“رسومات الحج” بأيدٍ مسيحية

تصوير: أحمد دريم

ورشة صغيرة لا تتعدى بضعة أمتار، جدران متهالكة شقوق تغطيها صورًا لأعمال فنان يجلس وحيدًا، وبين شده وجذبه مع رسوماته تنحسر كُمّي قميصه لتظهر “الصليب” مرسومًا على يده.

يسري بولس سعيد، 43 عامًا- مدرس زخرفة بالثانوية الصناعية بمركز ساحل سليم، أشهر رسام في منطقته وربما في محافظته أسيوط، يبدأ استقبال طلبات الحجاج، الراغبين في تزيين منازلهم مع انتهاء عيد الأضحى من كل عام، وعودة الحجاج من بيت الله الحرام.

“رسومات الحج زفة الحاج”.. هكذا يصف بولس رسومات الحجاج وبأنها أكثر ما يعبر عن بهجة الحجاج، متابعًا “الرسم على منزل الحاج من الطقوس الأساسية لجميع الحجاج، التي تعبر عن الفرحة ووسيلة للإشهار أن في ذلك المنزل حجاجًا، خاصة في الأرياف والقرى، لذلك أتلقى طلبات أهل بيت الحاج في الرسم قبل عودة الحاج من الحج بيومين على الأكثر أو بعد عودته مباشرة”.

مع اختلاف الرسومات وتنوعها يبدع بولس في تحديد ما يتناسب مع المساحة المرسومة، يقول إن الحاج هو من يحدد مساحة الرسمة، وعلى أساس ذلك يتخيل هو المساحة المطلوبة، والتي تتنوع ما بين رسومات حديثة وقديمة.

يتابع أن الرسومات الحديثة هي التي يشترط فيها رسم الكعبة، ووسائل المواصلات في الذهاب والعودة، سواء أكانت طائرة أم باخرة، وأيضا كتابة آية قرآنية وأحاديث نبوية، إضافة إلى تحديد التقويمين الهجري والميلادي.

أما القديمة فهي تلك التي تتسم بالبساطة والهدوء، مثل رسومات الجمل وفرع شجرة أخضر أو حمامة بيضاء وغير ذلك.

قبل أن نصل إلى ورشته، توجهنا مع الفنان إلى منزل الحاج رمضان، الذي يحتوي على رسومات فنية من أعماله.

“مشهور بأيده النظيفة في الرسم”.. هكذا يعلل رمضان أحمد سيد، مأذون قرية الغريب، سبب اختياره بولس، لرسومات الحج على جدران منزله، قائلا “بعد عودتي من الحج في عام 2004 طلبت منه رسومات فنية في “المندرة” على مساحة واسعة، ولم أحدد له رسمه معينة، إلا أني طلبت منه كتابة آيات قرآنية، وفي غضون يومين كان بولس انتهى من الرسومات تمامًا بشكل متقن.

في ورشة الفنان يمسك بولس ورقة وقلم رصاص ليرسم أهم ما يتطلب إجراء الرسومات والتنسيق، فالأمر يتطلب تنسيقًا وتوازنًا ببين الجانبين الأيمن والأيسر، كما يجب أن تكون الكعبة في المنتصف، وعلى اليمين حديث وآية قرآنية، ويقابلهما نفس الأمر في الجانب الآخر، حفاظًا على التوازن.

يشير إلى الصعوبات التي يواجهها أثناء الرسم وهي الارتفاع العالي أي الرسم في الأدوار المرتفعة، لأنه يتطلب منه الصعود على سلالم لكي يصل إلى المساحة المقصودة “أنا عملتها مرة واحدة وطلعت على سقالة للدور التالت ولم أكررها مرة أخرى”، وأيضا عدم ترك الحرية للفنان في الإبداع “ينقصنا في الأرياف اللمسة الفنية في الشغل والتي يعكسها دائما المساحة والتي قد تضيع بعد الملامح الفنية للرسمه”، فضلا عن ارتفاع أسعار الألوان الزيوت المستوردة، مما يضطره إلى استخدام ألوان المياه المتاحة لكنها “بتدي شغل مش جودة”.

اقرأ أيضا

مشاركة
المقالات والآراء المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع بالضرورة، بل تعبر عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر