“عرض زج- زج”.. توثيق لواقعة عمرها 97 عامًا

“إن الأحداث من وحي خيال المؤلف، وليس لها أية صلة بالواقع، وأي تشابه بينها وبين الواقع ما هو إلا محض صدفة، وهي مجرد وجهة نظر”، هكذا يذكر المنشور الذي يوزع على حضور العرض المسرحي “زج-زج” بجمعية الجزويت بالقاهرة.

في الجيزويت وداخل استوديو ناصيبيان عُرض “زج-زج” وهو مسرح وثائقي قائم على واقعة تاريخية حدثت يومي 30 و31 مارس 1919، من خلال تمثيل وقراءة لوثائق الخارجية البريطانية والتحقيقات التي أجرتها الجهات البريطانية في مصر، وإعادة سرد التاريخ المرتبط بالواقعة.

أحداث العرض

تدور الأحداث حول وقائع قطار بريطاني قدم على السكك الحديدية أمام قرية نزلة الشوبك لإصلاح خطوط السكك الحديدية، التي تعرضت للاعتداء خلال أحداث 1919، وخلال ذلك تقدمت فرقة بريطانية بإدعاء البحث عن تموينات لهم، ليعتدوا على أهالي القرية بالقتل والاغتصاب والسرقة وحرق المباني.

وخلال المباحثات حول الواقعة حمل الوفد المصري كتابًا يسمى “الكتاب الأبيض” شمل تحقيقات السلطات المصرية حول الوقائع، ومن خلال ذلك فتح التحقيق بواسطة السلطة البريطانية.

العرض قدَّم مشاهد تمثيلية للتحقيقات مع سيدات من القرية تعرضن للاعتداء والاغتصاب وسرقة حليهن ونقودهن، وحرق منازلهن واصطحاب رجالهن إلى السجن، وإطلاق النيران على من حاول الهرب.

وقدمت المشاهد نصوص الأسئلة والأجوبة التي كانت تجرى من خلال مترجم أثناء التحقيقات، وأبرزت تغيير المترجم أثناء التحقيق لاستخدام لفظ متوافق مع أقوال السيدات حول التعرض للاعتداء الجنسي، وبعد تغيير المترجم برز لفظ “زج-زج” والذى استخدم كلفظ استخدمه المعتدين اثناء فعل الاغتصاب.

كانت التحقيقات تعمل على إبراز التناقضات في أقوال الضحيات وعدم معقوليتها أحيانا وتضارب أقوال الضحية الواحدة في أقوالها أثناء نفس التحقيق.

كما قارن العرض بين ما تعرضن له السيدات في عام 1919 والتحقيق معهن 1920، وبين ما يتعرض له السيدات فى المجتمع المصري حاليًا، وعن النظرة إليهن عند الإبلاغ عن تعرضهن لتحرش.

كما قُدم خلال العرض قراءات لبيانات وقرارات المحققين الإنجليز حول الوقائع، صاحبه أداء حركيًا يعكس إحساس الضحايا بالوقائع.

العرض صاحبه موسيقى لعزف الكمان تدرجت بين سرعة التحقيق وقدمت أغنيتين باللغة الإنجليزية “عشرة ملايين جندي ذهبوا إلى الحرب، وهنكي دنكي بارليه فو”  وأغنتين بالعربية “يمامة حلوة ” و “والله تستاهل يا قلبي”

وصاحب العرض عرضًا ضوئيًا في الخلفية لوثائق الخارجية البريطانية المأخوذ منها الأحداث.

العرض قُدم بالإنجليزية والعربية سواء خلال نصوص التحقيقات أو التعليق على الأحداث من الممثلين، وصاحب العرض ترجمة مكتوبة على لوح أعلى خلفية المسرح.

ﻴﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺍﻟﻭﺜﺎﺌﻘﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺒﺄﻨﻪ ﻴﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺘﻘـﺩﻴﻡ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﺒﺸﻜﻠﻬﺎ ﺍﻟﻔﺞ، ﺩﻭﻥ ﻭﻀعﻬﺎ ﻓﻲ ﺤﺒﻜﺔ ﺨﻴﺎﻟﻴﺔ، وﻴﺭﻓﺽ ﺇﻋﻁﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺭﻤﺯﻱ ﻟﻠﺤﺩﺙ، كما لا يعطي نظرة مسبقة إلى الحدث ويواجه المتلقي به مباشرة يكون رؤيته الخاصة.

ورغم التعليق على الحدث من المؤدين إلا أنه ترك للمتلقى تكوين رؤيته حول الشهادات المستغلة من أعضاء الوفد المصري عام 1919، ووضح أنه استند إلى جانب وثائقي واحد، هو وثائق الخارجية البريطانية دون الجانب المصري، الذى لم يستطيعوا الوصول إليها، بالإضافة إلى فتح الباب أمام المتلقى لرؤية أخرى وإعادة قراءة التاريخ.

والمسرح الوثائقي التسجيلي أشبه بالفيلم التسجيلي، فهو يقدم حدثًا تاريخيًا أو سياسيًا أو واقعة يستند فيها إلى الوثيقة كمادة أولية، وعرض زج- زج استند إلى وثائق الخارجية البريطانية وقدم قراءات منها وأعاد تمثيل التحقيقات الواردة في الوثائق، واستخدم الوثائق فعرضها بواسطة “بروجكتر” في خلفية العرض، مع إعادة تمثيل أو قراءة محتواها.

برز هذا النوع من المسرح فى مصر بعد ثورة يناير 2011 فقدم عرض حواديت التحرير لندى بسيونى شهادات من الثورة المصرية، وعرض دروس من الثورة ل ليلى سليمان،

قدم الممثلون في العرض إعادة محاكاة للتحقيقات بزي أشبه بالزي الموحد، فلم يكن هناك محاكاة لزي المحقق العسكري البريطانى ولم يكن هناك محاكاة لملابس الضحايا “الجلابية”، وكان تقديم الممثلة الواحدة لعدة أدوار في إعادة التمثيل بنفس الزي مُربك جدًا، فالانتقال بين دور الضحية ودور المحقق الذي يبحث عن تناقض الإجابات بنفس الممثلة غريب وأحيانا  أدوار أخرى.

العرض من إنتاج شيش بروكسل- القاهرة مع آخرين، وأداء نادية أمين ومنى هلا وريم حجاب وزينب مجدي ونانسي منير، ومن إخراج ليلى سليمان.

عن مخرج العرض

هي ليلى سليمان: مواليد 1981، خريجة الجامعة الامريكية، درست دراما ومسرح، وتهتم بالمسرح الوثائقي، وقدمت العديد من العروض منها: هوى الحرية- العراق محاصرًا- ناعوم يوالاس- منتجات مصرية- في الخدمة- صحوة ربيع في التوكتوك- دروس في الثورة- البيت الكبير، وحصلت على جائزة الحزب الاشتراكي الألماني عن مجمل أعمالها المسرحية عام 2011.

أما الجزويت

هى جمعية النهضة العلمية والثقافية، تأسست عام 1998، مقرها القاهرة، هو استوديو ناصيبيان القديم 15 ش المهراني الفجالة، وهي جمعية مهتمة بمجالات متعددة منها تنمية المجتمع والمسرح والسينما وغيرها.

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر