في أواخر العشرينات، تعمل معلمة رياض أطفال بمدرسة الشهيد محمد علي بقرية كوم يعقوب، التابعة لمدينة أبو تشت، شمالي قنا، تهوى الرسم وصنع التصميمات الفنية التي تنتمي للفنون التشكيلية، منذ نعومة أظافرها ومولدها بقرية الشيخ علي التابعة لنفس المدينة.

البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي
البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي

رغم دخول أسماء لمعهد الخدمة الاجتماعية وحصولها على البكالوريوس، لم تستطع أن تتخلى عن شغفها بتصميم المجسمات، حتى بعد عملها معلمة رياض أطفال، واستمرت في صنع الأشكال المتعددة، فهي شغوفة بتجسيد المرأة وخاصة الصعيدية، فصنعت مجسم لمرأة، ثم آخر لامرأة داخل بيتها منهمكة في أعمال المنزل، إلا أنها تهتم بمشاهدة التلفاز في نفس الوقت.

البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي
البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي

وتحرص أسماء على إبراز التفاصيل، مثل أثاث المنزل الذي هو ابن البيئة، و”كنب خشب”، والقُلة بديلاً للثلاجة الآن، وبراد الشاي.

لم يلبث الحال على هذه الوتيرة، فتزوجت أسماء في قرية كوم يعقوب حيث محل إقامتها مع أسرتها الآن، وزاد انشغالها والضغوط الأسرية وتبعاتها، فهي بجانب كونها أمرأة عاملة، أم لطفلتين، لكنها لم تتوقف عن ممارسة هوايتها، معتبرة أن صنع المجسمات بمثابة شغف يوصلها بعالمها المنفرد، قائلة: “يقولون إن للمرء عالمه الذي يعيش به منفردًا دون الناس، يكون بمثابة متنفسًا من رتابة الواقع”، وعادت لصنع المجسمات، متبنية فكرة حياة المرأة الصعيدية الزوجة والأم قديمًا كيف كانت أدواتها المنزلية وشكل منزلها.

البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي
البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي

ومن أجل أن تكتمل فكرتها، كان القش والطين والكرتون خامات للمجسم، متحدية قلة الإمكانيات في توفير الخامات، ورأيها أن البيئة أيضًا جزء من تركيبتنا وهويتنا، فجسدت منزل مكون من طابقين، الأول به مكان في الهواء الطلق يحتوي على فرن طيني، وسيدات إحداهن تجلس مراعية لرضيعها وأخرى تغذي الطيور “تزغط البط”، والحَمَام الذي يتناول غذائه من طبق به حبات الغلال، وقش بالقرب من الفرن، وطبلية “مائدة طعام” متكئة على سلم طيني مجسم بالكرتون.

البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي
البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي

أما الطابق الثاني من المنزل، فهو غرف وأمامها قُلل مياه، والغرف يبرز منها شبابيك وأخرى “بلكونة” بيها غسيل، والطابق الثالث، امرأة أمام فرن طيني تخبز العيش الشمسي الذي جسدته، فضلاً عن الطيور المحيطة بها، وغية الحمام والقش المحيط بمكان الفرن، وسيدة تضع العيش داخل الفرن.

البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي
البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي

تروي أسماء أن البساطة والمناظر الطبيعية والحنين للماضي، هو أبرز ما يريح الإنسان ويلاقي اهتمام رؤيته، كما  لاقت منتجاتها بحسب قولها إعجاب الكثير منذ كانت طالبة في الثانوية العامة، وأخيرًا وهي معلمة لرياض الأطفال، حيث سمحوا لها في قسم الموهوبين بالإدارة التعليمية، بعرض منتجاتها والمشاركة في العروض للمنتجات والإبداعات الفنية.

البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي
البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي

وتشارك أسماء محمد بتصميماتها التي توثق لحياة المرأة الصعيدية قديمًا، في عدة مسابقات تابعة لمديرية التربية والتعليم بقنا.

تحلم أسماء باليوم الذي تتوفر فيه لها الإمكانيات لتصنع مجسمات أكثر دقة وحرفية، ناقلة من خلالها لكل تراث المرأة في الصعيد بشكل أوسع، وإقامة ورش لتعليم الأطفال، ليس فقط للاستمتاع بصناعة المجسمات كفن، لكن أيضًا لتعريفهم بتراثهم بابسط الخامات مثل القش والكرتون والأعشاب والأخشاب.

البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي
البيت الريفي- تصوير: مريم الرميحي
مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر