رحلة المسرح المستقل في معرض «مَرينا» بمعهد جوته

يتواصل في معهد جوته بشارع البستان معرض «مَرينا» الذي يؤرخ لتاريخ المسرح المستقل المصري في التسعينيات. يستمر المعرض الذي تنظمه المخرجه منال إبراهيم حتي 16 مارس القادم، ويقام على هامشه عدد من الندوات والفعاليات الثقافية، حيث يعرض في السادس من مارس فيلم “الورشة” الذى انتجته شركة ولاد البلد للخدمات الإعلامية، ويعقبه لقاء مع الفنان حسن الجريتلي.

في المعرض توثق منال إبراهيم ما يزيد عن 300 عمل مسرحي للتيار المستقل. من خلال صور، بوسترات ، و«البامفلت». ولتحكى من خلال هذه المادة  جزءا  من تاريخ الحركة المسرحية من خلال تجربة مجموعة من فناني الأداء المستقل في مصر.

«مَريت» و«مَرينا»

كانت أوراقها المبعثرة في مكتبة المنزل -والتي احتفظت بها على مدار ما يزيد عن 40 عام- وسيلتها لتقديم المعرض الذي   يحكي جزءا من تاريخ الحركة المسرحية من خلال تجربة مجموعة من فناني الأداء المستقل في مصر.

تقول منال: “التجربة الشخصية ومشاركتي في 50 عرض مسرحي ومعاصرة العروض المسرحية بألوانها المختلفة، كانت وسيلتي لتقديم معرض توثيقي عن المسرح المستقل بصورة شبه متكاملة، عن طريق جزءين منفصلين، الأول عبر تقديم معرض «مَريت» في مارس 2021. وأشارت إلى أنه كان ذو مضمون مستقل، ذاتيا لتوثيق رحلتها الشخصية في المسرح وضم الأعمال التي تأثرت بها مع بعض أعمالها وأخرى تأثرت بها على مدار عشر سنوات منذ عام 1990 حتى عام 2000”.

وتابعت: الجزء الثاني هو معرض «مَرينا» لتتغير الصيغة الفردية إلى أخرى جماعية وصفًا لتجربة المعرض الحالي الشاملة، كأن الكاميرا أصبحت ذات زاوية أوسع، وحاولت من خلال المعرض تغطية المسرح المصري المستقل على مدار الفترة الزمنية منذ عام 1984 حتى عام 2004 قبل دخول الإنترنت مصر بشكل رسمي.

صور من معرض مَرينا
صور من معرض مَرينا

 

الذكرى الأخيرة

يجد زائر المعرض الفرصة للإطلاع على البيانات الكاملة للعديد من العروض المسرحية التي لم يتم توثيقها طوال السنوات الماضية. وتوضح: “بعض العروض تم تقديمها على مدار أعوام وشهور ولكن لم يتم توثيقها، ولا توجد لها نسخة تليفزيونية، فتصبح مسرحيات بدون وجود مادي، وعدد قليل من المسرحيات تم تسجيلها”.

سعت منال عبر المعرض إلى عرض الذكرى الأخيرة لهذه الأعمال عبر أوراق البانفليت. وكم كبير من الصور الأصلية، تجسد من خلالها رحلة طويلة من جمع هذه البيانات، ويقدم المعرض كل الأوراق والصور أصلية عدا لوحة واحدة فقط تم تصوير وطباعة البانفليت الخاص بها لصعوبة إرسالها.

تطور طرق الدعاية

“البامفلت” المحتوى الأساسي للمعرض، هو الكتيب الدعائي أو مطبوعات ورقية كان يتم توزيعها للدعاية عن العمل المسرحي، متضمنة اسم العمل وفريق العمل بالكامل بالإضافة إلى العنوان وبعض الرسوم. أما عن محتويات المعرض، رحلة التوثيق في المعرض الأول كانت مقتنياتها الشخصية. أما المعرض الحالي ضم العديد من مقتنيات المتحمسين لفكرة المعرض بالإضافة إلى بعض الأوراق الخاصة بها.

رغم اقتنائها أوراق العروض على مدار ما يزيد عن 30 عاما. إلا أن التخطيط للمعرضين جاء عن طريق الصدفة، وتتابع: “أخرجت العديد من الأعمال المسرحية وحضرت أعمالا أخرى، وعلى مدار هذه السنوات احتفظت بأوراق البامفلت ولكن بطريقة عشوائية في مكتبة المنزل”. وكانت فترة الإغلاق خلال انتشار فيروس كورونا سببا في إعادة تنظيم المكتبة والعثور على كم كبير من الأوراق التي تعد التوثيق المادي الأخير لبعض العروض المسرحية.

وتوضح: “البانفليت في الثمانينات كان 90% منه مرسوم يدويا مع توزيع عدد محدود جدا لا يتجاوز 15 نسخة فقط. وبعد ذلك يظهر استخدام الآلة الكاتبة، ثم الطباعة بالألوان”. لتصبح هذه الوسيلة شيئا من الماضي بتطور الطباعة وقلة التكلفة، والاتجاه لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الدعاية. وعن رأيها تقول: “الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطور طبيعي وهي أداة لابد استخدامها لمواكبة تطلبات العصر”.

 

البامفليت والسوشيال ميديا

سألناها: هل تعد مواقع التواصل الاجتماعي سببا في العزوف عن حضور العروض المسرحية؟”. أجابت : “يقدم المسرح العديد من الأعمال بشكل دوري، ولكن التركيز أصبح للعروض السريعة. كذلك لم يعد المسرح لافتا مثل السابق، لأن قديما كانت وسائل محددة مسرح وتليفزيون وراديو. أما الآن تشغل مواقع التواصل الاجتماعي حيزًا كبيرًا ولم يعد الذهاب للمسرح فكرة في الأولويات للكثير”.

أوضحت أن عروض “الإستاند أب كوميدي” المضحكة لا تندرج تحت بند المسرح. وعلى حد وصفها المتحدث “مؤدي” لكنه ليس عمل مسرحي نظرا لغياب الدراما التي تعد الأساس. وتضيف: “عروض الباليه مسرح لأنها تتضمن دراما”.

تسعى منال لتقديم المعرض في أكثر من مكان، ليجوب محافظات مصر. بالإضافة إلى جمع المادة الأرشيفية وتوثيقها في كتاب عن التيار المستقل للمسرح. وتقول: “مازالت المادة قيد الدراسة والبحث والتوثيق وحال اكتمالها سأقدمها في كتاب”.

التيار المستقل

يهدف المشروع إلى إلقاء الضوء على بعض نماذج تيار التجديد المسرحي في فترة التسعينات والذي ساهم بشكل كبير في إثراء الحركة المسرحية وتكوين تيار قوي. وتوضح: “التيار المستقل موجود منذ التسعينيات، ووجود مهرجان مخصص له وهو المهرجان الحر للمسرح المستقل. وأقيمت دورته الأولى في عام 1991، مع انقطاعه منذ عام 2014″.

وتابعت: ساهمت أعمال التيار المستقل، المعروف أيضا بتيار التجديد المسرحي في فترة التسعينات، في إثراء الحركة المسرحية بأعمال الفنانين والتي أثرت لفترة طويلة على شكل وآليات العمل المسرحي في مصر. وأثرى الفنانون الأفكار والتجارب، وتعاونوا على خلق مساحات خاصة مغايرة للواقع السائد وقتها من مسارح وعروض كلاسيكية، وتبادلوا المعرفة بشكل كبير، وأثروا الساحة الفنية وغيروا شكلها وأساليبها مع الوقت.

شهد التيار المستقل عدد زاخر من الفرق والعديد من المواهب التي احتلت مساحة كبيرة من تاريخ المسرح والفن المصري الحديث. كانت كـ”قوس قزح” من التنوع والثراء الفني، مثل فرقة “عرايس” وفرقة “ماريونت” للعرائس، وفرقة “مسحراتي” لعبير علي. وتتابع من فنانين التيار المستقل، خالد الصاوي، عبلة كامل، خالد الصاوي، خالد صالح، فتحي عبدالوهاب، مصطفى شعبان مع خالد جلال في فرقة “لقاء” وممدوح مداح في فرقة “الحركة”.

المهرجان الحر للمسرح المستقل

الفرق المستقلة شهدت غياب الانسيابية التي كانت على مدار التسعينيات والألفينات حتى عام 2004. بينما ضم المهرجان المستقل الأخير حوالي 10 فرق منها “الضوء” و”المسحراتي” و”الشنطة”. قدم المهرجان الحر الأول 10 عروض على مدار خمسة أيام. والثاني والثالث ضم 20 عرضا. فيما تمتعت فترة التسعينيات بإنتاج كبير ليس للمستقلين فقط، ولكن أيضا قصور الثقافة.

لقاءات فنية

يعقد على هامش المعرض عدد من اللقاءات باللغة العربية عن التيار المستقل وتقام في ستوديو “تخشينة” بمعهد جوته القاهرة، لتسليط الضوء على المسرح المستقل غير الموثق، وهي:

– الأحد 27 فبراير:

طارق سعيد: التيار المستقل.. البدايات.

– الخميس 3 مارس:

أحمد مختار:  مسرح الجامعة والمستقلين.

– الأحد 6 مارس:

حسن الجريتلي: مشوار الورشة

اقرأ أيضا

هنا اختبأ السادات ليلة قيام الثورة: في وداع سينما فاتن حمامة

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر