زي النهاردة.. ميلاد «فنانة الشعب» أم كلثوم

سكنت الوجدان، وأشبعت العواطف والروح، صار اسمها تاريخ يحكى مع كل “آه” ومقام طرب، حتى سحرت النفوس بالوصلة تلو الأخرى دون ملل، هي “الست” كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم.
النشأة
هي فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي، ولدت 31 ديسمبر لعام 1898، بطماي الزهايرة في محافظة الدقهلية، تربت في بيت من المنشدين.
حياتها الفنية
منذ صغرها عرفت أم كلثوم بصوت ينذر بميلاد معجزة في الغناء منذ أن كانت تجوب مع والداها الشيخ إبراهيم للإنشاد.
بعد عام 1916، تعرف والدها على الشيخين زكريا أحمد وأبو العلا محمد الذين أتيا إلى السنبلاوين لإحياء ليالي رمضان، وبعد سماع صوتها  طلبوا منه أن يأتي إلى القاهرة بصحبة ابنته وبعد إلحاح منهما وافق  الأب، كانت تلك الخطوة الأولى في مشوارها الفني، حينها أحيت ليلة الإسراء والمعراج بقصر عزالدين يكن باشا.
في عام 1921 عادت إلى القاهرة لتستقر بها، وفي عام 1923  غنت في حفلات  كبيرة، كما غنت في حفل حضره كبار مطربات عصرها وعلى رأسهم منيرة المهدية شخصيا، والتي كانت تعرف بـ”سلطانة الطرب”، في عام 1924 تعرفت إلى  الشاعر أحمد رامي عن طريق الشيخ أبو العلا، في إحدى الحفلات التي أدت أم كلثوم فيها أغنية “الحب تفضحه عيونه” وكان أحمد رامي من بين الحضور فأعجب بصوتها.
تأسيس أول فرقة موسيقية
يعد  محمد القصبجي المكتشف الحقيقي لموهبة أم كلثوم؛ ففي عام 1926 بعد أن اكتشف موهبتها كان يعمل علي إعداد أم كلثوم فنيا ومعنويا مشكلا لها فرقتها الخاصة، وأول تخت موسيقي يكون بديلا التخت الذي كان معها.
أعلى مبيعات
في عام 1928 غنت أم كلثوم  “إن كنت أسامح وأنسى الآسية”، لتحقق الأسطوانة أعلى مبيعات وقتها على الإطلاق، وينتشر اسم أم كلثوم مدويا في عالم الغناء.
السنباطي
تعاونت مع  الملحن رياض السنباطي في أغنية “على بلد المحبوب وديني” عام 1935، وقد ظل السنباطي يلحن لأم كلثوم ما يقرب من 40 عامًا، في عام 1946 غنت 3 قصائد من ألحان السنباطي وكلمات الشاعر أحمد شوقي، وهي سلوا قلبي، ولد الهدي، ونهج البرده.
في عام 1966 غنت من ألحان رياض السنباطي قصيدة “الأطلال” بالفصحى، كلمات الشاعر إبراهيم ناجي، وحققت الأطلال نجاحا مهما في هذه الفترة.
اتجاهها للسينما
اتجهت أم كلثوم  للسينما في بداية الأربعينيات، فقدمت 6 أعمال فنية منها عام 1935 فيلم وداد، ثم فيلم نشيد الأمل 1937، وفيلم دنانير عام 1939، ثم فيلم عايدة سنة 1942، ثم فيلم سلامة عام 1944، وفي عام 1948 كان آخر أفلامها فاطمة.
ثلاثية بيرم والشيخ زكريا
منذ عام 1941 بدأ تعاون ثلاثي مهم في حياة أم كلثوم بينها وبين الثنائي الملحن الشيخ زكريا أحمد والشاعر بيرم التونسي، فقدم لها الشيخ زكريا عددًا من الألحان الكلاسيكية من  كلمات بيرم التونسي، التي تُعد علامات في تاريخ كوكب الشرق إلى الآن، منها «الآهات، أنا في انتظارك، حبيبي يسعد أوقاته، أهل الهوى، عن العشاق»، كما لحن لها عددًا من أغاني أفلامها مثل «الورد جميل، غني لي شوي شوي»، وهكذا غنت أم كلثوم ما يقرب من 30 أغنية من لحن الشيخ زكريا  وأشعار بيرم  التونسي نذكر منها “أنا وأنت، إيه اسمى الحب، برضاك يا خالقي، أهل الهوى، سلام الله على الحاضرين، عيني يا عيني، في نور محياك، قل لي ولا تخبيش يا زين، كل الأحبة اتنين، نصرة قوية، هو صحيح الهوى غلاب، الأولة في الغرام”.
تعتبر فترة الستينيات من أهم الفترات بالنسبة لأم كلثوم، فهي أزهى عصورها الفنية على الإطلاق، كانت نقطة تحول في حياة أم كلثوم وبرغم أن أشهر أغانيها قد غنتها في تلك الفترة، فقد تعاونت  فيها  المبدع  الملحن  بليغ حمدي، ففي عام 1959 غنت “هجرتك” من كلمات أحمد رامي وألحان رياض السنباطي، وبدأت عام 1960 بأغنيتها الشهيرة “حب إيه”، أول تعاون بين أم كلثوم وبليغ حمدي، وبعدها “أنساك، ظلمنا الحب، سيرة الحب، بعيد عنك، فات الميعاد، ألف ليلة وليلة، حكم علينا الهوى”.
مجهودها الوطني
سارعت أم كلثوم  بعد استقبالها  لخبر النكسة عام 1967 بالتبرع إلى المجهود الحربي، إذ كانت من أوائل المطربين الذين أقاموا الكثير من الحفلات داخل مصر وخارجها للتبرع بأرباحها إلى المجهود الحربي، وغنت أغنيتها الشهيرة “أصبح عندي الآن بندقية”، وغنت أيضا أغنية “حبيب الشعب” لعبدالناصر بعد تنحيه وعودته ثانيا، لذلك حصلت عن جدارة لقب “فنانة الشعب” لعام ١٩٧٢.
أهم  جوائزها
نالت سيدة الغناء العربي أم كلثوم خلال مشوارها الفني العديد من الجوائز والأوسمة، إذ حصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1960م، ووسام الأرز من لبنان، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من سوريا، ووسام الجمهورية الأكبر من تونس، كما أهدتها مصر قلادة النيل وجواز سفر دبلوماسيا كأول جواز من نوعه يمنح لفنان، بالإضافة إلى جائزة الدولة التقديرية التي تنازلت عن قيمتها لصالح صندوق معاشات الفنانين.
الوداع يا ست
رحلت أم كلثوم في 3 فبراير لعام 1975 بعد صراع مع المرض، إذ أصيبت بمرض التهاب الكلى، وشيع جثمانها في جنازة مهيبة، وتناول خبر وفاتها الصحف العربية والعالمية، رددت النبأ في الصفحات الأولى بينما سيطر الوجوم على العرب، كانوا يعرفون أنهم فقدوا آخر رابط حقيقي بينهم، لقد فقدت مصر هرمها الرابع، وفقد العالم العربي كوكبه المشرق لقد ماتت أم كلثوم.
تم تشيع جنازتها فكانت جنازة مهيبة جدا، وتعد من أعظم 8 جنازات في العالم، إذ بلغ عدد المشيعين أكثر من 4 ملايين شخص، وكانت صيحة الجميع “الوداع يا ست”.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر