تصفح أكبر دليل للفعاليات الثقافية فى مصر

الدليل - تعالى نخرج

سياحة الطيور في بورسعيد.. كيف بدأت وإلى أين تتجه؟

ينتظر «أحمد ضبيع»، مصور هاوي، تحديا جديدا في تصوير هجرة الطيور إلى بورسعيد، والتي تبدأ خلال فصل الخريف في الشهر المقبل، حيث تستعد بحيرة المنزلة ومحمية أشتوم الجميل وبحيرات الملح في بورفؤاد لاستقبال أسراب الطيور التي تحولت إلى وجهة سياحية نشطة للمدينة خلال الشتاء.

ويعمل «ضبيع» محاسبا في هيئة قناة السويس، لكنه وجد في التصوير شغفا خاصا، إذ بدأ بتوثيق المحاور العامة، وكان كما يقول “مصور الشلة” خلال التنزه، قبل أن يقرر الابتعاد عن تصوير الأشخاص لرفض البعض الظهور أمام الكاميرا. من هنا اتجه إلى تصوير الطعام، ثم اكتشف عالم الطيور الذي أصبح شغفه الأكبر.

يقول ضبيع لـ«باب مصر – بحري»: “لا أحب المواجهة مع الناس ولا أفضل تصوير الوجوه، لذا التحقت بدورات تدريبية لتصوير الطبيعة، وخاصة الطيور. إقامتي في بورفؤاد قرب بحيرة تتجمع بها أعداد كبيرة من طيور الفلامنجو ساعدتني كثيرا على تطوير هذه الهواية”. وخلال عامي 2016 -2017، بدأ ضبيع الاهتمام بتصوير الطعام مع فريق “عدسة دمياط”، قبل أن يتجه نهائيا لتصوير الطيور، لأنها – كما يقول- “لن تسألك: بتصورني ليه؟ لكنها ستطير بعيدا إن أزعجتها”.

جهود رائدة في تصوير الطيور

يصنف ضبيع وعلاء الديب والدكتورة أماني العزازي، ضمن أبرز مصوري الطبيعة والطيور في بورسعيد، سبقهم رواد في التخصص المتنامي ضمن تنشيط السياحة البيئية وتسجيل مواقع هجرة الطيور في بورسعيد. بدأت بجهود مصورين ونشطاء عام 2007 مثل هشام المرسي، ووليد منتصر، وواتر البحري. الذي أصبح لاحقا عضوا مؤسسا في الجمعية المصرية لحماية الطبيعة. وتضافرت جهود الثلاثة بدراسات بيئية لتسجيل بحيرات الملح ببورفؤاد كمحمية طبيعية.

ويؤكد د. حسين رشاد، مدير محمية أشتوم الجميل، أن المواقع المسجلة في بورسعيد ضمن قوائم منظمة “بيرد لايف إنترناسيونال” تشمل المحمية وبحيرات بورفؤاد. ويسعى حاليا لتسجيل موقع جديد في بحيرات شرق بورسعيد، من بين 34 موقعا مسجلا لتجمع الطيور المهاجرة في مصر.

المصور أحمد ضبيع خلال جولة تصوير.. الصورة بإذن خاص منه للنشر
المصور أحمد ضبيع خلال جولة تصوير.. الصورة بإذن خاص منه للنشر
تحدي الطيور المستمر

يرى ضبيع أن تصوير الطيور مليء بالتحديات، قائلا: “كلما اعتدت على تصوير طائر في بيئة معينة، أبحث عن زاوية أو سلوك جديد، مثل توقيت طعامه أو تعامله مع فراخه. لذا بدأت الانتقال للتصوير في أماكن مختلفة عن بورسعيد والقناطر الخيرية. وأفكر في أسوان خلال فصل الشتاء”.

لكن التحدي الأكبر يظل في المعدات، إذ يتطلب تصوير الطيور عدسات ذات بعد بؤري كبير يساعده على تقريب الصورة دون الاقتراب من الطائر ليستطيع التصوير بحرية. لكنه يواجه تحدي مع ارتفاع أسعار معدات التصوير والعدسات، بحسب قوله.

ويضيف: “تصوير الطيور يرتبط به معرفة بعادات الطيور بخلاف تقنيات وزوايا التصوير. ليعرف متى يمكن الاقتراب من الطائر، أو أوقات طعامه في الصباح المبكر أو موعد عودته للتعشيش قبل الغروب بلحظات”.

ويتذكر ضبيع ضاحكا موقفا تعرض له مع أصدقائه أثناء محاولة تصوير موقع يعشش فيه طيور النورس. حيث طارت فوقهم بأعداد كبيرة، وبدأت بالتبرز عليه كي لا يقتربوا من أماكن الأعشاش. وقال فهمنا الرسالة وابتعدنا على الفور من الموقع.

بورسعيد تستعد لموسم الطيور

مع بداية الخريف، تستعد بورسعيد لاستقبال أسراب الطيور المهاجرة. حيث تنظم محمية أشتوم الجميل فعاليات ثقافية بالتعاون مع نادي التذوق البصري بقصر ثقافة بورسعيد، احتفالا باليوم العالمي للتصوير الفوتوغرافي.

وقال د. حسين رشاد، مدير محمية أشتوم الجميل: “برغم إقامة نسختين متتاليتين لمهرجان تصوير الطيور في بورسعيد. إلا أنه لا توجد مؤشرات سياحية منتظمة لمشاهدة الطيور، لذا نحتاج إلى اهتمام أكبر بإدراج أماكن تجمعات الطيور مزار سياحي معتمد ومجهز”.

وأضاف: “خلال مهرجان عام 2023 زار المحمية 10 آلاف شخص. وبعدها بدأت محافظات أخرى مثل دمياط والشرقية والسويس وأسوان والفيوم في تنظيم مهرجانات مشابهة”.

لقطة لطائر الخرنشة.. تصوير: أحمد ضبيع بإذن خاص منه للنشر
لقطة لطائر الخرنشة.. تصوير: أحمد ضبيع بإذن خاص منه للنشر
4 مسارات لهجرة الطيور

أكد رشاد أن مصر تقع ضمن 4 مسارات لهجرة الطيور من أوروبا إلى إفريقيا والعكس، موضحا أن موسم الهجرة يبدأ في سبتمبر ويستمر حتى مارس. وقد يمتد إلى مايو مع الهجرة العكسية. وأشار إلى أن بورسعيد تتقاطع مع مسارين للهجرة وتشتهر بطيور الفلامنجو والنورس، الذي أصبح وحده واجهة سياحية لبورسعيد في الشتاء. حيث يحرص الزوار على ركوب المعدية لإطعامها والتقاط الصور معها.

بحسب مدير محمية أشتوم الجميل، تم رصد 500 نوع من الطيور في مصر. أشهرها في بورسعيد الفلامنجو ببحيرات بورفؤاد، وبط الكيش والبجع والسمان والنورس أكثر الطيور اقترابا من البشر مع معدية قناة السويس. بالإضافة إلى أنواع من بلشون والجوارح وصياد السمك الأبقع والمهاجر.

فرص بورسعيد في اقتصاد بيئي

محمية أشتوم الجميل، التي أنشئت بقرار رئيس الوزراء رقم 459 لسنة 1988. بدأت بمساحة 40 كيلو مترا، وتوسعت عام 1998 لتصبح 180كم، ووصلت مساحتها حاليا 202 كم منذ عام 2019. وتمثل المحمية 28% من مساحة بحيرة المنزلة، كأحد أماكن تجمع الطيور في مصر. وسجل بها 255 نوعا من الطيور، بينها 174 نوعا مقيما داخل المحمية.

وتخضع المحمية لاتفاقيات دولية لصون الطيور المهاجرة مثل “سي إم إس”. والاتفاقية الدولية الإفريقية الأورو آسيوية لصون الطيور المائية المهاجرة “أيوا”، واتفاقية “رامسار” لصون الأراضي الرطبة ومشروع صون الطيور الحوامة في مصر.

واختتم رشاد حديثه: “بحسب مؤشر السياحة الدولي تساهم مشاهدة الطيور بدخل يبلغ 41 مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي بريطانيا تساهم بدخل يبلغ 500 مليون يورو سنويا. وفي أمريكا مسجل 700 نوع من الطيور وفي مصر مسجل 500 نوع. لكن لا نجد نفس المردود الاقتصادي من هذا النوع الرائد في السياحة البيئية”.

وخلال موسم هجرة الطيور يمر في مصر ما يقرب من 50 مليون طائر في أربع مسارات يمكث منه في مصر. ويقيم 2 مليون تقريبا في أماكن مهمة، وللطيور 34 موقعا للتعشيش؛ منها موقعين للطيور في بورسعيد وبحيرة المنزلة وبحيرة بورفؤاد. وهي من الأماكن التي تستضيف أكثر من نصف مليون طائر سنويا. بحسب العد الشتوي الأخير، وفقا لمدير المحمية.

مهرجان الطيور ببورسعيد.. الصورة من صفحة محمية أشتوم الجميل على فيسبوك
مهرجان الطيور ببورسعيد.. الصورة من صفحة محمية أشتوم الجميل على فيسبوك
بحيرات الطيور أمام البلكونة

يعتبر علاء الديب نفسه محظوظا لأنه يعيش في مدينة بورفؤاد على بعد دقائق من بحيرات الملح. حيث تحط أسراب طيور الفلامنجو والنورس للتعشيش خلال فترة الشتاء. يقول لـ”باب مصر – بحري”: “أسكن في بورفؤاد، والبحيرات التي تتجمع فيها الطيور قريبة وسهل الوصول إليها. الفلامنجو يظهر بكثرة في الملاحات. وبدأت أتابعه تدريجيا حتى عام 2020 تقريبا، عندما بدأت الطيور تأتي بأعداد كبيرة في بورفؤاد”.

