سينما «عبدالوهاب» بقوص: سينما ومسرح وإستاد.. وصالة أفراح!

تأسست سينما «عبدالوهاب الحاكم» في مدينة قوص عام 1960 من القرن الماضي، على يد عبدالوهاب الحاكم، وكان من كبار المستثمرين فى الصعيد، وكان من بين المشروعات التي استثمر فيها أمواله تأسيس هذه السينما التي سميت باسمه.

سينما عبدالوهاب

يحكي الأديب القوصي مراد أحمد حسن: كانت هذه السينما من أشهر دور السينما في مصر طوال سنوات الستينيات، حيث كانت تعرض الأفلام الجديدة في نفس توقيت عرضها بالقاهرة، وكانت الصحف تنشر الإعلان عن الأفلام التي تُذاع لأول مرة في سينما القاهرة الكبرى في نفس اللحظة، وكانت تُنشَر الجرائد الورقية القديمة اسم ومواعيد الأفلام التي تعرض في سينما القاهرة الكبرى، كان لابد من ذكر سينما عبدالوهاب الحاكم بقوص معها في نفس الإعلان.

يضيف مراد: لا تزال السينما موجودة حتى الآن كمبنى في مكانها ولكنها مغلقة ومتهالكة، رغم أنها كانت المتنفس الثقافي والترفيهي الوحيد في قوص في ذلك الوقت ولم يكن هناك أي وسيلة ترفيه مسلية يعتمد عليها الجمهور حينذاك غيرها.

يحكي مراد عن ذكرياته مع سينما عبدالوهاب القديمة، فيقول لنا إن تلك السينما كانت تبدأ يومي الخميس والإثنين بعرض برومو أو مقدمات للأفلام التي ستعرض يوم الإثنين أو الخميس، ثم تبدأ بعرض نشرة الأخبار وأحيانًا مغامرات لطرزان وزوروا، ثم يبدأ عرض الفيلم على طوال أيام الأسبوع.

يتذكر مراد أن السينما كانت تخصص سيارة حنطور، تقوم باللف في الشوارع حاملة أفيش للإعلان عن اسم الفيلم الذي سيشاهده الجمهور هذا الأسبوع، ومن الكلمات المستخدمة في الدعاية والإعلان عن الأفلام “مع أقوى الأفلام العربية والمصرية تقدمها سينما عبدالوهاب الحاكم”.

ويتذكر أنه حين كان في العاشرة عندما كان يذهب إلى السينما مع أخيه الأكبر كان يدفع تذكرة بقيمة ثلاثة ونصف قرشا، ثم ارتفعت حتى وصلت خمسة قروش، ثم في نهاية السبعينيات والثمانينيات وصل سعر التذكرة إلى ربع جنيه. ومن بين الأفلام التي شاهدتها أفلام نجيب الريحاني، وإسماعيل يس، كما لا ينسي فيلم “أبي فوق الشجرة” لعبدالحليم حافظ، وكان سعر التذكرة لهذا الفيلم ربع جنيه، ولا ننسى أن فتاة جاءت من القاهرة إلى قوص خصيصا لمهمة حجز التذاكر وقتها. وذات مرة في سبعينات القرن الماضي، تم عرض مباراة كرة قدم بين نادي الزمالك وفريق انتر ميلان الإيطالي، الذي فاز فيه الأخير 3 -1.

السينما والتعليم

ارتبطت السينما في قوص بالتعليم، حيث كانت رحلات المدارس تذهب إلى الأماكن الأثرية بالأقصر، وفي أحيانا كثيرة إلى السينما، حيث يخصص للطلاب أفلاما خاصة عن الوطنية، حسب مراد أنه ذهب مع زملائه فى رحلة مدرسية عندما كان يدرس في الصف السادس الابتدائي لمشاهدة فيلم عن الزعيم مصطفى كامل، كتوجيه وطني للتلاميذ في ذلك الوقت. ويضيف: كان يتم تحويل قاعة السينما في بعض الأوقات إلى مسرح، حيث تأتي الفرق من القاهرة لتقدم فيها العروض المسرحية والغنائية، كانت تمثل عالمًا آخرًا في قوص، حيث استفاد منها الشباب في تعليم فن التصوير والاستعراض والأغاني، وذلك قبل ظهور التليفزيون الذي أثر بالطبع على صناعة السينما في قوص.

صناعة السينما

يذكر مراد أنه كان يأخذ شرائط الأفلام المستهلكة من تلك السينما، ويقص كل منظر على حدة ونأتي بكرتونة ويقطع مكان للفيلم ونضع فيه فتحة مربعة من فوق الكرتونة ونضع مكان لتركيب لمبة نملؤها بالمياه ونضع مرآة في وسط الكرتونة ونسقط عليها شعاع الشمس في نهاية التجربة نرى الصور ثابتة وكبيرة كالعدسة المكبرة التي تكبر الصور الثابتة، وذلك كان يمثل عالم خاص لصناعة السينما في منازلنا، ويمثل أيضًا تجسيد لصناعة السينما واهتمامنا بها في تلك الفترة، وتمثل ألعاب لنا تعلمناها واستقيناها من خلال السينما الموجودة في قوص.

وفي نهاية السبعينات، بدأ الاقبال يقل على زيارة السينما مع ظهور التليفزيون، ولتختفي السينما تمامًا في بداية التسعينات لم يتبق منها شيئًا سوى المبنى القديم المتهالك الموجود حتى الآن كذكرى للأجيال الجديدة.

ويضيف أحمد الطيب، ممثل قوصي، أن والده شاهد فيها بعض الأفلام في عام 1975، وكان يشاهد الجيران والسيدات الأفلام من فوق المنازل وخاصة من جمهور السيدات اللواتي لا يستطعن الدخول إلى السينما في ذلك الوقت.

ومنذ ولادتي لم أراها مفتوحة قط سوى فتحها لإقامة بعض الأفراح وغلقها مرة أخرى.

لم يكن احمد الطيب الممثل الشاب الواعد في قوص الوحيد الذي ذهب ليطلب تشغيل وتأجير السينما، بل كثير من المهتمين بصناعة السينما والثقافة في قوص طالبوا بإعادة فتحها، ولكن يتم الرفض من قبل الورثة والمؤجر.

أهتم أحمد الطيب كثيرًا ولمرات متتالية هو وفريقه المسرحي، لإعادة فتح السينما القديمة المغلقة لاستغلالها كمسرح، وفي كل مرة يرفض تأجيرها لنا لعرض المسرحيات التي ينتجها فريقنا المسرحي.

ويقول الطيب إنها مؤجرة إيجار قديم، وتم تأجير جزءا منها كمحلات تجارية ليستفيد من إيجارها ماديًا وربحًا وفيرًا في الشهر، وكان منذ سنوات يؤجر الصالة لعقد وتنظيم الأفراح بها في 500 جنيه في الليلة الواحدة.

يضيف أحمد أن الدور العلوي لها أوشك على السقوط والهدم وحالتها الآن سيئة، ولكنها تحتفظ بهيئة المبنى من الخارج، وموقعها الاستراتيجي متميز في المدينة.

اقرأ أيضا

النصر بفرشوط.. سينما الوحدة الوطنية

السينما في نجع حمادي: لا شىء يدوم

السينما في بني سويف: مقالب قمامة تسكنها الخفافيش

سينمات عروس البحر المتوسط: إسكندرية ليه؟

السينمات في الفيوم.. أطلال وأنقاض وذكريات

فيديو| سينما بورسعيد: وتحولت دور العرض إلى أبراج.. وجراجات

سينمات أسيوط.. التاريخ وحده لا يكفى

ملف| الشاشة الساحرة غائبة فى أقاليم مصر

السينما في القصير.. قصة أول عربة متنقلة للعروض السينمائية

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر