دعم «المهرجانات السينمائية».. أزمة تبحث عن حل

تؤرق فكرة توفير الدعم اللازم لإقامة مهرجان سينمائي دولي متكامل يستقبل ضيوف السينما من بلدان مختلفة، القائمين على تنظيم هذه المهرجانات، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها العالم خلال السنوات الأخيرة. ويختلف كل مهرجان عن الآخر من حيث اسمه وجمهوره وتأثيره ومدينة إقامته، وكلها عوامل قد تؤثر في مدى توفر الدعم اللازم.

وتواجه بعض المهرجانات مشكلات تتعلق بالدعم، مما ينعكس على الفعاليات المخطط لها. وكان آخرها إعلان إدارة مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، قبل أيام من حفل افتتاح الدورة الـ11 التي أقيمت في 27 إبريل الماضي واستمرت حتى الثاني من مايو 2025، عن سحب هيئة تنشيط السياحة للدعم المخصص للمهرجان منذ سنوات، دون إبداء أسباب واضحة. وقد أثار هذا الإعلان تساؤلات جمهور المهرجان ووسائل الإعلام والصحافة حول سبب هذا القرار.

سبب منع دعم مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير

قال المخرج محمد محمود، رئيس المهرجان، خلال نقاش مفتوح على هامش فعاليات الدورة الـ11، إنهم اكتشفوا أن السبب الرئيسي لتوقف الدعم هو حدوث تغيير في المواقع الإدارية للمسؤولين عن صرف الدعم للمهرجانات السينمائية داخل الهيئة العامة لتنشيط السياحة، مما أدى لتوقف دعم هذه الدورة.

وأضاف: “لكن الضغط الجماهيري على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام إزاء هذه المشكلة، أدى إلى مراجعة الأمر وصرف الدعم في النهاية، وهو ما يدل على التأثير الجماهيري والفني الكبير الذي أحدثه المهرجان”.

وأوضح رئيس المهرجان أن الدعم المقدم حاليا أقل مما يستحقه المهرجان، نظرا لكونه مهرجانا شبابيا أحدث تأثيراً كبيراً وله قاعدة جماهيرية واسعة. وتابع: “كنا في الدورات الأولى نعرف الناس في المقاهي بمنطقة كوم الدكة بعروض وفعاليات المهرجانات. أما اليوم فالجمهور كله يعرف المهرجان وينتظره، بالإضافة إلى تأهل الأفلام الفائزة فيه إلى جائزة الأوسكار”.

الناقد السينمائي التونسي "إقبال زليلة"
الناقد السينمائي التونسي “إقبال زليلة”
الدعم الحكومي للمهرجانات

قال الناقد السينمائي التونسي إقبال زليلة، في تصريح خاص لـ«باب مصر»: “من المتعارف عليه أن الدعم الحكومي يخصص عادة للمهرجانات الكبرى التي تعبر بشكل ما عن سياسة الدولة. بينما تعتمد المهرجانات السينمائية الأصغر بشكل أساسي على دعم القطاع الخاص”.

واستطرد: “أثناء عملي في الإدارة الفنية لمهرجان قابس في تونس، وهو من المهرجانات السينمائية الأصغر نسبيا. كانت النسبة الأكبر من التمويل تأتي من أحد رجال الأعمال. بشرط أساسي هو عدم تدخله في برمجة المهرجان أو اختيار الأفلام. ويعد مهرجان قرطاج في تونس أكثر المهرجانات السينمائية التي تضخ فيه الدولة مبالغ لا بأس بها مقارنة بغيره في المدن الأخرى”.

ويقر «زليلة» بأن رجال الأعمال في تونس غالبا ما يستثمرون في مجال الرياضة، وخاصة كرة القدم، مشيرا إلى أن الوعي بأهمية دعم القطاع الثقافي والفني بحاجة إلى تطوير. ويرى أنه من السذاجة في وقتنا الحالي الاعتماد الكلي على الدعم الحكومي، في ظل الوضع الاقتصادي العالمي. وأن هناك أسبابا سياسية أحيانا خلف قرارات دعم المهرجانات السينمائية. وفقا لمعايير كل دولة. ومن الطبيعي أن تمنح بعض المهرجانات دعما أكبر من غيرها داخل الدولة نفسها.

يضيف زليلة أن الدولة في تونس تدعم بشكل كبير المهرجانات الصيفية التي تقام في مختلف المدن. والتي تتضمن أشكالا فنية متنوعة مثل المسرح، والموسيقى، والغناء، والرقص، وغيرها. وتساءل: “لا أعلم بالتحديد ما إذا كانت تكلفة هذه المهرجانات تضاهي تكلفة المهرجانات السينمائية”.

حلول لتوقف الدعم الحكومي للمهرجانات

أشار الناقد إقبال زليلة إلى أنه في حالات التدهور الاقتصادي، نلجأ أحيانا إلى بعض الحلول العملية، مثل تقليل عدد الضيوف، ومراقبة الأسعار وتوقيت تذاكر الطيران، أو تغيير أماكن بعض العروض، ومستوى الإقامة. وتقليص عدد الصحفيين والإعلاميين المدعوين، أو تخفيض فترة إقامة الضيوف. وكل هذه الحلول قد تكون لها تبعات سلبية على صورة المهرجان.

وأوضح: “لا يوجد مهرجان في العالم، مهما بلغ حجمه، لا يعاني من مشكلات مالية، باستثناء مهرجان “كان” السينمائي. الذي يعد أهم حدث سمعي بصري في العالم بعد كأس العالم لكرة القدم. ويقام سنويا بإمكانات ضخمة، ولا يقتصر على المسابقات الرسمية فقط، ولكنه سوقا سينمائيا كبيرا”.

وقد أعلنت إدارة مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير، في حفل ختام دورة هذا العام، أن عدد الجمهور تجاوز 10 آلاف شخص. وأن نسبة الأفلام المتقدمة للمشاركة زادت بنسبة 200% مقارنة بالعام الماضي.

ومن جانبه، أشار المنتج السينمائي شرف الدين زين العابدين، رئيس مهرجان الداخلة السينمائي في المغرب- على هامش فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي للفيلم القصير- إلى أن مشكلة تمويل المهرجانات موجودة في كل العالم العربي. وأن المشكلة الكبرى تتمثل في غياب اهتمام القطاع الخاص بالثقافة. مما يوجب على الدولة أن تساهم في حل هذه المشكلة. كما دعا المهرجانات السينمائية إلى ضرورة التفكير في توفير مصادر تمويل ذاتية.

اقرأ أيضا:

«محمود حميدة» في ندوة أرشفة التراث: التراث ليس للفخر فقط بل للتأمل

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.