يعمل علاء الديب مصورا منذ عام 2010، وبدأ الاهتمام بتصوير الطيور عام 2019. لكنه يعتبر عام 2020 عام شهرته كمصور طيور بعد انتشار مقاطع فيديو صورها بنفسه لتجمعات طيور الفلامنجو. يوضح: “بدأت أنزل أصورها بشكل احترافي أكثر وأنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. ويمكن أول فيديو صورته حقق لي أكتر من مليون مشاهدة. بعدها بدأت الفيديوهات في الانتشار. وده جذب اهتمام مصورين ناس عاديين ويدوروا على أماكن تجمع الفلامنجو، وتيجي رحلات كاملة كمان”.

الطيور كمزار سياحي

يرى الديب أن وجود بحيرات الملح وسط المدينة ميزة كبيرة، إذ يقول: “المكان مش بعيد ولا متطرف، فسهل إن المواصلات توصل هناك ودي كانت حاجة كويسة. خاصة لما الامتداد السكني قرب من البحيرة، أصبح ممكن تسكن في عمارة ومن شباك البلكونة وتتفرج على البحيرة. دي ميزة يعني أنت مش هتمشي في صحراء لمسافة. لا بالعكس لما بتركب تاكسي يوصلك للمكان وتنزل تصور، وده كان من العوامل المهمة كمان للسياحة”.

ويضيف: “من ضمن فكرة سياحة اليوم الواحد في بورسعيد ، أصبحت بحيرة الفلامنجو من المزارات خلال خريطة اليوم. يعني الناس اللي بتروح مثلا جنينة فريال بتروح ميدان المنشية أو ميدان الشهداء، شاطئ بورسعيد وسوق السمك. ومن ضمنهم كمان البحيرة الفلامنجو دي علشان يتفرجوا على الطيور بألوانها وأشكالها الجميلة والأعداد الكبيرة. وسهل إن أنت تشوفها بالعين المجردة”.

ويفضل الديب بدء التصوير قبل شروق الشمس. حيث يصل مبكرا إلى البحيرة وينتظر وصول الطيور لتعتاد على وجوده كجزء من الموقع. لا يتحرك كثيرا حتى لا تبتعد الطيور، ويظل في موقعه حتى تشتد الشمس وتبدأ حركة السيارات على الطريق بالقرب من البحيرة. وتدخل بعدها الطيور إلى عمق البحيرة.

مصور يتجهز لإلتقاط صورة ببحيرة بورفؤاد.. تصوير: محمد عوض
مصور يتجهز لإلتقاط صورة ببحيرة بورفؤاد.. تصوير: محمد عوض
معوقات أمام تصوير الطيور

يشير الديب إلى أن من أبرز الصعوبات استخدام عدسات طويلة قد تثير قلقا أمنيا. لكنه يوضح: “أثناء انعقاد مهرجان الطيور بيكون مسموح الحركة بالكاميرات، والجهات الأمنية بتكون عارف ومتفهمة ده. وفي الأوقات العادية بيكون فيه تضييق لأن موقع بحيرة بورفؤاد قريب من قناة السويس. لكن أصبح هناك تفهما كبيرا لمواقع تصوير الطيور في العادي يطلب منا الرحيل بعد الانتهاء من التصوير. لأنهم عارفين أننا هنا من أجل الطيور. وهنا دي نقطة إيجابية في تطور فهم الهواية والسياحة”.

ويتابع: “قبل 2019 كان الأمن يمنع التصوير على البحيرة. لكن مع تنظيم مهرجانات الطيور أصبح هناك تفهم من الأمن إن المصور واقف عشان الطيور فقط”.

تنوع الطيور وفرص السياحة

يرى علاء الديب أن بورسعيد تتميز بتنوع كبير في الطيور، ما يتيح للمصور دراسة وتوثيق الأنواع، وهناك طيور يكتشفها للمرة الأولي كل عام. لذا لا يحتاج للانتقال للتصوير في موقع جديد داخل مصر.

وبجهود كل من علاء الديب وأحمد ضبيع للترويج لسياحة مشاهدة وتصوير الطيور في بورسعيد. تخطط محمية أشتوم الجميل لتنظيم فعالية بيئية، سواء ارتبط الأمر بتنظيم المهرجان الثالث للطيور من قبل المحافظة وهيئة تنشيط السياحة أو لا.

ويقول د. حسين رشاد، مدير محمية أشتوم الجميل: “نعمل على إقامة المهرجان حتى بدون هيئة تنشيط السياحة. وهناك جوانب يمكن الاستفادة منها في بورسعيد بسياحة شاطئية في الصيف وأثرية في جزيرة تنيس وموقع الفرما. ومشاهدة الطيور في الشتاء كسياحة البيئية منخفضة التكاليف”.

اقرأ أيضا:

«ملتقى السمسمية».. احتفاء بتوثيق عالمي ومطالب محلية لدعم العازفين

«سياحة المانجو» في الإسماعيلية.. فرجة الصيف وفرحته بنكهة تراثية

«الأرغول».. محاولات لإحياء تراث آلة الريف المصري

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.