ختام فعاليات مؤتمر «2025 IASTE».. كيف تحافظ الإسكندرية على هويتها الحضارية؟

بعد أربعة أيام متواصلة، انتهت فعاليات المؤتمر العشرين للمنظمة الدولية للبيئات التقليدية «IASTE 2025» في مدينة الإسكندرية، والذي تضمن أكثر من 30 جلسة نقاشية وندوات عامة، قدمت خلالها 145 ورقة بحثية، عرضها باحثون من مختلف أنحاء العالم حول موضوع “الكوزموبوليتية والتراث”. وقد احتضنت مكتبة الإسكندرية هذا الحدث، ونظمه قسم العمارة بكلية الهندسة في جامعة الإسكندرية.

أفضل ورقة بحثية في مؤتمر “IASTE”

قال الدكتور مارك جيلام، رئيس منظمة “IASTE” المشرفة على تنظيم المؤتمر منذ تأسيسها عام 1988، إن الجولات الميدانية التي أقيمت على هامش المؤتمر هدفت إلى تعريف الباحثين من مختلف أنحاء العالم بتراث وتاريخ مدينة الإسكندرية. داعيا الجميع إلى إعداد أبحاثهم للمؤتمر القادم 2026، الذي سيعقد في مدينة شنغهاي بالصين.

فيما أعلن الدكتور هشام عيسى، في ختام المؤتمر، عن فوز الدكتور نبيل محارب، الأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بجائزة “جيفري كوك” لأفضل ورقة بحثية. والتي كانت بعنوان: “استعادة تقاليد الإسكندرية العالمية: الملاحة في الصراع بين الإقليمية والتراث الحضري”. تناولت الورقة الطابع الكوزموبوليتي لمدينة الإسكندرية، الغنية بالثقافات. والتي تواجه تحديات الحفاظ على هويتها الحضارية في ظل تطور سريع وتحولات نحو الحداثة.

استكشف البحث التفاعل المعقد بين الماضي العالمي للإسكندرية، المنعكس في أنماطها المعمارية المتنوعة وأماكنها العامة النابضة بالحياة، وبين التغيرات العمرانية الراهنة. وأشار إلى التدمير الواسع للفيلات والمباني القديمة متوسطة الارتفاع، واستبدالها بهياكل شاهقة ذات كثافة عالية. مما يغير ملامح المدينة ويمحو طابعها المعماري. ويسعى البحث إلى الإسهام في الخطاب المعماري العالمي حول الحفاظ على التقاليد في ظل التحولات السريعة. عبر اقتراح استراتيجيات توفق بين ضرورات النمو والحفاظ على التراث المعماري والثقافي الثمين للإسكندرية.

وقد حظيت أيضا عدة أبحاث من مختلف دول العالم بإشادة اللجنة المنظمة للمؤتمر.

أفضل ورقة بحثية في المؤتمر
أفضل ورقة بحثية في المؤتمر
الدورة السابقة للمؤتمر في الرياض

قال الدكتور حمد الصعيري، أستاذ بجامعة الملك سعود وعضو اللجنة الاستشارية للمنظمة الدولية للبيئات التقليدية، ومدير النسخة السابقة للمؤتمر الذي أقيم في مدينة الرياض، في تصريح خاص لـ«باب مصر»: “المؤتمر يجمع بين الأكاديميين والباحثين، وتعرض خلاله الأبحاث المرتبطة بموضوع كل دورة، الذي يعلن عنه قبل فترة من انعقاد المؤتمر. ومن الآن نعلم موعد ومكان الدورة القادمة التي ستقام في يونيو 2026 بمدينة شنغهاي، ليبدأ الباحثون في إعداد أوراقهم”.

وأضاف أن اختيار المدن المستضيفة للمؤتمر يتم من خلال تقديم طلب رسمي للجنة الاستشارية، مرفقا بخطة الاستضافة، ومن ثم تختار اللجنة المدينة الأنسب.

وتابع «الصيعري»: “شاركت هذا العام في إدارة جلسة حول التنوع في المجتمعات من منظور مختلف، وتنوعت الأوراق البحثية بين تناول السينما للتراث، وعدم العدالة في التعددية، والتنوع في بعض المجتمعات، وفكرة الكوزموبوليتية المثالية التي يطمح إليها عدد من المجتمعات، لكنها غير ملموسة واقعيًا. هذا بالإضافة إلى حضوري العديد من النقاشات والعروض التي تميزت بالتنوع والاختلاف”.

نموذج لمنطقة تراثية معرضة للخطر

قالت فاطمة صيلا، الباحثة الليبية في جامعة ليدز البريطانية بقسم الهندسة المعمارية، إن من متطلبات الدراسة في الجامعة تقديم أوراق بحثية في مؤتمرات عالمية، وهذا المؤتمر يتوافق تماما مع موضوع دراستها. التي تتناول تقييم إدارة المخاطر للمواقع التراثية في ليبيا.

وأضافت: “الورقة البحثية التي قدمتها تناولت أداء مؤسسات التراث في ليبيا، وتناولت مدينة غدامس التي أُدرجت في قائمة التراث العالمي منذ عام 1986، وهي مدينة طينية تقع وسط الصحراء، يعود تاريخها إلى أكثر من 4000 عام، وكانت ممرا لقوافل التجارة والحج. وتحتوي على آثار رومانية وفينيقية. وهي مدرجة حاليا ضمن قائمة التراث المعرض للخطر منذ عام 2011.

وأكدت فاطمة عدم وجود أي محاولات حقيقية من الدولة للحفاظ على المدينة. ولذلك اختارت التركيز عليها في بحثها، خاصة وأنها مدينتها الأم. وقبل مغادرتها إلى بريطانيا كانت قد أسست جمعية خيرية باسم “مركز عيون غدامس القديمة”. لتمثيل صوت المعارضة والدعوة للحفاظ على المدينة.

وأوضحت أن أبرز توصيات بحثها تضمنت تحديث قانون حماية التراث في ليبيا، الذي لم يحدث منذ عام 1993، ولا يتماشى مع المتغيرات الحالية، بالإضافة إلى ضرورة تعديل المناهج التعليمية، التي لا تتطرق إلى مفاهيم التراث والحفاظ عليه في جميع المراحل التعليمية.

الباحثة الصينية "تشيواني لين"
الباحثة الصينية “تشيواني لين”
دراسة السينما والطعام كعوامل تراثية

قدمت ميرنا ميخائيل، من الجامعة الألمانية بالقاهرة، ورقة بحثية تناولت كيف تغيرت صورة منطقة وسط البلد بالقاهرة في السينما منذ الثلاثينات وحتى اليوم، مع مقارنة بمدينة باريس، وناقشت ما إذا كانت التغيرات مراحل طبيعية أم أوجه اختلاف جوهرية.

ركزت الورقة على تطور نمط حياة سكان المدينة واختلافه عبر العقود. وعن زيارتها للإسكندرية، قالت ميرنا: “أحب الإسكندرية كثيرا. وهذه أول مرة تتاح لي فرصة المكوث فيها عدة أيام متواصلة. ولكن إذا اختلف التعامل مع المدينة ستكون أجمل. فهي تضم أماكن مميزة كثيرة لا تحظى بالاهتمام الكافي، بينما نرى مدنا عالمية أقل منها قد استطاعت إبراز وتجميل معالمها”.

كما ناقشت الباحثة الصينية “تشيواني لين”، من جامعة ليدز، ورقة بحثية عن سياحة الطعام. درست فيها كيف يتم إعداد أماكن الطعام وأنواع المأكولات. التي تمثل عنصرا جاذبا للسياح في مناطق عدة داخل الصين.

وعن زيارتها الأولى لمصر ومدينة الإسكندرية، قالت: “أعجبت بالمدينة كثيرا، ولكنها تحتاج لبعض النظام. فلم أستطع في عديد من الأوقات عبور الطرق والسير بجوار السيارات. ولكنها تمتلك العديد من الأماكن المباني التراثية الجميلة”.

اقرأ أيضا:

كيف أصبحت الإسكندرية حلما؟ الروائي «إبراهيم عبدالمجيد» يُفسر

مشاركة
زر الذهاب إلى الأعلى
باب مصر
إغلاق

Please disable Ad blocker temporarily

Please disable Ad blocker temporarily. من فضلك اوقف مانع الاعلانات مؤقتا.