ذهب الكرنك يبوح بأسراره: قطع أثرية نادرة في معرض بمتحف الأقصر

افتتح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، محمد إسماعيل، أمس المعرض المؤقت «حلي ذهبية من الكرنك» بمتحف الأقصر، والذي يضم مجموعة نادرة من الحلي الذهبية التي جرى اكتشافها خلال أعمال حفائر البعثة الأثرية المصرية الفرنسية في منطقة معابد الكرنك. ويأتي هذا المعرض كنتاج لجهود مشتركة بين المركز المصري الفرنسي لدراسة معابد الكرنك ووزارة السياحة والآثار، ويُعد إضافة مهمة للتراث الأثري المصري.
العثور على الكنز
تم العثور على الكنز في القطاع الشمالي الغربي لمعابد الكرنك، تحديدًا في منطقة المتحف المفتوح، خلال حفائر بدأت في نوفمبر من العام الماضي. وفي فبراير الماضي، تمكنت البعثة من العثور على جرة فخارية صغيرة بحالة حفظ جيدة. تحتوي على مجموعة من القطع الأثرية الذهبية التي تشمل خواتم مصنوعة من الذهب ومعادن أخرى، تمائم ذهبية صغيرة على أشكال حيوانات مثل الضفادع، البط، والذبابات التي كانت تُعتبر رموزًا دينية أو جالبة للحظ في العصر الفرعوني. كما شملت القطع بروشا معدنيا ودبوس زينة مكونا من 21 خرزة، بعضها مطلي بالذهب.
أوضحت الدكتورة منى عبادي، عضو المركز المصري الفرنسي، أن هذه القطع تعود إلى بداية الأسرة السادسة والعشرين (664–525 ق.م)، وهي فترة تميزت بازدهار الصناعة والحرف اليدوية في مصر القديمة. مشيرة إلى أنه لا يوجد اسم محدد يُعرِّف مالك هذه المجموعة، لكنها على الأرجح كانت ملكية خاصة لشخص من النخبة أو كهنة المعبد، إذ يُعتقد أن الجرة خُبئت أثناء انهيار مبانٍ من الطوب اللبن بسبب حدث مجهول، ربما حريق أو زلزال. ويعد هذا الاكتشاف نادرًا. حيث لم يتم العثور على قطع ذهبية بهذه الكمية منذ فترة طويلة.
الثالوث الإلهي
يعد العنصر الأبرز في هذا الكنز هو الحلية الذهبية التي تصور الثالوث الإلهي في معبد الكرنك. يظهر في هذه الحلية الإله العظيم آمون رع، إله الكرنك، في المنتصف وهو يرتدي تاجه التقليدي الذي تعلوه ریشتان طويلتان. يحيط به من اليسار زوجته الإلهة “موت”، مرتدية التاج المزدوج لمصر العليا والسفلى. ومن اليمين يظهر الإله الابن خنسو، الذي يمكن تمييزه برأس الصقر يعلوه قرص القصر.
وقد صنعت هذه الحلية بعناية فائقة، فالوجوه شديدة التعبير والمآزر مشغولة بتفاصيل دقيقة. وكذلك عقد آمون والخرزات التي تزينه يعد هذا النوع من القطع مثالاً نموذجيا للثالوث الذي يمثل العائلات الإلهية المصرية. والتي أنتجت خلال الألفية الأولى قبل الميلاد.
كما يحتوي كنز الكرنك أيضًا على إشارات أخرى لهذه الآلهة، منها خاتم من الشبت الأخضر منقوش عليه صيغة عيد رأس السنة تمدح الإله آمون، وخاتم ذهبي آخر يحمل اسم الإلهة “موت” مع لقب مرتبط بمواكب النيل.
خرزات وتمائم
ويتضمن الكنز أيضا مجموعة متنوعة من القطع النفيسة، مثل خرزات بأحجام مختلفة مصنوعة من الذهب أو مطلية به. وتمائم تمثل أشكالاً حيوانية مصنوعة من الأحجار شبه الكريمة مثل البط والضفادع. ويرجح أنها كانت جزءا من عقد أو أكثر، بالإضافة إلى خواتم.
وتظهر في الحلية الذهبية الصغيرة والدقيقة جدا صورة لإلهة على هيئة لبؤة. قد تكون سخمت أو موت، وهما من الإلهات المرتبطات بقوة بمنطقة الكرنك. وتعد سخمت من أبرز الآلهة المجسدة في التماثيل المحلية بالكرنك، ورؤوس اللبؤة المعروضة في متحف الأقصر من أبرز الأمثلة على ذلك.
تطوير معابد الكرنك
أوضح الدكتور محمد إسماعيل، أمين المجلس الأعلى للآثار، أن هذا الاكتشاف يأتي ضمن مشروع تطوير ضخم لمعابد الكرنك. بالتعاون بين مصر وفرنسا. يشمل تطوير المتحف المفتوح بالكرنك، تحسين خدمات الزيارة عبر تحديث مسارات الزائرين وتركيب نظام إضاءة متطور، وترميم مقصورة الملك أمنحتب الأول وإعادة تركيبها. مما يسهم في تعزيز التجربة السياحية لجذب المزيد من الزائرين المحليين والدوليين.
وتابع: كما يسلط الكشف الضوء على الفنون والحرف في عصر الأسرة السادسة والعشرين. ويؤكد ثراء منطقة الكرنك الأثرية، والتي لا تزال تخبئ العديد من الأسرار. مما يعزز مكانة الأقصر كعاصمة للتراث العالمي، ويفتح الباب لدراسات جديدة حول الحياة الاجتماعية والدينية في تلك الفترة.
اقرأ أيضا:
«العالم يد واحدة»: زوجان أمريكيان يصلان للأقصر بعد زيارة 26 دولة