رغم تنوعها وتعددها.. المسابقات والجوائز الأدبية الثقافية سلاح ذو حدين

لا يخلو شهر من السنة إلا وسمعنا بحفل توزيع جائزة أدبية، فمع بداية العام الجديد وتحديدًا في شهر يناير، توزع جائزة ساويرس الثقافية، التابعة لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، في فروعها المختلفة سواء؛ أعمال روائية، أو مجموعات قصصية، أو سيناريو، أو نص مسرحي، أو نقد أدبي.
فيما ينتهي العام بحفل توزيع جائزة الشاعر أحمد فؤاد نجم في شعر العامية، تزامنًا مع ذكرى رحيله، بينما توزع باقي الجوائز الأدبية على شهور السنة الأخرى، فهناك جوائز المجلس الأعلى للثقافة في عدد من المجالات منها؛ جائزة شعر الفصحى والعامية، جائزة ألفريد فرج، جائزة المواهب الأدبية، جائزة نجيب محفوظ للرواية، وجائزة نجيب محفوظ التابعة للجامعة الأمريكية.
ولا يتوقف الحد عند جوائز ساويرس والمجلس الأعلى للثقافة، بل امتد أيضًا ليصل إلى صالون إحسان عبدالقدوس، الذي يطلق مسابقته السنوية في عدد من المجالات الأدبية وهي؛ القصة، الرواية، النقد القصصي.
ورغم تعدد وتنوع الجوائز الأدبية والمسابقات الثقافية، يظهر في الأفق عدد من التساؤلات؛ كيف يمكن أن تثري المسابقات الأدبية الحياة الثقافية في مصر، في ظل الاتهامات الموجهة لها؟، وما هي أبرز السلبيات التي من الممكن أن تواجهها تلك الجوائز؟ يجيب “ولاد البلد” عن هذه التساؤلات وأكثر في التقرير التالي:
بداية الرحلة
يرى الناقد الأدبي وأستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، حسين حمودة، أن الجوائز بشكل عام لها فوائد متعددة، خصوصًا إذا ذهبت إلى المبدعين والمبدعات في فترة أو مرحلة مبكرة من مسيرتهم الإبداعية، فالجوائز تلفت الانتباه إلى بعض الأعمال، وتنبه القراء إليها، بالإضافة إلى الجانب المادي الذي يمكن أن يكون مهمًا للكتاب، خصوصًا في وطننا العربي الذي لا يستطيع الكاتب فيه أن يعيش من خلال أعماله فقط.
صحيح أن هناك بعض الملاحظات التي يمكن  توجيهها إلى هذه الجائزة أو تلك، ولكن المؤكد أن هناك جوائز كثيرة تتسم بالنزاهة، وتحظى بالثقة والاحترام، وبالتالي يمكن أن يكون الحصول عليها محطة مهمة بالنسبة لمبدعين كثيرين ومبدعات كثيرات.
أفكار جديدة
ويشير الفائز بالمركز الأول عن أفضل نص مسرحي، بجائزة ساويرس الثقافية، عيسى جمال الدين، في حوار سابق لـ”ولاد البلد” إلى أن المسابقات الأدبية تساعد بشكل كبير في ظهور نوعيات جديدة ومختلفة من الكتابة.
ويتفق الفائز بالمركز الثاني بجائزة ساويرس الثقافية فرع الرواية، أحمد شوقي علي مع كل من؛ أستاذ الأدب العربي حسين حمودة، والكاتب المسرحي عيسى جمال الدين، ملتقطًا طرف الحديث موضحًا أن الجوائز مهمة للأديب، فهي بمثابة تقدير للنص وكاتبه، بجانب مساعدتها في انتشار النصوص الفائزة وتقديمها إلى شريحة كبيرة من القراء، ولكن من ناحية أخرى قد تكون مضرة للأدب في حالة أن يكتب الأديب نصًا يتوهم موافقته لمعايير لجان التحكيم في الجوائز.
همزة الوصل ورؤية الدار
وعن إمكانية تسهيل الجوائز الأدبية المتنوعة للتواصل بين دور النشر والفائزين يوضح صاحب دار الحلم للنشر والتوزيع والترجمة، إسلام فتحي، أن لكل ناشر توجه معين وفكر ورؤية خاصة به؛ فيضع رؤيته للعام المقبل سواء؛ بتبني أفكار، أو كتاب معينين. مؤكدًا أنه رغم وجود دور نشر تستهدف الفائزين بالجوائز الأدبية؛ كنجيب محفوظ، وأحمد فؤاد نجم، إلا أنه ليس من هؤلاء الأشخاص، مؤكدًا أن تعامله مع الكتاب سواسية.
واتفق مع ما قاله صاحب دار الحلم، المدير المسؤول بدار النهار للنشر والتوزيع، يوسف إبراهيم، الذي يؤكد لـ”ولاد البلد” أنه من الممكن أن توجه تلك المسابقات الأدبية نظرة الناشرين للفائزين بها، إلا أنه لا يهتم كثيرًا بتلك الجوائز؛ لاختلاف رؤيته وإصداراته عن طبيعة الإصدارات الفائزة.
وعلى صعيد آخر يقول صاحب دار نشر الربيع العربي أحمد سعيد أن الجوائز الأدبية تدعم الكاتب والعمل الفائز على جميع المستويات الأدبية والنقدية والإعلامية؛ لتسليط الضوء عليه في ظل موجة الكتاب الجدد؛ مما يجعل القراء متابعين لهذا الكاتب وفي انتظار أعماله المقبلة.
ويضيف لـ”ولاد البلد” أنه من الممكن أن تكون المسابقات الأدبية همزة الوصل بين الناشرين والفائزين؛ إذا ما توافقت الإصدارات الناجحة في المسابقة مع توجه دار النشر.
الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
وعن سلبيات الجوائز الأدبية؛ ينفي أستاذ الأدب العربي، حسين حمودة وجود سلبيات للمسابقات الأدبية، مؤكدًا لـ”ولاد البلد” أنه لا يتصور أن الحصول على الجوائز يمكن أن يكون له جانب سلبي، إلا في حالات نادرة مع كتاب أو كاتبات يصيبهم بعض الغرور، ولكن هذا الأمر لا يتعلق بفكرة الجوائز، وإنما يتصل بالضعف الإنساني الذي يمكن أن يكون قاسمًا مشتركًا عند بعض البشر ومنهم المبدعون.
وعلى صعيد آخر يستطرد  شوقي حديثه لـ”ولاد البلد” قائلًا: “الجائزة من الممكن أن تكون مجحفة في حق البعض. ففي النهاية تحتكم الجائزة لذائقة لجان التحكيم. ورغم أن لجان التحكيم قد تضم في عضويتها أسماء مرموقة، إلا أنها تختار ما تفضله من الأدب وتنحي ما دون ذلك، وأرى أنها أزمة حقيقية، وتعاني بعض الجوائز العربية منها بالفعل”.
وعن احتمالية عدم وجود قواعد لاختيار الفائزين أكد شوقي عدم اطلاعه على محاضر لجان تحكيم كل الجوائز، موضحًا أن هناك الكثير من الأعمال والتجارب المهمة لم تحصل على جوائز أدبية أو حصلت عليها بعد وقت طويل.
ومن جانبه اتفق إسلام فتحي مع ما أثاره شوقي، متابعًا حديثه لـ”ولاد البلد” أن الأعمال الفائزة في بعض المسابقات الأدبية، تعتمد على حيثيات بعيدة عن الكتابة الأدبية.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر