سيد النقشبندي.. «كروان الإذاعة» مشروعه مع أم كلثوم لم يكتمل

مشى في نور الله طيلة حياته، وبسط يديه بباب الرحمن؛ فأعطاه الصوت الملائكي، ولقب بـ”شيخ المداحين”، و”كروان الإذاعة المصرية”، رغم غياب جسده عن الدنيا، إلا أن صوته مازال يأسر كل من استمع إليه؛ فارتبط صوت الشيخ سيد النقشبندي بشهر رمضان المبارك، وخاصة قبيل أذان المغرب ومضرب الإفطار.

وفي هذا التقرير يعرض “ولاد البلد” أبرز المحطات الأساسية في حياة “شيخ المداحين” سيد النقشبندي، بالإضافة إلى مشروعاته الدينية المكتملة والتي لم تكتمل حتى الآن. كما يعرض التقرير معنى اسم “النقشبندي” وسبب التسمية.

من خلفية دينية
يقول المثل الشعبي: “كل إناء ينضح بما فيه”، و”العرق يمد لسابع جد”، وقد تحققت هاتين المقولتين في حياة الشيخ سيد النقشبندي. فكان جده مُريد لتلقي العلوم الدينية؛ الأمر الذي جعله يغادر بلاده في بخارى من أجل؛ الالتحاق بالأزهر الشريف لينهل من علومه ومعارفه. وانتقلت الجينات المحبة لعلوم الدين إلى ابنه ووالد الشيخ سيد، الذي أصبح واحدًا من علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية.
المال والبنون زينة الحياة الدنيا
وفي عام 1920 أنعم الله على عائلة النقشبندي بالبنين؛ فولد الشيخ سيد بقرية “الدميرة” بمحافظة الدقهلية. وما بين عاميه الثامن والعاشر انتقل مع أسرته إلى مدينة طهطا بمحافظة سوهاج في صعيد مصر، وهناك حفظ القرآن كاملًا، وتعلم أصول الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية.
من طنطا إلى الإذاعة
يعد عام 1955، النقطة الفاصلة في حياة الشيخ سيد النقشبندي، حيث استقر في مدينة طنطا، وذاع صيته كأحد المنشدين والمبتهلين. وجاءت نقطة التحول الثانية في حياة شيخ المداحين عام 1967 حيث التحق بالإذاعة المصرية. وانتشر صوته عبر الأثير؛ ليسمع صداه في قلوب محبيه حتى الآن. ولقد كانت الصدفة وحدها بطل التحاق النقشبندي بالإذاعة.
وجاء ذلك بعد أن استمع إليه الإعلامي مصطفى صادق أثناء وجوده بمسجد السيدة زينب. والذي كان يبحث عن فكرة جديدة لبرنامج الإذاعة في شهر رمضان المبارك. فأخذ صادق النقشبندي وقدمه إلى “بابا شارو”؛ ليتمكن النقشبندي من تسجيل أدعية دينية بصوته تذاع بعد آذان المغرب.
تعاون بقرار جمهوري
لم تتوقف الصدفة في لعب دورها في حياة الشيخ سيد النقشبندي، ففي بدايات السبعينات، اقترح الرئيس الراحل محمد أنور السادات على كل من؛ الملحن بليغ حمدي، والشيخ سيد النقشبندي التعاون فيما بينهما. الأمر الذي قابله النقشبندي بالرفض، وعبر عن رفضه من خلال تحدثه إلى الإعلامي وجدي الحكيم، الذي اقترح بدوره على “إمام المداحين” أن يستمع إلى اللحن في البداية فإذا أعجب به يستكلموا التسجيل، أما في حالة الرفض فكان الأمر سيترك للحكيم لحله.
وبعد استماع النقشبندي إلى لحن بليغ حمدي، وافق على التعاون؛ ليصد بصوته عبر الأثير ابتهال “مولاي إني ببابك”. وفي هذه المرحلة خرج النقشبندي وبليغ عن النمط المعتاد للابتهالات الدينية، فقد أدخل بليغ من خلال ألحانه الأدوات الموسيقية كالأورج والجيتار. وفتح ابتهال “مولاي إني ببابك” مجال التعاون بين النقشبندي وبليغ، وأسفر لقائهما على إنتاج عدد من الابتهالات الأخرى منها؛ “الساهر”، “بدر الكبرى”، “أخوة الحق”، “يادار الأرقم”، “أقول لأمتي”.
مشروع لم يكتمل
جمعت بين “إمام المداحين” وكوكب الشرق أم كلثوم ميزة أساسية وهي قوة الصوت، كما ربطتهما علاقة وطيدة. أثمرت عن اتفاقهما لتقديم مشروع إذاعي فني مشترك يناقش السيرة النبوية، ولكن تشاء الأقدار، وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فتمرض كوكب الشرق ومن ثم تتوفاها المنية، ويتوقف المشروع عن التنفيذ.
سفره وتكريمه
لم يقف انتشار صوت النقشبندي على موجات الأثير فقط، إنما سافر إلى العديد من الدول العربية والإسلامية منها؛ سوريا، اليمن، أبو ظبي، أندونيسيا، إيران. ونال العديد من الأوسمة والنياشين الشرفية ومنها؛ وسام الدولة من الدرجة الأولى الذي منح له بعد وفاته عام 1979 من قبل الرئيس الراحل محمد أنور السادات. كما كرمه الرئيس الأسبق مبارك عام 1989.
لقب الشيخ سيد النقشبندي بالعديد من الألقاب منها؛ “قيثارة السماء”، “الكروان”، “الصوت الخاشع”، “إمام المداحين”، كما وصفه الدكتور مصطفى محمود بـ”النور الكريم الفريد”.
وكانت النهاية
في عام 1976 تعرض الشيخ سيد النقشبندي إلى أزمة قلبية، فارق على إثرها الحياة، وهو في السادسة والخمسين من عمره.
مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر